كرمت إسرائيل الطبيب المصرى المتوفى محمد حلمى بمنحه جائزة "شرفاء بين الأمم" الشهر الماضى من مؤسسة "ياد فاشيم" لتوثيق وتخليد ذكرى محرقة الهولوكوست،وهو أول عربى تقوم بتكريمه، لأنه خاطر بحياته من أجل إنقاذ بعض اليهود الفارين من محرقة النازى (الهولوكست) إبان الحرب العالمية الثانية. لكن واحدة من أفراد الأسرة قالت للأسوشيتد برس إن عائلتها لن تقبل هذه الجائزة، وهى واحدة من أبرز الجوائز المرموقة فى إسرائيل. وقالت ميرفت حسن، زوجة حفيد شقيق حلمى، للأسوشيتد برس فى مقابلة بمنزلها فى القاهرة "إذا كرمت دولة أخرى الدكتور حلمى، فسيكون سعيدا بهذا التكريم". وكان محمد حلمى طبيبا مصريا عاش فى برلين وساعد عددا من اليهود المطاردين على الاختباء خلال المحرقة. وكرمته مؤسسة "ياد فاشيم" وهى المرة الأولى التى يفوز فيها مواطن غير يهودى بهذه الجائزة. وعادة ما تسلم هذه الجوائز لأسر المكرمين، أما فى حالة حلمى، الذى توفى عام 1982 فى برلين، فقالت مؤسسة "ياد فاشيم" إنها لم تستطع العثور على أى من أقارب حلمى الأحياء. وبمساعدة مؤرخ ألمانى، حصلت الأسوشيتد برس على إعلام ورثة زوجة محمد حلمى، إيمى، والتى توفيت عام 1998. وتتضمن الوثيقة أسماء ثلاثة أقارب له فى القاهرة وعندما اتصلت الأسوشيتد برس بميرفت حسن، وافقت على سرد ذكرياتها عن حلمى. وقالت ميرفت حسن إن العائلة لا ترغب فى هذا التكريم من إسرائيل بسبب العلاقات السيئة بين مصر وإسرائيل، رغم معاهدة السلام التى وقعت منذ أكثر من ثلاثة عقود. وأضافت "أحترم اليهودية كديانة وأحترم اليهود. الإسلام يعترف بأن اليهودية ديانة سماوية". وسردت: "حلمى لم يكن يختار جنسية أو عرق أو دين معين عندما يقرر أن يساعد أحدا. كان يعالج المرضى بغض النظر عن خلفياتهم". وأعربت حسن، السيدة المحجبة البالغة من العمر ستة وستين عاما وتقطن أحد أحياء القاهرة الراقية، عن سعادتها للحديث عن عم شقيق جد زوجها. وقالت هى وزوجها، الذى تحدث للأسوشيتد برس شريطة عدم الكشف عن اسمه، إنهم كانوا يزورون حلمى بانتظام فى ألمانيا. يذكر ان حلمى ولد فى العاصمة السودانية الخرطوم عام 1901، عندما كانت السودان تابعة لمصر، من أب مصرى وأم ألمانية. ثم سافر إلى برلين عام 1922 لدراسة الطب وعمل كطبيب مسالك بولية حتى عام 1938، عندما منعته ألمانيا من ممارسة الطب لأنه لا يعتبر من الجنس الآرى، حسبما قالت مارتينا فويت، المؤرخة الألمانية التى أجرت أبحاثا عن حلمى. وعندما بدأ النازيون فى ترحيل اليهود، ساعد حلمى سيدة تدعى "آنا بوروس" (21 عاما) على الاختباء فى كابينة بضواحى العاصمة، وقدم الرعاية الطبية لأقاربها. وبعد اعتراف عائلة بوروس للمحققين بأن حلمى كان وراء اختفائها، رتب لإخفائها فى منزل قبل وصول السلطات إلى الكابينة، وفقا ل"ياد فاشيم" ونجا أفراد العائلة الأربعة من الحرب وهاجروا إلى الولاياتالمتحدة. وقالت إيرينا ستينفيلد، مديرة جائزة شرفاء بين الأمم بمؤسسة "ياد فاشيم"، "أعتقد أن ما قام به حلمى أمر رائع وملهم". وبعد الحرب، عاد حلمى إلى عمله كطبيب مرة أخرى وتزوج سيدة تدعى إيمى. ولم ينجب الزوجان أى أطفال. وقالت حسن "لم يريدا إنجاب الأطفال خوفا من الحروب. كانا لا يريدان إنجاب أطفال يرون أهوال الحرب". وقالت ياد فاشيم إن لديها أسماء أخرى من أقارب حلمى وردت أسماؤهم كورثة له وقدمت المؤسسة هذه المعلومات إلى السفير المصرى فى إسرائيل وأبلغت أن السلطات المصرية تبحث عنهم.