جامعة القاهرة تنظم أول حفل تخرج من نوعه لخريجي برامج الدمج وذوي الهمم .. صور    بمشاركة أحبار الكنيسة.. البابا تواضروس يصلي قداس الأحد مع شباب ملتقى لوجوس    القبض على 254 متهما في حملات استهدفت حائزي المخدرات في دار السلام    مصر تضخ 550 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية خلال 10 سنوات    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    وكيل تعليم أسوان يعلن أسماء أوائل الدبلومات الفنية 2025    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    بالتعاون بين وزارتي الإسكان والثقافة.. إقبال جماهيري على فعاليات الأسبوع الأول من مهرجان ليالينا في العلمين    ورش في المونتاج والإخراج وفنون الموسيقي، برنامج التدريب الصيفي للشباب وطرق الاشتراك    طريقة عمل الحجازية، أسهل وأسرع تحلية وبأقل التكاليف    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    الاحتلال يخرق الهدنة.. 43 شهيدًا في غزة بينهم 29 من منتظري المساعدات    منتخب مصر يواجه أنجولا في بطولة أفريقيا لسيدات كرة السلة    عمرو السولية: "القاضية" البطولة الأهم في مسيرتي مع الاهلي.. بيراميدز استحق التتويج الأفريقي    محافظ أسوان يكلف معاونه ومسئولي الوحدات المحلية بمتابعة تجهيز 190 لجنة انتخابية    جامعة القاهرة تنظم أول حفل تخرج من نوعه لخريجي برامج الدمج وذوي الهمم بكلية التجارة    كل ما تحتاجه الأسرة من منتجات غذائية ولحوم وخضار بسوق اليوم الواحد بالجمالية    استرداد 105 أفدنة أملاك دولة غير مستوفية لضوابط التقنين بمدينة الطود    صحة بني سويف: قرية هلية مسقط رأس والدة ضحايا قرية دلجا بريئة من دماؤهم (خاص)    حالة الطقس في الكويت اليوم الأحد.. حرارة شديدة ورطوبة نسبية    محافظ أسوان يتفقد محطة جبل شيشة لمياه الشرب بالشلال    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    فى ذكرى وفاة يوسف شاهين.. المخرج العالمى ديفيد لين مفتاح وصوله للعالمية    "أونروا": لدينا 6 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة    إطلاق حملة توعوية من المركز القومي للبحوث للتعريف بالأمراض الوراثية    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القليوبية مشروعات "حياة كريمة" بالمحافظة    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    «خلافات بين عائلتين».. تأجيل محاكمة متهم بقتل جاره في مغاغة بالمنيا    عمرو السولية لميركاتو: حققت مع الأهلي كل حاجة في 9 سنوات    حسن شحاتة أسطورة حية صنعت المستحيل ضد الأهلى والزمالك    رغبة يوسف تصطدم بتحفّظ ريبيرو.. تطورات مفاوضات الأهلي مع كوكا (تفاصيل)    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    طلاب «المنح الدولية» مهددون بالطرد    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    نتيجة ارتفاع الحرارة.. الدفاع المدني يُكافح للسيطرة على حرائق في شرق الجزائر    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة الاعتبار لتاريخ مصر
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 10 - 2009

تابعت فى السنوات الماضية الأحاديث المختلفة على مختلف القنوات الأرضية والفضائية، حول حديث البعض حول ذكرياتهم الخاصة بتاريخ مصر. وأنا من عشاق قراءة التاريخ، ورغم انتمائى بالفعل للفكر الساداتى، إلا أننى وعندما أقرأ التاريخ، أحاول أن أكون موضوعياً، لأن مصر، ليست السادات فقط، ولكنها الكثيرون من القادة والزعماء، والمسئولين والناس. وليس عيباً أن أقول أن السادات أخطأ فى كذا أو كذا أو عبد الناصر أخطأ فى كذا أو كذا.. فنحن عندما نتناول تاريخ، علينا الاستفادة من دروسه حتى ننهض!
وكنت أقرأ مؤخراً كتاب المبدع المصرى، لويس عوض، فى كتابه الجميل، "أقنعة الناصرية السبعة: مناقشة توفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل"، حيث تناول نقطة موضوعية كتابة التاريخ وأن معاصرى الحدث لا يرون الرؤية التاريخية ولكن جزء من الصورة، وأن الأجيال المستقبلية هى التى ترى الحقيقة بعد ذلك بشكل أكثر كمالاً، فقال فى الصفحات 15 – 17 من كتابه: "فمن عاش فى عصر محمد على ولاسيما أيام مذبحة القلعة، لم يكن يرى فيه إلا سفاحاً مُريداً. وقد رسم الجبرتى صورة غير مضيئة لمحمد على، لأنه أمم أوقاف الدين فيما أمم من أراضى مصر الزراعية، ونحن نرى الآن فى محمد على مؤسس مصر الحديثة الذى بنى جيشها الوطنى وحرر إرادتها من التبعية التركية وأنشأ صناعتها ومعاهد العلم والتكنولوجيا فيها ونظم زراعتها ورقاها وجعل منها أقوى دولة فى الشرق الأوسط وبنى كثيراً من جسورها الحضارية مع أوروبا."
"ومن عاش فى عصر إسماعيل لم ير فيه إلا سفيهاً استدان نحو مائة مليون جنيه لينفقها على ملذاته واهتماماته الأرستقراطية، ولكننا نعرف الآن أنه أنفق أكثر هذه الأموال فى حفر قناة السويس وفى حفر الترع وتوسيع الرقعة الزراعية بمساحة مليون فدان وفى ربط مصر بالسكك الحديدية والتلغراف وفى بناء جيش وطنى قوامه نحو مائة ألف مقاتل (بعد 18,000 مقاتل)، بنى به إمبراطورية إفريقية نيلية تضارع إمبراطورية محمد على العربية: فرفع العلم المصرى على أوغندا وألغى تجارة الرقيق حيثما سارت جنود مصر، كذلك نعرف أنه تسلم البلاد وليس فيها إلا نحو 115 مدرسة وتركها بعد 16 سنة وفيها 4500 مدرسة بعضها للبنات، ولم تكن فيها صحيفة واحدة فعرف عهده قُرابة 30 صحيفة ومجلة، ولم يكن فيها نظام قانونى واضح فأدخل فيها أحدث قانون مدنى وجنائى وإدارى كان معروفاً فى عصره (قانون نابليون). ولم يكن فى مصر هيئة تشريعية فأنشأ إسماعيل فيها أول برلمان مصرى، بدأ استشارياً صورياً فى 1866 ثم نضج واستأسد عبر 12 سنة حتى شارك إسماعيل فى 1879 فى قيادة الحركة الوطنية ضد النفوذ الأوروبى..".
والقارئ يدرك من العرض السابق لكلمات الدكتور لويس عوض أن الذى يعيش الحدث غير هذا الذى يقيمه بعد وقت، حين تمر السنوات، ويستطيع عبر القراءة أن يحلل بحق ما حدث.
وللأسف فإن تاريخ مصر وفى كثير من الأحيان يُكتب وفقاً للأهواء، ولأننى قرأت الكثير من هذا التاريخ من كتب المعاصرين لنا اليوم فقد وجدت الكثير من الأخطاء التى لا يمكن النظر إليها على أنها أخطاء عابرة ولكن أخطاء "متعمدة"، رغبة من الكاتب فى تشويه رئيس أو زعيم وفقاً للأهواء، وفى النهاية يصور نفسه على أنه معاد أو معارض لنظام الحكم "الحالى" وأنه يعارض السابق، رغم أنه يريد أساساً، أن يُظهر كم ولائه فى محو إنجازات "الفرعون" السابق، ويرى فى هذا خدمة للنظام، بينما هو بالأساس يهين مصر ككل بهذا الإسفاف وعدم الحيدة فى الرواية التاريخية، ويشوه الدروس التى ممكن أن تشتقها الأجيال القادمة من أجل التنمية!
وعلى رؤوس من يقومون بهذا الفعل، "الأستاذ"، أو هكذا لقب عبدة الشخص الواحد، السيد محمد حسنين هيكل!! هكذا لقبوه، رغم التشويهات "المُريعة" التى قام بها للتاريخ، وسأعرض هنا، تشويه وحيد لأن تشويهات هيكل للتاريخ المصرى الحديث، لا تُعد ولا تُحصى!
فها هو كتابه "الانتقامى" الكبير عن الرئيس الراحل الشهيد، محمد أنور السادات، "خريف الغضب" والنسحة التى أملكها، نُشرت من قبل "شركة المطبوعات للتوزيع والنشر" ولدى الطبعة الثالثة عشر لسنة 1986 م – 1406 ه. وأملك فى الوقت نفسه النسخة الإنجليزية للكتاب. وقد قرأت النسختين، لأجد ما يلى:
أولاً: الحديث عن النسب العائلى للسادات ولون جسده (مذكور فى الكتاب العربى: زنجى!!!) لم يركز عليه محمد حسنين هيكل باللغة الإنجليزية كثيراً لأنه يدرك بالطبع، لأن الهجوم العنصرى على السادات، غير مقبول فى الغرب.. وهو ما أدهشنى، حول الكيل بمكياليين فى مخاطبة القارئ العربى بشكل، ومخاطبة القارئ الأجنبى بشكل آخر، من قبل رجل، المفترض أنه كان رجل دولة، وليس رجلا لا يفقه ما يقول!
ثانياً: لقد تعرض محمد حسنين هيكل فى كتابه وبالنص للرئيس السادات بشكل غير مسبوق فى التسفيه لرجل حاول بقدر الإمكان خدمة بلاده.. وكان هيكل فى هذا الإطار ينتقم من رجل سجنه، ولكنه ضل طريقه، فانتقم من تاريخ بلد غالية وشعب عظيم بأكمله.. وتلك ذلة لا تغتفر بأى حال من الأحوال!!
ثالثاً: مثال واضح من أخطاء هيكل "المتعمدة" فى الصفحة 10 من كتابه خريف الغضب الذى ذكرت أعلاه، حيث كتب "الأستاذ" محمد حسنين هيكل:
"لماذا كان الحزن على السادات فى الغرب أكثر منه فى أمته؟ ولماذا شيعه إلى مثواه الأخير عدد كبير من الساسة الأجانب، بينما لم يشترك فى موكب الجنازة سوى الموظفين الرسميين المصريين وبعض الزوار الأجانب؟"
وبالطبع، فإن هيكل يعرف لماذا لم تشارك الجماهير فى موكب جنازة الشهيد بطل الحرب والسلام عن حق، ورغم أنف أى شخص، أياً كان ورغم أنف محمد حسنين هيكل ذات نفسه!!!
أيها السيدات والسادة
يعرف هيكل أنه بعد أن تم اغتيال الرئيس السادات تم فرض حذر التجول على طول البلاد وعرضها، وأصبح المصريون حبيسو بيوتهم، لأنه كان هناك يومها خوفا من اندلاع أعمال عنف وقيام انقلاب عسكرى، لأن من قتل الرئيس السادات كانوا ضباطاً فى الجيش.. وإن كان هيكل لم يكن يعرف هذا، فإن تلك مصيبة، وإن كان يعرف وهو ما أنا متأكد منه، لأن هيكل ليس بجاهل، فإن المصيبة أعظم!
ويصعب على، بعد ذلك، تصديق من يتعمد التشويه فى معلومة يسيرة المعرفة كتلك، فى أى من كتاباته الأخرى، لأنه يروى، ولديه غرض فى نفس يعقوب، وليس بهدف رواية التاريخ المصرى بإخلاص للمصريين والعالم!
وأنا إذ أكتب هذا المثال من كتاب كتبه "الأستاذ"، أقول له ولأمثاله:
كتابة التاريخ، ليست رداً لجميل زعيم، وليست تسفيهاً لزعيم آخر، ولكن الحكم عليه بحيدة من أجل هذا الشعب وهذا الوطن. إن تحريف الأديان، لأمر هين بالمقارنة، لأن الناس تجد الحقيقة بسهولة بقلوبها، ولكن تشويه التاريخ، لمعضلة أخلاقية لا يقوم بها إلا من يكره بلاده ويفضل غيرها!!!
إن كتابة التاريخ لا تتم وفقا للأهواء، ولكن وفقا للوقائع وتحليلها، وإن كنت تكره السادات، فإنى لا ألومك ولا أتدخل فى مشاعرك! ورغم صغر سنى بالمقارنة معك، فإنى أعترف أنى كنت مثلك، أرى التاريخ يوماً من منطلق الأهلى والزمالك، أو ناصرى وساداتى، ولكنى ومع كثرة القراءة، لمن كتب ضد أو مع أو بحيدة، احترمت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وأقف اليوم مُنادياً بالحيدة التاريخية، لأنى أحب مصر أكثر من احترامى لعبد الناصر وعشقى للسادات!
يجب أن نكتب التاريخ كما حدث ونحلله حتى تستفيد الأجيال القادمة من دروس وأخطاء الماضى، وكى نستطيع أن ننمى بلادنا بمنطق العقول، وبحب القلوب لها. وليس حباً أو كرهاً لشخص أو أشخاص أو منظومة! وأنا بالطبع أعترف بخطأ السادات فى مسألة التعامل مع الإخوان، رغم عشقى للرجل، لأنى أحب مصر أكثر مما أحب السادات.. أتمنى من كل كاتب يكتب تاريخ هذا البلد، أن يحب مصر مثلى.. نعم مثلى! نعم! فإننى بالفعل مغرورو بحب هذا البلد ولن أتركه، بوصفى مواطنا فيه، أبداً لأى شخص يريد تشويهه! أحبوا مصر وأخلصوا لها، تعطيكم! وأمنوا بإمكانياتها واعترفوا بأخطاء زعمائها وإنجازاتهم، دون تشويه وتسفيه! ومن يريد الانتقام، إنما يسيئ إلى نفسه وليس سواه، لأن مصر ومن أخلص لها، باقية ذكراها وذكراه حتى قيام الساعة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.