رغم قلة مستوى العروض السينمائية فى الدورة الثالثة من مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، إلا أن أمس، الأربعاء، شهد عرض فيلم اعتبره الكثير من النقاد والحاضرين واحداً من أهم الأفلام المعروضة بالمهرجان ويحمل عنوان "هل تستمر الرسالة" أو from Aleppo to Hollywood من قطر، للمخرج محمد بلحاج، حيث يسترجع الفيلم ذكرى قصة المخرج السورى الراحل الشهير مصطفى العقاد، الذى قتل مع ابنته ريما فى التفجيرات التى وقعت عام 2005 فى عمان بالأردن. وركز الفيلم على نشأة العقاد فى بيئة مثقفة وملتزمة، حيث كان والده شديد الصرامة والانضباط ونقل هذا إلى أبنائه، بينما كانت والدته سيدة تهتم بأصول الاتيكيت والملابس، ووضح على العقاد منذ طفولته اهتمامه بالسينما وكان دائما يذهب مع جاره الذى كان يعمل فى إحدى دور العرض السينمائية، وهناك شاهد العديد من الأفلام ودخل إلى حجرة التشغيل بالسينما ورأى كيف تعمل ماكينة العرض، ثم سافر فى فترة المراهقة إلى أمريكا وعمل فى بعض المهن الصغيرة، لكى يستطيع جمع المال اللازم لمواصلة دراسته للسينما هناك. مخرج الفيلم محمد بلحاج أكد لليوم السابع أنه استعان فى فيلمه ببعض اللقطات التسجيلية التى صورها العقاد لنفسه قبل وفاته بشهور قليلة ليحكى تجربته مع عالم السينما والمعاناة التى تعرض لها فى أمريكا والصعوبات التى واجهها هناك، كما تعرض الفيلم للمعوقات التى قابلها العقاد لإخراج فيلمه "الرسالة" خصوصاً فيما يتعلق باعتراضات السعودية على الفيلم، لأنها اعتقدت أنه يسىء للرسول، فى الوقت الذى وجد الفيلم دعماً من المغرب وليبيا، حيث صور جزءاً كبيراً منه فى المغرب قبل أن يستكمل الفيلم فى ليبيا بعد الضغوط التى تعرضت لها المغرب من السعودية لإيقاف تصوير الفيلم. وبرز فى فيلم "هل تستمر الرسالة" جوانب عديدة من شخصية العقاد، وفلسفته فى الحياة وتعلقه ببلده سوريا، وأيضا مبدأه الذى كان دائماً يعمل به ويتخلص فى كيفية مخاطبة الغرب بسلاح الإعلام والسينما، حيث كان يردد دائماً أن "سلاح الإعلام والفن أقوى تأثيراً من الدبابة"، لذا أخرج العقاد فيليمه "الرسالة" و"عمر المختار" بطولة أنطونى كوين واللذين يعدان من أهم الأفلام التى تنقل صورة صحيحة وإيجابية عن الإسلام للغرب، لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن كون الإسلام مرادف للإرهاب، ورسخ الفيلمان ماهية الإدراك الحقيقى لدى جمهور الغرب. ورغم أن العمل ركز أيضاً على علاقة العقاد بزوجته وأبنائه، خصوصاً ابنته ريما، التى كان يحبها كثيراً، وقتلت معه فى تفجيرات 2005، إلا أن الفيلم لم يشر بطريقة مركزة إلى حادث موت الأب وابنته، حيث أوضح مخرجه بلحاج لليوم السابع أنه لم يفعل ذلك خوفاً من أن يلصق الجمهور الغربى تهمة الإرهاب للإسلام، ولا يقول أحد منهم إن العقاد الذى دافع كثيراً عن الإسلام فى حياته قُتل على إيدى المسلمين أنفسهم، وخشى المخرج أن يسىء بشكل غير مقصود للإسلام فى فيلمه. ونجح الفيلم فى خلق حالة تعاطف كبيرة من الجمهور والضيوف الأجانب مع شخصية مصطفى العقاد، بل إن أحد الضيوف الأجانب أكد لليوم السابع أنه يرغب فى مشاهدة فيلم الرسالة، وتساءل عن كيفية العثور عليه. كما تناول الفيلم حلم مصطفى العقاد لإنجاز فيلم عن صلاح الدين الأيوبى لكنه لم يكتمل، حيث توفى قبل تنفيذه. يشار إلى أن الفيلم سبق له المشاركة فى مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية، حيث عمل مخرجه كرئيس لقسم الإنتاج بقناة الجزيرة الوثائقية.