مقال أما وقد ظهرت نتيجة مسابقة بيروت 39، وقد فاز بها 39 مبدعاً عربياً من أفضل مبدعى هذه المنطقة من الشباب. أما وقد قلت فى حوار صحفى وفى أكثر من مناسبة أن الجائزة هى التى فازت بمنصورة عز الدين ومحمد صلاح العزب وحمدى الجزار وليس العكس. أما وقد قلت هذا فاسمحوا لى أن أقول ما لم أقله بعد. بداية المسابقة كانت مبشرة حقاً وجديدة إلى حد كبير. كل من قرأ الإعلانات عن المسابقة شعر – ولو لوهلة – أن كنوزاً دفينة ستظهر على السطح، وأن الموضوع سيتم بمنتهى النزاهة والترتيب والاحترافية لاسيما وأن منظميه مؤسسة عالمية هى هاى فستيفال العالمية والتى – كما قرأت – خصصت ميزانية ضخمة – بمعاييرنا العربية على الأقل – لهذه المسابقة. ثم كان الموضوع مرتباً بعناية حيث يخبرك الموقع بمراحل المسابقة منذ بدايتها وحتى النهاية، وبمنتهى الوضوح والشفافية. لكن الأمر لم يكن معروفا إعلامياً للجميع، ومن رأيى أن هدف المسابقة هو محاولة معرفة أفضل 39 مبدعاً عربياً دون التاسعة والثلاثين فى مجالات الأدب المختلفة، ولذلك افترضت أن هناك أسماء مجهولة ستفوز وتكون مفاجأة للجميع وكشفاً يتباهى به المنظمون للمسابقة، وللصدفة الغريبة كان هذا هو رأى د.علاء الأسوانى رئيس لجنة تحكيم الجائزة الذى قدم استقالته اعتراضاً على عدم توفر هذا الشرط وعلى محاولة فرض أسماء بعينها عليه. اتصلت بالأسوانى وقتها ولم يكن يعرف أننى قدمت فى المسابقة فعلاً، وأخبرنى أن هناك قائمة اختارها صمويل شمعون (ممثلاً عن مجلة بانيبال) إضافة إلى آخرين تضم أسماء أغلبها من الصحفيين، وأن ذلك تم – وفق ما فهمت – لضمان نجاح الدورة الأولى من المسابقة ووجود زخم إعلامى مصاحب لفعالياتها التى ستكون فى بيروت. بعدها حدث بعض الهجوم – الغريب وغير المبرر أو المنطقى – على علاء الأسوانى من قبل صحفى لبنانى كان ضمن لجنة التحكيم، واتهمه بأنه – الأسوانى لا الصحفى - استقال بهذه الطريقة سعياً وراء الشهرة والإعلام وما إلى آخر هذا الهراء الذى عرفت بعده أن المسابقة لم تعد تتبع المؤسسة العالمية بقدر ما سيطر عليها العرب ليسقطوا عليها كل نواقصهم وقلة خبرتهم ومحسوبياتهم وأخلاقهم القابلة للتغير بين لحظة وأخرى، ودار بخلدى سؤال وجيه: ماذا لو فزت بالجائزة؟.. هل سأقبلها وقد قيل عليها ما قيل؟.. لكن الأمر لم يستغرق كثيراً من التفكير لأننى بطبعى أكره أسلوب "مغسل وضامن جنة" فقد لا أفوز مثلاً، وفى نفس الوقت قد يستيقظ المنظمون من غفلتهم ويستدركون الأمر، ودار بخلدى كذلك أن يكون الأسوانى "محبكها شوية"، أو أن يكون هناك سوء تفاهم بين الجهتين أدى لما حدث..، ورغم قلة احتمالات الهاجس الأخير إلا أننى فضلت طرحه إلى أن يثبت العكس. فى هذه الفترة تردد أن اللجنة المنظمة قد ضغطت بشدة – وبقوة – لوجود بعض الأسماء دون غيرها وتردد أن هذه الأسماء لصحفيين يمارسون الأدب، وهى صفة تنطبق على أسماء معروفة للجميع، وهو أيضًا سبب من أسباب انسحاب الأسوانى من رئاسة لجنة التحكيم لشعوره بعدم وجود عدل أو نزاهة منذ بداية المسابقة. فى هذه الأجواء صدرت ترشيحات لا أعرف من هو مصدرها وإن كان قد قيل إن مصدرها هو صمويل شمعون نفسه لعدد كبير من المبدعين المرشحين للفوز فى المسابقة، وفوجئت باسمى ضمن من وردوا. لكن أكثر اسمين توقفت عندهما فى هذا البيان وفى كل ما كان يقال فى كواليس الوسط الثقافى وجلسات النميمة الأدبية هما جمانة حداد ومنصورة عز الدين، ودائماً أبداً كان يقال إنهما ضمنا الفوز لسبب أو لآخر. وفى بداية عمل لجنة التحكيم أرسل السيد صمويل شمعون رسالة رقيقة للأسوانى ينصحه من خلالها بعدم إضاعة وقته فى قراءة أعمال منصورة عز الدين لأنها أديبة قوية وهو يرشحها بقوة للفوز فى المسابقة. وقبل شهور من إعلان النتيجة قال أحد الناشرين الكبار جداً فى مصر لأكثر من صديق له، إن جمانة ومنصورة تحديداً ستفوزان فى المسابقة أياً كان رئيس لجنة تحكيمها. طبعاً أنت تتذكر أننى قلت فى بداية المقال إن الجائزة هى التى فازت بمنصورة وليس العكس فلا داعى إذن لأن تتلاعب بك الظنون أو أن تتهمنى بالنفسنة. أنا فقط أتساءل: لماذا هذين الاسمين بالتحديد، وقد فازا بالفعل؟ لماذا تكرر الاسمان فى كل الترشيحات؟ هل بسبب إبداعهما اللافت لكل نظر والذى يجاوز بمراحل إبداع باقى كتاب العالم العربى من الشباب مثلاً؟.. احتمال وارد، ولربما لا أقتنع به لكنه يظل مطروحاً فى نظرية الاحتمالات. هل بسبب كونهما من الصحفيات الأدبيات الشهيرات فى العالم العربى؟ أيضاً احتمال وارد وإن كانت هناك أسماء لامعة أيضاً تم استبعادها مثل حسن عبد الموجود (الحائز على جائزة الصحافة العربية فى الصحافة الأدبية، والحائز كذلك على جائزة ساويرس عن روايته عين القط)، وهناك نائل الطوخى صحفى أخبار الأدب الهمام والأديب والمترجم وغيرها من الألقاب إضافة لغيرهما من الصحفيين المتميزين الذين يكتبون الأدب، وقد يكون سبب عدم فوز هذه الأسماء أنهم من جريدة (أخبار الأدب)، وأن اللجنة خافت أن يتهمها الناس بمحاباة أخبار الأدب وتأكيد صحة نظرية علاء الأسوانى (وهو معيار غير موضوعى بالمناسبة فقد يتصادف – أقول يتصادف – أن يكون مبدعى أخبار الأدب هم أفضل من تقدموا للمسابقة وبالتالى فإن استبعادهم لمجرد القيل والقال أمر غير موضوعى وغير مقبول). لكن الأكيد أن هذين الاسمين تحديداً قيل إنهما سيفوزان دون جدال أو نقاش. طبعاً كلتاهما مبدعة وموهوبة ولا جدال أيضاً فى ذلك، لكن حين يدخلان مسابقة فلا تأكيد لفوزهما، ويجب أن تكون فرصتهما مثل فرص الجميع، وأنا أعرف أنهما لم تسعيا لذلك والحق يقال، لكن ورود اسمهما تحديداً بهذه الطريقة أمر ينتقص من مصداقية المسابقة ويثير تساؤلات، كما أن إصرار صمويل شمعون على ترشيح بعض أصدقائه أو من يعجب بكتاباتهم والضغط لكى يكونوا من الفائزين يشبه الحكاية الشهيرة التى يقتل فيها الدب صاحبه..، وواضح طبعاً فى بيروت 39 من هو الدب؟