يتصور البعض أن الإنفلونزا الموسمية من الفيروسات البسيطة، معتقدين أنها تصيب الإنسان ويتعافى بعدها بأيام، بينما فى الحقيقة تعد من المسببات الرئيسية للوفاة حول العالم، حيث توفى 30 مليون فى عام 1919، وهى ليست محصلة لحروب عالمية أو كوارث طبيعية، وإنما هو عدد من لقوا حتفهم من جراء الإصابة بالإنفلونزا الموسمية فى عام واحد، فى حين أن محصلة وفيات الحرب العالمية الأولى والثانية 20 مليون فقط، مما يبين خطورة الإصابة بالإنفلونزا. وعلى الصعيد العالمى، أشارت الدراسات، إلى أن الإنفلونزا الموسمية تصيب خمسة ملايين شخص بإصابات بالغة كل عام، ومن 250 ألفا إلى 500 ألف حالة وفاة سنويا. كما أوضحت الدراسات أن البعض يخلط بين الإنفلونزا الموسمية وبين نزلات البرد العادية، نظرا للتشابه فى الأعراض، وهو ما يؤدى إلى إهمالها والتعرض لمضاعفاتها الخطيرة. وأكد جميع الأطباء، أن الوقاية تكمن فى التطعيم التحصينى للإنفلونزا الموسمية، الذى يقى الإنسان من مضاعفات الفيروس الخطيرة. وأوضح الدكتور عوض تاج الدين أستاذ الأمراض الصدرية، ووزير الصحة الأسبق، أن الإنفلونزا مرض تنفسى يؤثر على أجهزة الجسم كافة ويؤثر بشكل خاص على الجهاز التنفسى العلوى والسفلى، ويصيبه بمضاعفات خطيرة، كالالتهابات الحادة بالشعب الهوائية، وتكمن الخطورة عندما يحتاج المريض لنقله للمستشفى، ووضعه على جهاز تنفس صناعى، مؤكدا على أهمية تطعيم الفئات الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الأنفلونزا قبل دخول الشتاء، وخاصة كبارالسن والأطفال، ومرضى القلب والرئة والسكر وأمراض الدم ومرضى الكلى. وحول خطورة إصابة مرضى السكرى بالإنفلونزا الموسمية، قال الدكتور هشام الحفناوى مدير المعهد القومى للسكر والغدد الصماء، موضحا أن مناعة مريض السكر تكون ضعيفة، مما يجعله عرضة للإصابة بالأمراض ومضاعفاتها أكثر من غيره من الأشخاص، وقد يؤدى إصابة مريض السكر بمضاعفات الإنفلونزا الموسمية إلى ما يعرف بالغيبوبة الكينونية، وهى غيبوبة قاتلة قد تودى بحياة المريض. وأشار الدكتور هشام الحفناوى، إلى أن مضاعفات الإنفلونزا الموسمية فى حالة مريض السكر من النوع الأول، تسبب تآكل ذاتى فى خلايا الأنسولين، كما أن هناك فئات عرضة للإصابة بمرض السكر، وعند إصابتهم بالإنفلونزا الموسمية قد يصاب البعض منهم بالسكرى من جراء مضاعفات فيروس الإنفلونزا عليه، لافتا إلى أن المعهد القومى للسكر يقوم بجلسات توعية لكل مرضاه بأهمية التطعيم التحصينى ضد الإنفلونزا الموسمية، لتجنب مضاعفاته الخطيرة على مرضى السكر. وعن مرضى القلب، أكد الدكتور شريف الطوبجى أستاذ أمراض القلب ورئيس الجمعية المصرية لأمراض القلب، أن الأمر لا يختلف كثيرا، حيث تشكل الإنفلونزا خطرا حقيقيا على مريض القلب، إذ أن مضاعفاتها تسبب لمريض القلب الأزمات القلبية، التى قد تصل إلى حدوث ضيق فى الشرايين التاجية، أو هبوط حاد فى الدورة الدموية، كما قد تؤدى إلى حدوث جلطات القلب والمخ. وعن الوقاية من كل تلك المخاطر، نصح دكتور شريف، بأن الوقاية عن طريق التطعيم هو الخيار الأفضل، فالتطعيم يكون مرة واحدة فى العام ويمنع مضاعفات المرض الخطيرة. ولفت الدكتور جمال سامى، أستاذ طب الأطفال بجامعة عين شمس، ورئيس الجمعية المصرية للتطعيمات، إلى أن الأطفال هم أكثر الناقلين الفعالة لفيروس الإنفلونزا فى المجتمعات، وتشير الخصائص الديموجرافية لمصر إلى أن 60% من سكانها دون سن 15 عاما يصابون بالإنفلونزا، وهو يعنى ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس الإنفلونزا فى المجتمع المصرى. وأكد دكتور جمال على أهمية تطعيم الأطفال، مشيرا إلى أن الفيروس ينتشر فى الأماكن المزدحمة، كالمدارس والفصول، ناصحا بتحصينهم باللقاح للوقاية من المضاعفات. وحول آلية تطعيم الأطفال، أوضح الدكتور شريف عبد العال استشارى الأطفال ورئيس الجمعية المصرية لطب الأطفال، أن الطفل يسمح له بالتطعيم من سن 6 أشهر، ويتم إعطاؤه كمية الجرعة الواحدة على مرتين، كل شهرين، بينما الطفل فى عمر ال5 سنوات يتناول جرعة واحدة أول الشتاء كالبالغ، مشيرا إلى حق كل طفل فى التطعيم، قائلا "فالأطفال هم المستقبل، وإذا لم نهتم بتوفير التطعيمات للأطفال، وحمايتهم من الأمراض فلا مستقبل لمصر". وأكد الدكتور شريف عبد العال، على ضرورة توافر العلاج الديمقراطى للأطفال، عن طريق توفير التطعيم لكل الأطفال باختلاف مستوياتهم المادية. وعن مدى سلامة التطعيم ومحاذير استخدامه، أوضح لنا الدكتور هشام طراف أستاذ أمراض الحساسية بكلية طب قصر العينى، والمستشار الإقليمى للكلية الملكية البريطانية بادنبرا، قائلا إن المصل آمن وليس له أى آثار جانبية، حيث يتم اختياره وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، ووفقا للمعايير الدولية، مشيرا إلى أنه يتم تناوله عن طريق جرعة واحدة من المراكز الصحية المختلفة، ومن الهيئة القومية للمصل واللقاح التابعة لوزارة الصحة المصرية، وهو غير مكلف، وتصل تكلفته من 35-40 جنيها. وأشار دكتور هشام طراف، إلى أن الفئة الوحيدة التى يحذر عليها تناول التطعيم، هم مرضى الحساسية المفرطة من البيض، وهم من يعانون من حساسية مفرطة قد تصل إلى حد الصدمة عند تناول البيض، ناصحا بعدم تناولهم اللقاح، ودون ذلك فكل الفئات يمكنهم تناول التطعيم.