نقلا عن اليومى : فى قصة تأسيس جامعة القاهرة التى بدأت باسم «الجامعة المصرية»، ثم صارت «فؤاد الأول»، وأخيرا «جامعة القاهرة بعد ثورة 23 يوليو 1952»، حكايات عن مصر التى تبحث عن ذاتها، عن رموز فكرية وسياسية أسست طريقا للتنوير، عن عظمة المبادرات الشعبية التى ترفض الضغوط، فلم تتوقف هذه المبادرات عند رفض اللورد كرومر المعتمد البريطانى فى مصر، ولا تشكيك الصحف البريطانية مثل جريدة التايمز، التى قالت: «نشك فى قدرة المصريين على إنشاء الجامعة»، وقالت صحيفة الجلوب: «مشروع الجامعة لم يحن حينه بعد، فهو نشأ عن اضطرابات سياسية، لا عن رغبة ملحة فى التعليم بمصر، وأن مصطفى كامل هو كبير المهيجين فى مصر». لم يكن فى مصر قبل جامعة القاهرة غير جامعة الأزهر، ومدارس عليا أسسها محمد على، مثل مدرسة «المهندس خانة»، و«الطب»، وكان العالم العربى لا يوجد فيه غير جامعتين «الأزهر فى مصر، والقيروان فى تونس». تشكلت لجنة تأسيس الجامعة فى أكتوبر عام 1906، ثم خرجت إلى النور فى ديسمبر عام 1908، كان فى التأسيس شخصيات مثل، مصطفى كامل، محمد فريد، قاسم أمين، سعد زغلول، محمد عبده، وغيرهم، وفى القصة عظمة المصريين حين يقدمون على عمل عظيم، والشاهد حسب كتاب «فؤاد الأول - المعلوم والمجهول»: «سارت لجان الاكتتاب التى تشكلت فى عواصم الأقاليم فى نجاح غير مسبوق، فقد جمعت خلال فترة تقل عن خمسة شهور، مبلغ 23652 جنيها و657 مليما، وهو مبلغ جسيم بمقاييس العصر، وعرفت هذه الفترة ظاهرة جديدة لم تعرفها أية حملة سابقة، تمثلت فى الأطيان الزراعية التى كان يوقفها بعض كبار الملاك على المشروع وكان ذلك يتم فى احتفالات كبرى». التبرعات لم تتوقف على كبار الملاك، بل كانت الأميرة فاطمة ابنة الخديوى إسماعيل حاضرة فى وقفها لستة أفدنة لإقامة مبنى الجامعة، وأهدت حليها ومجوهراتها للجامعة لبيعها مساهمة فى تكاليف البناء «26 ألف جنيه». فى مثل هذا اليوم «7 فبراير 1928»، احتفلت الجامعة بوضع حجر الأساس لمبانيها الحالية، وفى مذكرات الدكتور أحمد لطفى السيد رئيسها وقتئذ: «كان هذا اليوم تاريخا مشهودا، ففى منتصف الساعة الثانية عشرة أقيم احتفال كبير فى المكان الجديد بالجيزة، دعى إليه علية القوم من الأمراء ورجال الدين والوزراء والآداب، وبعد أن وصل الملك فؤاد، وقف وزير المعارف «على الشمسى باشا»، فألقى خطبة بين يديه، ودعا الملك إلى وضع حجر الأساس بيده، وألقيت أنا خطبتى كمدير للجامعة، وسجلت فيها الأدوار التى مر بها التعليم فى مصر»، ومما جاء فى كلمة «لطفى السيد» أن عدد طلاب الجامعة يوم تأسيس مبانيها فى 7 فبراير 1928، بلغ 2341 طالبا. قبل ان يكون للجامعة مبان خاصة بها، كانت المحاضرات تلقى فى قاعات يعلن عنها فى الصحف مثل مجلس شورى القوانين، ونادى المدارس العليا وسراى الخواجة «نستور جناكليس» الذى تشغله الجامعة الأمريكية حاليا.