توجيهات حاسمة من السيسي لتكريم شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية والأمنية وأسرهم    محافظ القاهرة يوجه بسرعة انتهاء عمل لجان حصر مناطق الإيجار القديم قبل 4 نوفمبر المقبل    باستثمارات 20.5 مليون دولار.. وضع حجر أساس مشروعين للملابس الجاهزة والمنسوجات بالقنطرة غرب الصناعية بالإسماعيلية    نتنياهو: رفات الرهينة التي أعادتها حماس الليلة الماضية هي بقايا رهينة استُعيدت من قبل    محافظ القاهرة: تطهير 23 ألفا و615 بالوعة أمطار و32 صرف نفق استعدادا لفصل الشتاء    محافظ أسوان: افتتاح المتحف المصري الكبير فخر لمصر والعالم وتجسيد لرؤية الجمهورية الجديدة    مدبولي: افتتاح المتحف المصري الكبير سيسهم في جذب المزيد من الحركة السياحية لمصر    شقق شركة مدينة مصر تبدأ بمقدم 140 ألف جنيه وقسط شهري 5 آلاف فقط.. تفاصيل المشاريع وفرص الاستثمار العقاري    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    محافظة أسوان تنفذ حملة لرفع 500 حالة إشغال ومراجعة تراخيص المحلات    واعظات الأوقاف يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    زيلينسكى: مستعدون للسلام دون التنازل عن أراضٍ    جهود لبنانية - أمريكية لحصر السلاح بيد الدولة.. وحزب الله يرفض التسليم    تطعيم لاعبي الأهلي وجهاز الكرة ضد فيروس A    لتعزيز الصدارة.. موعد مباراة نابولي ضد ليتشي والقناة الناقلة    موعد مباراة أتالانتا وميلان في الدوري الإيطالي    حسم موقف آدم كايد من مباراة الزمالك والبنك الأهلي    رابطة الأندية: لا تأجيل لمباراتي بيراميدز.. وطولان لم يقدم برنامج إعداد المنتخب الثاني    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    الداخلية تعلن البدء فى إجراء قرعة الحج بعدد من مديريات الأمن بالمحافظات    صانع محتوى يدّعى تعرضه للسرقة لزيادة المشاهدات.. والأمن يكشف الحقيقة    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    «الوطني الفلسطيني»: غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية    المسألة المصرية وعقلية «روزاليوسف» الاقتصادية    افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. مصر تبهر العالم في أضخم حدث ثقافي بالقرن الحادي والعشرين    من قلب الأقصر.. «مدينة الشمس» تستعد لاحتفال أسطوري بافتتاح المتحف المصري الكبير| فيديو    تقترب من 19 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم «أوسكار عودة الماموث»    الإفتاء توضح الحكم الشرعي لتقنية الميكرو بليدينج لتجميل الحواجب    عشرات شاحنات المساعدات تغادر رفح البري متجهة إلى غزة عبر كرم أبو سالم    جراجات مجانية لأعضاء النادي في انتخابات الأهلي    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    "القومي للمرأة" يشارك في احتفال اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    رئيس جامعة سوهاج يعلن تكليف 1113 أخصائي تمريض لدعم المستشفيات الجامعية    3 وزارات تناقش تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    محافظ أسيوط يستقبل الرحلة الجوية المنتظمة بين القاهرة وأسيوط    جامعة القناة السويس تنظم قافلة شاملة بقرية أم عزام بمركز القصاصين    دراسة: زيارة المعارض الفنية تُحسن الصحة النفسية    ب«الشيكولاتة والعسل والتوت».. طريقة عمل ال«بان كيك» أمريكي خطوة بخطوة    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع رقص ب«ملابس خادشة» في الإسكندرية    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    استعدادات مكثفة لمتابعة جاهزية المراكز الانتخابية قبل انطلاق انتخابات النواب بقنا    ضبط (100) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    «بلغهم بالتليفون».. شوبير يكشف تفاصيل صادمة في أزمة إيقاف «دونجا» ودور عامر حسين    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    سفير الصين يشيد بجهود مصر في اتفاق غزة ويؤكد التزام بكين الثابت ب"حل الدولتين"    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلم يتحدى ظلام الإرهاب.. انطلاق العام الدراسى فى قرى سيناء الدامية.. حضر الطلاب وغاب المعلمون.. والمدارس لا تزال تشكو انعدام الخدمات.. أولياء الأمور تسابقوا لاستطلاع وقائع أول يوم دراسى
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 10 - 2013

بينما يسيطر الحذر والخوف من الموت برصاص مجهول على كافة طرق سيناء ومسارات رمالها، خرج الصغار يتأبطون كتبهم، ويسيرون فرادى وجماعات صوب مدارسهم التى فتحت أبوابها، فيما تحمل جدرانها آثار الخراب الذى حل بكافة أرجاء المكان.
إنها مناطق جنوب الشيخ زويد وجنوب رفح، أو ما تعرف باسم قرى "الدم"، والتى تشهد أرضها تواصل معارك حامية الوطيس، حيث تلاحق قوات الجيش والشرطة، للشهر الرابع على التوالى، جماعات مسلحة وعناصر تكفيرية وجهادية ومهربين وتجار مخدرات، وتتم مداهمة بيوت وعشش وإحراق وتدمير بعضها، وإغلاق ميادين قرى وطرق أثناء العمليات، وإطلاق نيران تحذيرية بين الحين والآخر، بينما تستهدف عناصر مسلحة مجهولة القوات بقذائف صاروخية، وبزرع عبوات ناسفة على مساراتها، وهو ما يزيد المكان اشتعالا، ويزيد من حيرة وتساؤل الأبرياء من الأهالى، ولسان حالهم يقول "متى ينتهى هذا الهم الذى طالهم شره، وسقط من بينهم بالخطأ، وأثناء وجودهم فى محيط العمليات، قتلى ومصابون، وهدمت بيوت وأحرقت سيارات.
المدارس، ولطبيعة وجودها لم تسلم من نار تلك الحرب.. وأصابتها خلال هذه الفترة رصاصات عابرة استقرت بأفنيتها، واخترقت نوافذها وجدرانها، مخلفة آثارا من الخراب خدش حرمة تلك المواقع التعليمية المقدسة.. كما اتخذت القوات من بعضها نقاط تمركز وإيواء وانطلاق وتجمع أثناء التحركات، وتعرضت للتفتيش هى الأخرى، وهجرها المعلمون والعاملون بها، وخلال هذه الفترة تم تأجيل الدراسة بها 4 مرات.
"اليوم السابع" كان هناك ورصد وقائع يوم دراسى جديد بمدارس تلك المناطق.. وكان اللافت للنظر وجود رغبة شديدة لدى الطلبة والطالبات فى العودة للمدارس، وسارع بعض أولياء الأمور باصطحاب أبنائهم ليستطلعوا، بهدوء، هل ثمة دراسة فعلية أم هى مجرد "فرقعة" حكومية.. فى حين غاب عن حضور هذا اليوم المعلمون القادمون من خارج تلك القرى.
ولى أمر أحد التلاميذ يدعى "سليمان" كان يصطحب نجله المقيد فى أول عام دراسى له بقرية الجورة.. قال "توكلنا على الله وأتينا للمدرسة.. ومناطقنا ساخنة وأيادينا على قلوبنا، نخاف أن يصاب أبناؤنا بمكروه فى أى عمليات تبادل إطلاق نار، أو إطلاق نار تحذيرى.. لا نأمن أن يفجر إرهابى نفسه، أو يزرع عبوة ناسفة، وبعدها تقوم الدنيا وتطلق القوات النيران.. اعتدنا على هذا الوضع وأصبحنا نلتزم بيوتنا، ولكن لا نعرف شيئا عن وضع أبنائنا فى مثل تلك الظروف".
كلمات الأب "سليمان" هى لسان حال الأهالى فى تلك القرى.. لذلك كان لابد من الوصول إلى أقرب مدرسة لتمركز قوات الأمن بميدان قرية الجورة، وهى مدرسة "الفارابى الثانوية المشتركة"، والتى تعتبر المدرسة الثانوية الوحيدة فى المنطقة، وتستقبل الطلبة الدراسيين بهذه المرحلة من كافة قرى جنوب الشيخ زويد ورفح، وتجاور كمينا أمنيا وميدانا مغلقا لدواعٍ أمنية منذ أكثر من شهرين.
كان الحضور الطلبة لافتا خصوصا أنهم حضروا من مناطق بعيدة، وقال إسماعيل أحمد، مدرس اللغة الفرنسية الذى جاء من مدينة الشيخ زويد على بعد أكثر من 10 كم، إن حضور الطلاب تجاوز ال70% على الرغم من خوف الأهالى من وضع هذه المدرسة، خاصة أنها بالقرب من كمين الجورة، وبحسب قوله، انتظم الطلاب والطالبات منذ طابور الصباح، وظهرت عليهم الجدية فى ممارسة النشاط التعليمى، فيما غاب كثيرون من هيئة التدريس، مشيرا إلى أن قوة المدرسة 30 مدرس.
وقال على مصطفى، الطالب بالصف الثالث الثانوى: "نأمل تعويض ما فاتنا من دروس"، وأوضح أنهم يواجهون صعوبة فى المواصلات فى ظل الأجواء الأمنية، معربا عن أمله فى أن يصل صوته لوزارة التربية والتعليم، وأن يتم توفير وسائل مواصلات للطلبة فى تلك القرى.
وقال حاتم عيد، مدرس بالمدرسة، إنه أتى من مدينة العريش إلى قرية الجورة فى أتوبيس خصص للمدرسين القادمين من العريش، ولم يجد أى صعوبة فى الوصول عبر الطريق الدولى بين العريش والشيخ زويد، وناشد زملاءه المعلمين الذين لم يحضروا أن يباشروا عملهم من الغد، وقال إنه لم يتوقع هذا الحضور من الطلاب وخاصة فى الجورة.
وفى مدرسة الفارابى الابتدائية بذات القرية، قال بدر هليل، مدرس من أبناء القرية، إن حضور الطلاب كان ضعيفا نظرا لخوف الأهالى على أبنائهم فى هذه المرحلة المبكرة فى ظل الأجواء شديدة الصعوبة.
وقال مدرس آخر، إنه قادم من قرية "أبو طويلة" بالقرب من مدينة الشيخ زويد، ونظرا لامتلاكه سيارة خاصة فأنه لم يجد صعوبة فى الحضور مبكرا، بخلاف المدرسين، وأكد أن حضور الطلاب ضعيف فى اليوم الأول ولم يتجاوز ال40%، وقال إن هناك غيابا للمعلمين من خارج تلك المناطق، ولابد من مساهمة أبناء المنطقة فى توفير الأمن وتشجيع الطلاب على الذهاب إلى المدارس، مما يساعد المدرس على تلبية احتياجات الطلاب، لافتا إلى وجود عجز فى المدرسين.
وفى مدرستى الجورة الصناعية والتجارية كان اليوم الدراسى شبه متوقف وحضور الطلاب لا يذكر، حيث لم يتجاوز 30 طالبا يتبادلون الأحاديث مع مدرسين جميعهم من أبناء المنطقة، وغاب من هو خارجها من المدرسين، وقال أحد الطلاب إنه يشعر بخيبة أمل بسبب عدم قدوم زملائه، وتمنى وجودهم فى يوم الغد.
وفى قرية نجع شيبانة الحدودية جنوب رفح، والبعيدة عن التواجد الأمنى، توافد الطلاب بكثافة على المدارس، وانتظم المعلمون فى بداية العام الدراسى، واصفين البداية بأنها مثالية بحسب قول محمود سلامة، مدرس بمدرسة نجع شيبانة الابتدائية، مشيرا إلى أن الدراسة تسير كما يرام برغم استغلال السائقين للوضع الأمنى ورفعهم الأجرة إلى 20 جنيها من الشيخ زويد إلى نجع شيبانة، وهى لا تتجاوز 5 جنيهات، فى ظل تكدس المدرسين فى الشيخ زويد من الصباح الباكر، ولكن مع مرور الوقت ظهرت شهامة بعض السائقين وقرروا نقل المدرسين بالسعر العادى.
كما انتظمت المعاهد الأزهرية فى قرية الجورة بحضور 80% من الطلاب وكذلك فى نجع شيبانة، وقال مهدى محمد، ويعمل بمعهد نجع شيبانة، إن الدراسة تسير بشكل جيد والطلاب حضروا.
وسجلت مدرسة "العوايضة الإعدادية المشتركة" بقرية الظهير أعلى حضور بين مدراس جنوب الشيخ زويد، حيث انتظم الطلاب والمدرسون بنسبة 90%، وتبين أن أبناء القرية أظهروا توليهم للمهمة بنجاح فى قرى جنوب الشيخ زويد برغم غياب مديرى ووكلاء المدارس.
وفى مدرسة "أبو العراج الابتدائية"، بقرية أبو العراج، توافد عدد بسيط من الطلاب فى حين حضر غالبية المعلمين.. وقال على سالم، مدرس لغة عربية، إن هذه المدرسة فى الأعوام السابقة لم تشهد إقبالا كثيفا، نظرا لعدم اهتمام الأهالى بأبنائهم من الناحية التحصيلية العلمية، وأعداد الطلاب دائما ما تكون قليلة لأنها بعيدة.
وتابع سالمان محمد، ولى أمر، قائلا "إننا سعداء بعودة الدراسة وانتظام العمل وإنهم عازمون على مساعدة الطلاب فى توصيلهم ذهابا وإيابا".
وتكررت شكوى عدم توفر الكتب الدراسية بشكل كامل.. وكان واضحا تضرر بعض المدراس فى قرية الجورة من الأحداث، ولم يتم إصلاحها حتى الآن، وباتت النوافذ المهشمة تشكل خطرا على أرواح الطلبة، كما كانت أبرز المشكلات انقطاع المياه بمدرسة الفارابى الثانوية، والمطالبة بتوفير أتوبيسات للمدرسين من الشيخ زويد إلى القرى الجنوبية.
وبدورهم، أكد رموز وقيادات المنطقة أن لديهم إصرارا على انطلاق العملية التعليمية برغم كل المعوقات، وقال خالد على زايد، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان وأحد القيادات بالمنطقة: برغم كافة التحديات حولنا إلا أننا مصرون على أن تنطلق العملية التعليمية، ولدينا ثقة بأن التعليم هو الكفيل بمحو كل الظلام ووضع أبنائنا على مسار صحيح.
وقال الشيخ على خلف، أحد شيوخ القبائل بالمنطقة، إن الأهالى، وبرغم خوفهم على أبنائهم، حريصون على أن لا يفوتهم هذا العام الدراسى، وأرسلوا أبناءهم للمدارس، وخصوصا المرحلة الثانوية التى تضم خيرة أبناء المنطقة الساعين إلى تحصيل العلم، والمتطلعين إلى أن يصبحوا فاعلين فى مجتمعهم.
وقال الشيخ عرفات خضر سالمان، رئيس جمعية تنمية المجتمع فى الجورة: "نأمل أن يحظى أبناءنا الجادون فى تحصيل العلم بتشجيع كافة مؤسسات الدولة، فهؤلاء الأبناء هم من سيغيرون فى المستقبل واقع المنطقة، وإذا تم حسن تعليمهم وتوفير أجواء آمنة لهم سننتهى من مشاكل كثيرة باتت تحاصرنا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.