ب"احتفالية ومعرض".. تعليم الأقصر تحيي فعاليات اليوم العالمي لذوي الهمم| صور    د. القس رفعت فتحي يكتب: المسيحية الصهيونية.. موقف الكنيسة المشيخية    استمرار ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية    إغلاق الأسهم الأمريكية عند مستوى قياسي جديد    محافظ الغربية يستجيب لشكوى سيدة مسنة ويوفر لها كرسى متحرك ومساعدات إنسانية    لماذا يُواصل صندوق النقد الدولي إقراض نظام السيسي رغم الخراب الاقتصادي في مصر؟    الحكومة الليبية تنعي الحداد ومرافقيه وتتقدم بالتعازي لأسرهم    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    حداد في طرابلس ووفد من الدفاع سيزور أنقرة لمتابعة ملابسات سقوط طائرة رئيس الأركان    ابتزاز داخل مجلس الأمن، واشنطن تتوعد مادورو بعقوبات قصوى لحرمانه من النفط الفنزويلي    ويتكر: المفاوضات حول أوكرانيا تبحث أربع وثائق ختامية رئيسية    مطران الكنيسة اللوثرية يوجّه رسالة الميلاد 2025 من بيت لحم: نور المسيح لا يُطفأ رغم الحرب    الركلات الترجيحية تبتسم للجانرز.. آرسنال لنصف نهائي كأس الرابطة على حساب كريستال    حسين الشحات يتحدث بعد ارتداء شارة قيادة الأهلي لأول مرة    موعد مباريات اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025.. إنفوجراف    بالصور.. الشباب والرياضة توضح أسباب اجتماع وزير الرياضة مع مجلس إدارة الأهلي برئاسة محمود الخطيب    لاعب زيمبابوي السابق: أحرجنا منتخب مصر ومرموش كان كابوسًا    مفاجأة في مفاوضات تجديد عقد حسين الشحات مع الأهلي    بمساحة 177 فدانًا.. الزمالك يحصل على أرض بديلة قرب القرية الذكية    وزير التعليم: البكالوريا شبيهة بالنظم العالمية.. وستقلل من الدروس الخصوصية    أخبار × 24 ساعة.. بعثة صندوق النقد: الاقتصاد المصرى حقق مؤشرات نمو قوية    بعد واقعة ريهام عبد الغفور، المهن التمثيلية: ملاحقة قانونية صارمة ضد الصفحات المسيئة للفنانين    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    البياضية والزينية تتألقان باحتفالين جماهيريين في عيد الأقصر القومي (صور)    فايزر تحقق في حادث خلال تجربة علاج جديد لمرضى سيولة الدم    بشرى ل 7 محافظات، الصحة تحدد موعد التشغيل التجريبي للمرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    وزارة العمل: قانون العمل الجديد يضمن حقوق العمال حتى بعد الإغلاق أو التصفية    دفنوه في أحضان أمه، أهالي معصرة صاوي بالفيوم يشيعون جثمان الضحية الثامنة لحادث الطريق الإقليمي    انهيار سقف مطبخ وحمام على طابقين بالزاوية الحمراء وإخلاء العقار من السكان (صور)    أخبار مصر اليوم: 6 مليارات جنيه استثمارات "التجارة الداخلية" لإنشاء مناطق لوجيستية، المصريون بالخارج يبدأون التصويت في ال19 دائرة انتخابية ملغاة بانتخابات النواب    السلطات الأمريكية: مقتل عنصر من شرطة ولاية ديلاوير في إطلاق نار    فصل التيار الكهربائي عن بعض قرى دكرنس في الدقهلية الجمعة.. اعرف الأماكن    أبرز تصريحات وزير التعليم عن اهتمام القيادة السياسية بالملف التعليمي    كورال "شباب مصري" يحيي حفل غنائي بقصر الأمير بشتاك، الجمعة    خالد مرتجي: نبحث تطوير كرة القدم داخل الملعب وخارجه    تفاصيل فوز مصر بمعقد في الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية.. فيديو    "الوطنية للانتخابات": بدء تصويت المصريين بالخارج بجولة الإعادة في 19 دائرة انتخابية    بفستان أحمر قصير.. إيمان العاصي تثير الجدل في أحدث ظهور    أحمد رفعت: «الوسط الفني مجاملات وكله محسوبية»    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    تفاصيل البروتوكول الموقع بين القومي لحقوق الإنسان والنيابة الإدارية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    «اليونسكو» تكرم محافظ المنوفية تقديراً لجهوده في دعم التعليم | صور    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومازال الحزن مستمراً
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 11 - 2013

لا أعرف اسمه، وإن حاولت الذهاب إليه بعد هذا اليوم ألف مرة لما استطعت، لكنى أعرف جيدا تلك التضاريس الزاعقة بالمصرية على وجهه، وأعرف أيضا هذا الحزن الذى اكتسى به فكساه، رأيته فى يوم الحزن، يوم أن تشابهت البيوت وغامت الملامح، يوم أمس الأول حيث ذهبت إلى محافظة أسيوط ضمن وفد التيار الشعبى المصرى لتقديم العزاء إلى أهالى «ملائكة أسيوط» المقتولين بيد الإهمال والتقصير والطغيان، لم يقل كلمة منذ أن دخلنا إلى غرفة العزاء، لكن وجهه كان بليغا ومعبرا عن حالة حزن استثنائية، فجأة أمسك بيده مصحفا من خمسة مصاحف كانت موضوعة أعلى منضدة بالغرفة، وقال: كان بيحفظ فى المصحف ده، ثم انهمر فى بكاء حارق أبكى جميع الجالسين، فلم نعرف كيف نواسيه وقد أصبحنا نحن فى حاجة إلى المواساة.
كانت المصاحف متهالكة من كثرة استخدامها، تستطيع أن ترى أثر أيدى أطفاله الثلاثة الذين قضوا فى الحادث على كل صفحة، تستطيع أن تشم رائحتهم، وأن تسمع صوتهم يرتلون آيات الله بانفعال طفولى حبيب، تستطيع أن تشعر بأثر لمساتهم البريئة الناعمة وهى تداعب وجهك تستطيع أن تراهم من بين الصفحات وقد صعدوا خفافا إلى بارئهم، يزينون السماء بأحلامهم، ويرطبون الجنة بأرواحهم الندية، وهم فيها مخلدون، تستطيع أن ترى مدية الطغيان وقد شقت بطن الحياة لتخرجهم إلى الموت مجبرين.
لا أعرف على وجه التحديد كم بيتا دخلنا وكم عزاء قدمنا، فقد بدت البيوت على اختلافها واحدا، وبدت الملامح واحدا، وبدا الأشخاص واحدا، شوارع ضيقة وأخرى واسعة، بيوت كبيرة وأخرى دافئة، كانت المسافة أحيانا بين السرادق والآخر كليو مترات، وفى أحيان أخرى «بضعة أمتار» كانت هذه هى زيارتى الأولى لمحافظة أسيوط، لكنى تخيلت أن هذه المآتم قديمة قدم الدهر، وأنها قائمة منذ أن خلق الله الخلق ورفع السماء، صارت «المعازى» علامة الشوارع بالنسبة لى، أذهب يمينا حيث أجد عزاء الشهيد فلان، ثم أنحرف يسارا لأجد عزاء الشهيد فلان، وفى الأمام عزاءان، وفى الطريق عزاء، صوت القرآن فى كل مكان، والحزن يكسو الجميع، وأهالى الملائكة يقابلوننا بود وترحاب كما لو كنا نعرفهم من سنين وعقود، أحدهم قال لنا: أنتم لا تعرفوننى وأنا أقابلكم اليوم للمرة الأولى، فقد جمعنا الحزن لأننا «مصريين» ولا أعرف ما الذى أشعرنى وهو يقول «مصريين» بأننا فى بلد غريبة ولسنا فى بلدنا، وأن الغريب للغريب قريب.
يوم مر كسنة، خرجت من بيتى فى الثامنة صباحا، وعدت إليه فى السابعة من صباح اليوم التالى، فى الذهاب سلكنا الطريق الصحراوى، وكلما كنت أنظر من الشباك لأتبين ملامح الطريق كان يسكننى هاجس بأننا ألقينا بلاد الصعيد من ذاكرتنا وحياتنا، فلا إشارة تخبرك بموضعك، ولا علامة تقول لك كم بقى لك من المسافة، لا أبالغ إذا قلت إنى صافحت مئات الرجال، وفى أياديهم المتباينة كان المعنى حاضرا، بعضهم يحمل يدا «صلبة كالصخر تخدش من يلامسها» وبعضهم أجهض الحزن عزم يديه فتراخت وتماوتت، وجميعهم يحمل ملامح بطل قصيدة «شنق زهران» لشاعرنا الأكبر صلاح عبدالصبور» ذلك المقتول فى حادثة دنشواى «كان زهران غلاما/ أمه سمراء، والأب مولّد/ وبعينيه وسامة/ وعلى الصدغ حمامة/ وعلى الزند أبو زيد سلامة» فمضيت أردد بين كل عزاء وعزاء: قريتى من يومها لم تأتدم إلا الدموع/ قريتى من يومها تأوى إلى الركن الصديع/ قريتى من يومها تخشى الحياة/ كان زهران صديقا للحياة/ مات زهران وعيناه حياة/ فلماذا قريتى تخشى الحياة؟
فلماذا قريتى تخشى الحياة؟
نشر هذا المقال فى 20 نوفمبر العام الماضى تحت عنوان كسوة الحزن العمياء.. وأعيد نشره بمناسبة حادثة قطار دهشور التى أثبتت أن الحزن مازال مستمرًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.