سلطت صحيفة الجارديان الضوء على ظاهرة التحرش الجنسى فى مصر، وحاولت الكاتبة نسرين مالك فى صفحة الرأى تحليل العوامل المؤدية إلى هذه الظاهرة أسباب استفحالها بشكل خطير، بات يهدد النساء فى المجتمع المصرى. وتقول مالك فى البداية: عندما كنت طالبة فى جامعة القاهرة، كان الحرس الجامعى بمثابة جنة آمنة، ملجأ من التحرشات التى تعانى منها الطالبات فى طريقهن إلى المحاضرات. وكانت الفتيات تبكى من الغضب وتستاء من الحريات التى يحصل عليها الرجال فى الشوارع. ويوضح التقرير الذى صدر الأسبوع الماضى عن ظاهرة التحرش فى مصر امتداد هذه الثقافة. فعلى العكس من السعودية حيث ظاهرة العلاقات بالهاتف بين الرجال النساء تتم بالتراضى بين الطرفين فى محاولة للالتفاف على الفصل بين الجنسين فى هذا البلد، فإن هذه الأمور تتم فى مصر من جانب واحد وبشكل وحشى، كمتنفس للانتهاك واللغة البذيئة. وترى الكاتبة أن مصر ليست من الدول التى يوجد بها كبت جنسى، ولكنها واحدة من أكثر الدول ليبرالية من حيث الثقافة الشعبية والحريات الاجتماعية. فالتفرقة بين الجنسين والقمع الشديد فى بعض دول الخليج لم يؤدِ إلى هذا التدهور الوحشى لأوضاع النساء. فثقافة الشارع فى مصر نابضة بالحياة، ومعظم التحرشات تحدث فى الشارع حيث يقوم مجموعة من الرجال باحتقار النساء. وتعانى مصر من التفاوت الطبقى والاكتظاظ السكانى والفقر المدقع. بالإضافة إلى ذلك، هناك فجوة بين الصورة النمطية السلبية عن المرأة ونمط الحياة العصرية فى وسائل الإعلام والواقع الذى يعيشه ملايين المصريين. فهناك وفرة فى الصور الجنسية للراقصات والممثلات والمطربات وأفلام ذات محتوى جنسى وكليبات لا تتماشى مع الطبيعة المحافظة لمصر. ويروج هذا لوجهة نظر خلقتها وسائل الإعلام، وهى أن المرأة موضوع جنسى وأساس كل الخطايا وسقطات الرجال. وفى ظل الاستغلال والانحراف الاجتماعى، يجد الرجال والنساء صعوبة فى تحقيق الأمن الداخلى بسبب التكاليف الباهظة للزواج والسكن. ويؤدى كل ذلك إلى ظاهرة التحرش الجنسى. وانتقدت الكاتبة الجهود الدينية لمحاولة مواجهة هذه الظاهرة، قائلة إن ضررها أكثر من فوائدها لأنها فى بعض الأحيان تصور المرأة وكأنها المسئولة عن ذلك. وتمضى فى القول بأن السيدة سوزان مبارك التى ترعى حقوق المراة تتجاهل هذه الظاهرة، وتشير إلى أن الرجال المصريين يحترمون النساء، وأن حوادث التحرش يتم تضخيمها إلى حد كبير من العناصر الإسلامية التى تريد تطبيق الأجندة الخاصة بها.