خمس وزارات تشكلت فى مصر خلال 3 سنوات، منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، أولاها وزارة الفريق أحمد شفيق ومروراً بوزارات عصام شرف ثم كمال الجنزورى وهشام قنديل، وأخيراً حكومة حازم الببلاوى التى أعلنت استقالتها.. وجاءت الوزارة السادسة بقيادة محلب، والشعب فى الانتظار بعد حلف اليمين يتأرجح بين ذكريات مؤسفة مع حكومات سابقة، وأمل يتجدد بتحقيق بعض من أحلامه وحل بعض مشكلاته، فهل تتحقق المعجزة؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعلم أن البداية من الاقتصاد، إذا تعافى الاقتصاد وازدهر تحققت المعجزات. ومعروف أن الدولة تتدخل فى الاقتصاد بجهازها الحكومى بقيادة وزارة المالية، وبجهازها المصرفى بقيادة البنك المركزى من أجل توجيه الاقتصاد وجهة معينة يتحقق معها أهداف قومية ملحة تتراوح بين تحقيق الاستقرار فى الأسعار، ونمو فى الدخل القومى، وتحقيق معدلات مقبولة فى التشغيل أو مكافحة البطالة.. أما الهدف الأسمى، فيتمثل فى محاربة الفقر أو رفع مستوى رفاهية المواطن. وانطلاقا من مبدأ أن التنمية والنظام ينبغى أن يخدما الفرد وليس العكس، وحيث إن المواطن البسيط لا يفهم فى لغة الأرقام ولا يدرك خوارزميات المؤشرات الاقتصادية إنما فقط يفهم فى مدى ما يشعر به من تحسن فى أحواله المعيشية، متمثلة فى مجالات التعليم والصحة والإسكان والوظيفة والمأكل والمشرب، وبقية الخدمات العامة الأخرى...إلخ، فيجب أن تحقق سياسات من يحكم فائدة ملموسة للمواطن البسيط، فما فائدة زيادة الدخل فى ظل نظام ضريبى فاشل، ويظل المواطن البسيط فى تيهه وتخبطه لا يشعر بأى تغير يذكر، بل الأنكى أنه فى ظل هذا النظام يزداد الغنى غنا بينما يزداد الفقير فقرا!! وهذا بالفعل ما لمسناه فى نظامى مبارك والإخوان، وهذا ما عانى منه الاقتصاد فى ظل العهود السابقة البائدة، فبزوغ ثورتين فى ثلاث سنوات لهو برهان صارخ على أن هناك ثمة خلل كبير فى تطبيق السياسات الاقتصادية، بل إن هناك افتقارا للرؤية السديدة! وهذا بالتأكيد أدى إلى بلوغ الاقتصاد مرحلة الحلقة المفرغة للفقر، فانخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل أدى إلى فقره، وفقره أدى إلى الانخفاض فى مستوى صحته وتعليمه، والاثنان أديا إلى انخفاض فى إنتاجيته، والأخيرة أدت إلى مزيد من الانخفاض فى الدخل القومى ككل، وهكذا دواليك تستمر تلك الحلقة المفرغة، والتى لا سبيل للخروج منها سوى بكسرها من أضعف نقطة فيها، ألا وهى حفز الاستثمار ودوران عجلة الإنتاج. بل لك أن تتخيل أنه فى ظل تلك الحلقة تبرز مشكلة أخرى لا تقل فداحة عن الأولى، بل تتفوق عليها، وهى مشكلة الازدواج الاقتصادى، بمعنى آخر أن ثمة مجتمعا غنيا حجمه صغير جدا مزروع بداخل مجتمع فقير حجمه كبير جدا.. فانقسام المجتمع لغنى وفقير صاحبه اختفاء تام للطبقة المتوسطة، تلك الطبقة التى يتوافر لدى أفرادها الحافز لتحقيق الإنجاز فى أى مجال ما، وبالتأكيد مصر عانت من تقلص حجم تلك الطبقة فى ظل تواتر سياسات اقتصادية عقيمة أدت لوصولنا جميعا لمرحلة العقم الذاتى!! ونتيجة لكل هذا أصبح الاقتصاد المصرى يئن، بل أصبح يحتاج لمن يخفض له جناح الذل من الرحمة!! وبناء على كل ما سبق يكون لزاما على الحكومة الحالية العمل، وبجدية، على حفز الاقتصاد، واتخاذ كافة السياسات المالية والنقدية والتشريعات القانونية التى تكفل حفز الاستثمار، وتوجيه الاقتصاد نحو الوجهة الصائبة، وختاما نحن نحتاج لحكومة (ترى وتسمع وتتكلم وتفعل)، ترى المشكلات وتسمع المطالب، وتتكلم بشفافية، وتفعل ما يهدف فى النهاية لمصلحة شعبها.