"تفحص الحاخام أفراهام جسدى الهزيل، وألقى جملة فى الفراغ: "أتود أن تضاجعنى مقابل خمسين شيكل؟" ارتبكت، وانهمرت قطرات العرق من جبينى. وسألته مصعوقا: "ماذا؟" "نعم، بدلا من أن تضاجع "إستير" بمائتى شيكل، تستطيع أن تضاجعنى بربع الثمن، وأعدك أنك ستستمتع أكثر". المقطع السابق من قصة "يوميات حاخام".. إحدى القصص العبرية القصيرة الفائزة بجائزة صحيفة هاآرتس الإسرائيلية يكشف جزءا يسيرا من المسكوت عنه فى عالم اليهود المتطرفين دينيا داخل إسرائيل، كذلك الأمر ضمن خمس وأربعين قصة قصيرة تتناول المسكوت عنه فى دنيا السياسة والصحافة والثقافة، وحتى داخل الحياة العسكرية بإسرائيل، تناولها كتاب "التمرد على الصهيونية فى الأدب الإسرائيلى المعاصر"، للدكتور محمد عبود مدرس الأدب العبرى المعاصر بجامعة عين شمس. القصص هى حصيلة جائزة أحسن قصة قصيرة التى تقدمها صحيفة هاآرتس الإسرائيلية سنويا، وهى فى الوقت نفسه موضوع الكتاب المصرى المثير للجدل فى الأوساط الإعلامية والثقافية فى تل أبيب هذا الأسبوع. تلقفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية نبأ صدور كتاب "التمرد على الصهيونية فى الأدب الإسرائيلى المعاصر"، عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، ووصفته بالكتاب غير التقليدي، وكتبت فى صدر ملحقها الثقافى: "صدر فى مصر هذا الأسبوع كتاب غير تقليدي، للدكتور محمد عبود الباحث فى الأدب العبرى والمتخصص فى الدراسات الإسرائيلية، والحقيقة أن هذا الكتاب يبتعد عن الاهتمام بتاريخ الأدب العبرى فى بدايات القرن العشرين كما يحدث فى مصر عادة، ويهتم بدراسة الأدب الإسرائيلى المعاصر. ويحلل عبود فى الكتاب قصص قصيرة لمشاهير الكتاب فى الساحة الأدبية الإسرائيلية اليوم مثل: سامى بردوجو، وألموج بيهار، وتمار جلبيتس، وعينات يكير، وافرات ميشورى. ويلتقط الكتاب، بذكاء، ملامح التمرد ضد المشروع الصهيونى والنقد الحاد للمجتمع الإسرائيلى والمؤسسة العسكرية فى أعمال هؤلاء الكتاب"! وأضافت الصحيفة أن الكتاب يستخلص من القصص الملامح النفسية والاجتماعية لشخصية الجندى الإسرائيلي، وشخصية المرأة، ورجال الدين والمثقفين الإسرائيليين، وكذلك المهاجرين الروس، وطبيعة الصراع بين هذه الشخصيات داخل المجتمع. أفردت صحيفة هاآرتس مساحة أكبر لعرض الكتاب، مع صورة كبيرة لغلافه، وأشارت فى عنوانها إلى أن الكتاب يشكل مفاجأة مدهشة للأوساط الإسرائيلية، ونقلة فى نوعية الدراسات المصرية، كما يكشف أن غالبية القصص الفائزة بجائزة هاآرتس فى السنوات العشر الأخيرة تعبر عن نزعة التمرد ضد الصهيونية فى الأدب الإسرائيلى المعاصر. وحرصت هاآرتس على نشر عرض مطوّل، استعرضت فيه معلومات عن الكتاب، ومؤلفه جاء فيها إن: "الكتاب عبارة عن رسالة دكتوراه قدمها محمد عبود لقسم اللغة العبرية بجامعة عين شمس، وهو قسم ضخم يَدرِس إسرائيل من جميع النواحى الفكرية واللغوية والدينية. ومحمد عبود أحد أعضاء هيئة التدريس فى هذا القسم، ويتميز بإتقانه الشديد للغة العبرية، بما فى ذلك العبرية المستخدمة فى لغة الحديث اليومى بإسرائيل، وهو أمر يظهر فى الكتاب، كما يظهر فى مقالاته عن الداخل الإسرائيلى فى عدة صحف مصرية". وأشار المحرر الثقافى بالصحيفة الإسرائيلية إلى أن القصص عبرت فعلا عن حالة من عدم الارتياح السياسى لما يجرى فى إسرائيل، وقد أثار مقال هاآرتس حفيظة عدد كبير من القراء الإسرائيليين الذين اتهموا الصحيفة بالاستمرار فى نشر قصص قصيرة معادية للصهيونية، ولإسرائيل. وعلق أحد القراء قائلا: "لم نكن فى حاجة إلى ناقد مصرى لكى يؤكد لنا أن صحيفة هاآرتس معادية لإسرائيل، وتتبنى آراء هدامة للمجتمع"، فيما قال آخر أن "هذه القصص يمكن ترجمتها، ونشرها فى صحيفة الأهرام بدون أى تعديلات لأنها قصص معادية لليهود، رغم أنها مكتوبة بالعبرية". من جانبه، أشار د.محمد عبود إلى أن الاهتمام الإسرائيلى بالكتاب أمر طبيعى، نظرا لأن الإسرائيليين اعتادوا أن نترجم عنهم انتاجهم الفكرى، ونُعيد نشره، وكان مفاجئا لهم حسبما أشار عنوان "هاآرتس"، أن نقوم بدراسة العقل الإسرائيلى، ومنتجه الأدبى والثقافى، ونصل لنتائج تتعلق بمواقف شريحة مهمة من النخبة الثقافية فى إسرائيل تجاه مجتمعها". وأضاف عبود أنه اختار صحيفة هاآرتس بالذات كمجال للدراسة، نظراً لأن الخط العام للصحيفة منذ نشأتها اتسم بالاستقلال عن المؤسسات والتيارات السياسية، الأمر الذى أتاح له تتبع أصوات التمرد فى المجتمع الإسرائيلى ضد السلطة الدينية والسلطة العائلية وضد السلطة السياسية القائمة، والمؤسسة العسكرية و"الدولة" الإسرائيلية نفسها التى تشكل "بقرة مقدسة" فى الوعى الإسرائيلى".