قال الدكتور أحمد الجزار، إن كتاب "الثورة الروحية فى الإسلام" يوضح أن جزءا من التراث الفلسفى تأثر بمجال التصوف وبالمظهر الحقيقى للتدين الفعلى عند المسلمين، ولا يعنى ذلك أن مؤلف الكتاب لديه نزعة عاطفية، ولكنها الواقعية، وبالتالى فالتصوف ثورة على المجادلات الكلامية التى ليس بها حياة ولا روح وثورة على انشغال الكثير من الفقهاء الذين يتكلمون عن الأحكام ولا يتكلمون على الجانب الخفى من التصوف والروحية الإسلامية. جاء ذلك خلال ندوة لمناقشة كتاب "الثورة الروحية فى الإسلام" للكاتب أبو العلا عفيفى، أستاذ الفلسفة والتصوف بجامعة القاهرة، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته ال45، بحضور الدكتور عمار على حسن، أستاذ علم الاجتماع الإسلامى، والدكتور مصطفى عفيفى، والدكتور عبد الحميد مدكور، أستاذ الفلسفة والتصوف بدار العلوم، والدكتور أحمد الجزار، عميد كلية الآداب جماعة المنيا السابق. وأوضح الجزار، أن المؤلف يرى أن هناك تبحرا وتخيلا فى التصوف، والتصوف يقلب الأوضاع ليكون ثورة على المتكلمين والفلاسفة، وهذا هو المدخل الذى كان يقصده المؤلف، والكتاب يوضح علمية الدكتور أبو العلا عفيفى، الذى يشرح التصوف ويراه تجربة روحية تكشف عن الوعى الصوفى. وأكد الجزار أن كتاب "الثورة الروحية فى الإسلام" يكشف عن مضامين كثيرة بحس عقلى كونى عند المؤلف، ويتكلم من منطلقات كثيرة وثورة على مفاهيم تعلق بها الناس، مثل أن الدنيا كل شىء ولكن هذا لا يكون مذهب من تفتحت عقولهم وظهر عليهم الزهد. وأشار الجزار إلى أن الزهد الذى يتحدث عنه أبو العلا عفيفى لا يقصد به الانقطاع عن الدنيا نهائيا، وإنما الزهد الذى هو أقدم أنواع التصوف، وهو ينطلق من مفاهيم القرآن والسنة النبوية الشريفة. ومن جانبه قال الدكتور عبد الحميد مدكور، إن التصوف انتهى عمله وهو تعبير عن شىء مهم فى الجانب الإنسانى والروح والعقيدة الإنسانية التى تتعلق بمصدر معتبر عن النفس الإنسانية، وأن تفنى فى أرضه والمعروف فى حضرتها وأن يكون لها إشراق ومعرفة وكمال وسمو يؤدى بها إلى إرضاء هذا المحبوب الذى تسعى للتواصل إليه. وأكد مدكور أن أبو العلا عفيفى يتجه إلى التصوف العلمى الذى دون فى كتب أوائل علماء الصوفية مثل أبى طالب المجدى والغزالى وابن عربى وهو تصوف علماء الصوفية، موضحاً أن هناك فرقا بين التصوف النظرى والعملى الاجتماعى، ويجب أن تكون لدينا نظرة لما يتوافق معنا، ولا يصح أن نحكم على النظرى بالعملى ولكن العكس صحيح. ودعا مدكور بأن نتحلى بالقدر الأكبر من المرجعة أو الدراسات العلمية وعلينا أن ندرس الواقع وأن نتحلى بالموضوعية والدقة وعدم إطلاق الأحكام إلا إذا كان لدينا سند والتجربة الصوفية لا بد أن تلقى عن القارئ شيئا من الواقعية لا بالخيال لأن هذا يسقط الأمر من أساسه وإعطاء الفرصة بأن نسمع لأن غير ذلك يكون أمرا غير حقيقى ومن باب أولى أن تكون هناك ثقة فى منهج الصوفية. وقال الدكتور عمار على حسن، إن الكتاب يثبت أننا يجب أن نفرق بين الدين والتدين وعلوم الدين، فالدين يتحدث عن الوحى وما يوافقه وتطابق معه لما نسب للرسول والتدين محاولة جذب الدين لساحة العمل الاجتماعى مثل الصراع على السلطة ويتحول إلى ثقافة سائدة ويتحول إلى تجارة ولكن علوم الدين محاولة فهم الدين من خلال تساؤلات وإجابات ولا قداسة لها على الإطلاق. وأضاف حسن فى وقتنا الذى تطغى فيه الحياة المادية عند الناس والتقوى فارغة من مضمونها والدين تحول إلى طقوس والتصورات التى يحاول بها البعض أن يبرر سلوكه بشكل أو بآخر ووجدنا من يفسر هذه التصورات بحسب معتقداتهم هم، للوصول إلى مطمح معين. وأشار حسن إلى أن القرآن يجب أن يفهم بكليته وتجمع الآيات التى تتحدث عن موضوع واحد ونبحث عن مقصدها ولكن إذا نظر إليها بشكل فردى لا نفهم غرضها، ويتحول النص إلى خادم للمصالح البشرية، وهذا خطأ وغير حقيقى فعلم التصوف له مكانته وعلمه الصحيح. وأشار حسن إلى أن التصوف الآن قد يكون حلا لكثير من الأمور التى نعيشها على نطاق لغوى عميق والفقيه الآن يجيب عن أسئلة الواقع ولكن نحن أمام واقع جديد ويتميز التصوف بإمكانية الاطلاع عليه فى أى مكان وزمان والتفاعل معه فى كل وقت وهذا سر بقاء المنهج التصوفى ولكن الفقهاء الآن لا يجدون إجابة عندهم موحدة. وأكد حسن، أن الكاتب أبو العلا عفيفى، ذكر أن الصوفية تنطلق من الإله إلى الإنسان وتحتفى بالبشر ويوجد أشخاص يقومون بإهانة الإنسان مع أن الله أعطى له الحق فى العيش، والصوفى يرى أن الإنسان له الحق فى العيش، ويقول ربما يكون هذا الشخص أفضل عن الله منى ولكن مطلوب منا طيلة الوقت الحكم على الظاهر ومجرد معرفتنا أن هناك باطلا سيكون هناك عدم استعجال فى الحكم وكل هذه الأشياء التى تتحدث عن السمو أهملت من خلال التحدث عن السلطة والسياسة، والزهد قيمة مركزية وهذا صحيح والزهد هو امتلاك الروح والتسامح مع الآخرين والمحبة التى ليس لها حدود.