منذ ظهور وباء أنفلونزا الخنازير ونجد الجميع يسعى للابتعاد عنها بشتى الطرق والوسائل، خوفا من هذا الفيروس اللعين. ولكنى رغم كل هذه المخاوف فإنى أشكر أنفلونزا الخنازير!! نعم وأعترف بأنها صاحبة فضل علينا كبير!! ويرجع سبب امتنانى إلى أنها قضت على العديد من السلبيات التى تظهر عندنا فى عاداتنا الاجتماعية، وذلك بداية من إلغاء الموالد التى يتجمع بها الأفراد رجالا ونساء سواء كانوا فى سرادقات خارج الضريح أو المسجد المقام عنده المولد، وصدقنى أن هذه الموالد كانت بعيدة كل البعد عن الاحتفالات الدينية، وسوف أدعوك لترى مشهدا حقيقا يحدث فى هذه الموالد واحكم بنفسك. حيث تجد الناس يأتون من كل صوب وحدب ويفترشون الشوارع ب(خيم) يتجمع بها الرجال والنساء وترى كل النساء بزينة لا تدل على احتفال دينى ولا يحزنون وتجد الرجال يجلسون بالشيشة و"القعدة" آخر منجهة وما خفى كان أعظم!! ناهيك عن السرقات وألعاب الثلاث ورقات وتعطل المرور أكثر مما هو معطل ومشاجرات وغيرها من الأمور التى لا تمت بصلة للاحتفال الدينى، وبالتالى يصبح الشارع مولد وصاحبه غايب!! فقد كشفت أنفلونزا الخنازير أننا لا نتحرك إلا فى الوقت الضائع، وفجأة وبقدرة قادر أصبح شعار "مدرستنا جميلة نظيفة متطورة" - ومن عندى أضيف حلوة وصغيرة وبنت ناس – ضربا من ضروب الخيال فلا المدارس نظيفة ولا مجهزة أصلا للطلاب و لكنه كلام لأنه لا أحد يحاسب أحد.. كله فى حاله!! فلم يكتشف هؤلاء السادة الجالسون فى مكاتب مكيفة أن حمامات المدارس والفصول غير صالحة للاستخدام الآدمى إلا بعد أن لاح المرض فى الأفق وبدأ يكشر عن أنيابه مهددا الصغير والكبير. والطريف أن الفصول كانت تضيق بالطلاب وتعانى من فرط هذه الزحمة ولا كأنك فى زنقة الستات!! لكن مع الأنفلونزا الجديدة بدأت وزارتا التعليم سواء العالى أو ما قبل العالى فى الإعلان عن تخفيض الكثافة بالفصول أو المدرجات ولا وجود لعلب السردين!! وتعلن استقبال الوباء بالصبِِِّانات والديتول!! الطريف أيضا أن وزارة التربية والتعليم قررت وحدها توزيع "كمامات" على الطلبة جميعا وفى كل المحافظات ولكن لى سؤالا لوزير التربية والتعليم: ألا تعلم معاليك أن مدة استخدام هذه "الكمامات" تصل لستة ساعات وبعدها لا نفع منها ولا فائدة؟!! فهل سيتم توزيع الكمامات على الطلاب يوميا، أم أنها سبوبة حلوة نطلع منها بقرشين ونستفيد؟! ومن ضمن الاستفادة أيضا، أن البعض يردد أنه لا إلغاء للدراسة وفى اعتقادهم أن هذا لن يتم بتاتا لأن ده فى خراب بيوت!! فهم يرون أن الرفض الحكومى لتأجيل الدراسة يرجع إلى رغبتها فى جمع المصاريف من الطلاب وجمع أثمان الكتب الخارجية وجمع أى شىء يدخل فى بند المصاريف وبعدها لو عايزين نلغى يبقى نلغى!! لكن لا تفريط فى هذه الأموال ودى طبعا إللى بنسمع إنها بتتصرف علينا فى بناء المدارس وإصلاح العملية التعليمية وإنشاء المستشفيات والطرق والكبارى وغيره من الضحك على الذقون!! وإذا كانت الأنفلونزا نقمة فهى كشفت لنا ما يدور حولنا وقضت على حظائر الخنازير ذات الروائح الكريهة بذبحها جميعا لكن دون تقنين، ولكن أتمنى أيضا استئصال جرثومة خبيثة منتشرة لدينا منذ قديم الأزل وهى عادة (المبوسة) فما أن يتقابل أحد بشخص آخر رجالا كانوا أم سيدات وهاتك يا سلامات وتقبيل بالأربع خمس قبلات وتستمع لأصوات غريبة عند تقبيل السيدات لبعضهن البعض وكأنهن يتفنن فى التقبيل، فعلى هذا الخد قبلتان متتابعتان كقذائف المدافع وعلى الخد الآخر أيضا. ولكن جميع طرق الوقاية أكدت ضرورة الابتعاد عن هذه المعركة السلامية وأتمنى أن نستمع لتلك النصائح وفى النهاية أقدم خالص تحياتنا التى لا تعد ولا تحصى لأنفلونزا الخنازير لما قدمته لنا من خدمات عديدة إلا أننى أدعو الله أن ترحل عنا دون متاعب ويخرجنا الله منها سالمين.