"التنسيقية" تشارك في اجتماع القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب    شعبة الدواجن تحذر: الفراخ السردة تغزو الأسواق الشعبية.. اشتروا من المنافذ الرسمية    المسيرة الانتحارية المصرية.. سلاح ذكي يغير قواعد الاشتباك ضد الأهداف المدرعة    اتحاد السباحة ينعى لاعب الزهور ويعلن الحداد 3 أيام    وزير الزراعة: خطة مصر للتعامل مع الكلاب الضالة تعتمد حلولا إنسانية وسليمة    محمد إمام يفجر مفاجأة لجمهوره بشأن مسلسل الكينج    «القومى للمرأة» ينظم الاجتماع التنسيقي لشركاء الدعم النفسي لبحث التعاون    بابا الفاتيكان يعرب عن أمله في أن تكون رحلته الخارجية المقبلة إلى إفريقيا    أجواء حماسية والمنافسة تشتعل يين المرشحين في انتخابات النواب بقنا    هانوفر ينافس شتوتجارت على ضم بلال عطية لاعب الأهلي    أمن سوهاج يكثف استعداداته للعملية الانتخابية غداً.. صور    مصر ونيجيريا تبحثان فرص تعزيز التعاون المشترك فى قطاع التعدين    أحمد فهمي يحسم الجدل حول ارتباطه بأسماء جلال    بعد فرض ارتدائها في بعض المدارس.. الصحة: الكمامات تقتصر على الطلاب المصابين بالفيروسات التنفسية    لميس الحديدي بعد واقعة "سيدز": لازم الكاميرات تُعمم على كل المدارس    متأثراً بإصابته.. وفاة شاب إثر طلق ناري بقنا    وفاة ضابط شرطة إثر أزمة قلبية خلال تأمين انتخابات مجلس النواب بسوهاج    واشنطن تكثّف حربها على تهريب المخدرات: "بدأنا للتو"    غياب الكرتي ومروان.. قائمة بيراميدز لمواجهة كهرباء الإسماعيلية في الدوري    متسابقة بكاستنج تبكى من الاندماج فى المشهد واللجنة تصفق لها    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني    مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي أمام فولهام في البريميرليج    السعودية تتفوق على عمان 2-1 في افتتاح مشوارها بكأس العرب 2025    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    وكيل شباب الدقهلية يتابع تدريبات المصارعة بالمشروع القومي للموهبة والبطل الأولمبي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    تشكيل أتلتيكو مدريد أمام برشلونة في الدوري الإسباني    تعليق ناري من ماجدة خير الله عن أزمة فيلم الست لمنى زكي    العالمى ستيف بركات على المسرح الكبير    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    وزير خارجية ألمانيا: كييف ستضطر إلى تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل السلام    251 شاحنة مساعدات تغادر رفح إلى غزة محملة بالغذاء والدواء والبترول والملابس الشتوية    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    وزير الري يلتقي نظيره المغربي على هامش فعاليات الكونجرس العالمي التاسع عشر    مصر والسعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بمجالات الأمان النووي والإشعاعي    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    كأس العرب - شكوك حول مشاركة براهيمي أمام السودان    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى والدى فى ذكرى حرب أكتوبر
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 10 - 2009

تمر هذا العام الذكرى السادسة والثلاثين على حرب أكتوبر، وأحببت أن أرسل إلى روحك يا والدى رسالة قصيرة أعبر لك عن امتنانى لما غرسته فينا من قيم نبيلة وأفكار سامية تعلو على معانى الأنانية وتصبو إلى معانى المحبة والخدمة للمجتمع من حولنا. لقد علمتنا أنه ليس الفخر أن نحب أنفسنا، بل أن نحب كل من حولنا فنحب الوطن والعالم والعدل.
فى مثل هذا اليوم بدأت الحرب، وبدأ معها تضرعنا لله الواحد الذى لا شريك له أن يمن علينا بالنصر لكى تنتهى الحرب، ويعود إلينا والدى الذى كان يعمل بالأشغال العسكرية سريعا، ويأتى إلينا كما كان يفعل على مدى خمسة أعوام لمدة ثلاثة أيام فى الشهر ننعم بحنانه ويعطى والدتى مصروفاتنا ثم يعود بعدها إلى مدينتنا الصغيرة.
وعندما حدثت الحرب كنا من أكثر المصريين سعادة، لأن هذا الانتصار كان يعنى لنا العودة إلى المنزل الصغير الذى نشأنا به وإلى مدينتنا الباسلة التى شهدت طفولتنا وضحكاتنا ودموعنا. وانتهت الحرب ولكن ظلت اخبار والدى مجهولة ومرت عدة أشهر كان يرسل لنا المصروفات مع أحد زملائه وبدون رسالة تطمئنا عليه, وقلقنا كثيرا وبدأت الشكوك تساورنا خوفا على حياته وبعد عدة اشهر وقفت عربة إسعاف تحت منزلنا بالمدينة التى هجرنا إليها وصعد والدى للمنزل شاحب الوجه بطىء الحركة وقد فقد الكثير من وزنه, وعلمنا منه أنه أصيب بالحرب وظل بالرعاية الحرجة يصارع الموت بمستشفى القوات المسلحة عدة أشهر وعندما سمح له الأطباء بالسفر حضر إلينا. تضرعنا لله شكرا على عودته للمنزل. وفى ذكرى حرب أكتوبر فى العام الذى تلا الحرب، كرمت القوات المسلحة كل الذين خدموا مصر أثناء هذه الحرب، وكان والدى أحدهم وحصل على نجمة سيناء كتب عليها "إن جندنا لهم الغالبون". وتوفى والدى بعدها بأربعة عشر عاما.
وظلت هذه النجمة تزين منزلنا الصغير حتى الآن وعدنا إلى مدينتنا فى العام التالى، وعندما وطأت قدم أمى أرض المدينة، جثت على ركبتيها تقبل ارضها شكرا لله, وعدنا لمنزلنا الذى كنا نقيم به مع جيران من أجناس مختلفة، المصرى منهم، البحراوى والنوبى واليونانى والإيطالى، وديانات مختلفة، كاثوليك وأرثوذكس ومسلمين وبهائيين وبشرة مختلقة بيض وسود وبسمرة ماء النيل.
كان الجميع متحابين، ولأن منزلنا بالدور الأول، كان دائما ملاذا للجميع فى فترات الحروب، حيث كان على الجميع النزول إلى الدور الأول بناء على تعليمات الدفاع المدنى لسلامة السكان عندما تصفر غارات الإنذار, وكان كل السكان بالتناوب يصلى صلاته لله الواحد ويستمع الباقى بإنصات واحترام, كانت صلاتنا واحدة الهدف وهى أن يوقف الله تعالى الحرب ونزيف الدم وأن يأتى الله بالسلام ويحافظ على منزلنا الصغير من الضربات الجوية الشرسة التى لا تعرف الرحمة والتى كانت قلوبنا الصغيرة تكاد أن تتوقف ضرباتها خوفا وهلعا من أن نفقد عزيزا من أهلنا الذين نحتمى بهم من أتون الحرب, وأن يحمى مصر بلد السماحة والقلب النابض المفتوح لكل الثقافات والأجناس فى العالم. كانت جارتنا الإيطالية أحيانا تنهار بكاء من الخوف، فتقول لأمى بلغة عربية مكسرة من فضلك صلى باسمى فى صلاتك لأنى لا أستطيع أن أصلى الآن.
وكانت أحيانا تستمر حالة الخطر لعدة ساعات، فتأتى الأمهات بالطعام ويوزعونها على الجميع بكل محبة ولا تفرقة بين أى أحد منا, وأحيانا أخرى كنا نخلد إلى النوم، وكانت أمهاتنا تضعنا بين أحضانهن وهن جالسات على الأرض بجوار بعضهم بعضا، وكأن لسان حالهن يقول يا نعيش سوا يانموت سوا. وعندما يزول الخطر ونريد أن نلهو بالشارع، كان الأهالى يخافون من تجدد الغارات فجأة، وأن يحدث لنا مكروه، فينصحوننا باللعب فى فناء الكنيسة اليونانية التى كانت خلف المنزل، وكنا نذهب جميعا ونستأذن باللهو فى حديقة الكنيسة فى غير الأوقات المخصصة للعبادة, وكان يأتى إلينا أحد رجال الدين بها محملا بالحلوى وسط ضحكاتنا، ونحن نتخاطف منه الحلوى.
وعندما اشتدت الحرب وامتلات المستشفيات بالجرحى وطلب رجال الدفاع المدنى من كل إنسان فى مدينتى الساحلية الصغيرة التبرع بالدم، لأنه لا يوجد دماء تكفى الجرحى العائدين من الحرب، وعلى الفور أقنعنا والدى أنهم سوف يأخذون منا كمية قليلة جدا من الدماء وفرحنا بأننا سنشارك الكبار فى ذلك وذهبنا إلى المستشفى العام وتبرعنا وفرحنا بعلبة عصير قها التى أعطونا إياها.
ولم يتردد الجيران أيضا فى ذلك واختلطت دماء الجميع لم يفكر أحد لمن سيعطى دمه، وحتى يومنا هذا، الجميع يتبرع بدمه وتمتلئ بنوك الدم بدماء المصريين بكل طوائفهم وألوانهم يتبرعون بها كسائل درى يهب الحياة للآخرين، ومازال نهر هذا النوع من العطاء متجددا، وسيظل دائما متجددا لأن المصرى بطبعه متسامح ومعطاء, رحمك الله يا والدى فقد علمتنا معنى أن نحب الوطن والعالم كله.
إلى شركائنا فى الوطن الواحد، إن المحبة هى سر البعث الإلهى وإرسال رسالات السماء للبشر فاجعلوها سرجا تشرق على صفحة مياه النيل لكى تنتج حضارة عريقة كما فعل أجدادنا القدماء وكل عام ومصر بخير وسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.