على مر العصور سواء ما مضى منها وما هو آت تصبح فكرة تحقيق العداله هى الشغل الشاغل للسواد الأعظم من خلق الله، وبالذات فى حالة تفشى الظلم، وعندما يعم الفساد ربوع البلاد. وقد تبنى بعض السينمائيين لفكرة الانتقام الشعبى من الفاسدين، وذلك بتضافر بعض الشرفاء من أفراد المجتمع فى تطبيق القانون بشكل آخر غير المتعارف عليه، وبطريقة قد يجرمها القانون، لكنها تجد هوى لدى العامة. رأينا تلك الفكرة سواء أكانت خيالا سينمائيا أو كانت حلولا منطقية تبنى أفكارها بعض القادرين من رجال الشرطة والقضاة ورجال النيابة، وبعض رجال صفوة المجتمع فى تطبيق قانونا توسموا فى أن تطبيقه بطريقتهم سوف يحد ما انتشار الفساد واللعب بالقانون باستغلال ثغراته التى يتعمد بعض أفراد المجتمع فى تواجدها حتى يفر الجانى بما أثمت يداه، والأمثلة كثيرة ولا حصر لها، فما كان منهم إلا تطبيق قانونهم. فرأينا فى بعض الأفلام الأجنبية قيام بعض من رجال الشرطة يقومون بتطبيق القانون بيدهم على المنحرفين والفاسدين وتجار المخدرات، ورأيناها فى أفلام أخرى تتكون مجموعة تنفيذ القانون رجال شرطة وقضاة.. وهلم جرا. وقد يتعجب القارئ بأنى كلما استخدمت الرموت كنترول فى البحث عن برنامج أو مسلسل يستحق المشاهدة ثم أجد فيلم كتيبة إعدام – لا أتوانى أن أشاهده، رغم أنى شاهدت عشرات المرات، فالفكرة تستهوينى بدرجة مخيفة، بل وأتمنى أن أجد فى مصر من يطبقها، مع علمى التام بأن ذلك مخالف للقانون، وأن ذلك يعطى بعض الغوغاء الحق فى تصفية خصومهم فى أى مجال عن افتعال أدلة مدبرة وسيرة مسيئة للشخصية المراد تصفيتها. كل ذلك أعلمه وأعلم أيضا عن النفس الأمارة بالسوء – فربما يختلط الحق بالباطل وتتشابه علينا الأمور – لكن وبالحق أقول إن الفكرة تستهويني. ولو نظرنا إلى قضايا الفساد المنظورة أمام القضاء أو فى تحقيقات النيابة العامة أو النيابة الإدارية - تجد المئات من القضايا إما أن تنتهى بالبراءة أو بالحفظ لأسباب فنية لا نعلمها نحن حقا، وهل تلك الأحكام أو قرار الحفظ مسيسة أم هى نتيجة قصور فى جمع المعلومات أو ثغرات فى التحقيقات المراد منها، وبها أن تنتهى تلك القضايا إلى لا شىء. وفى فيلم كتيبة إعدام كانت تلك الفكرة وهى المحاكمة الشعبية من بعض شرفاء المجتمع – ضابط ووكيل نيابة وأصحاب حق ظاهر وباطن، ويجدون أنفسهم مكبلين فى إظهار الحقيقة نظرا للحماية والفساد المنتشر فيقررون القصاص بطريقتهم وبمحاكمة شعبية صدرت حكمها بناء على يقين قاطع على استحقاق الفاسد للقتل. وأصبح الآن مجتمعنا المصرى بالذات لا يحتاج إلى كتيبة إعدام، بل يحتاج إلى كتائب إعدام حتى يهدأ بالا ويعلم بأن فى هذا الوطن مازال هناك شرفاء يبحثون عن العدل والحق.