سادت حالة من الغضب بين جموع المعلمين والائتلافات والحركات المستقلة، بسبب وثيقة "أمل أمة" التى بادر بها الطالب مصطفى مجدى، عضو لجنة وضع الخطة الإستراتيجية للتعليم بوزارة التربية والتعليم، واعترض الكثيرون على ما تضمنته بعض بنود الوثيقة التى تهمشهم بشكل غير مباشر، خاصة عقب تأكيد معد الوثيقة عرضها على العديد من الشخصيات العامة، وموافقة 27 شخصية عامة وفنانون وإعلاميون، و7 أحزاب سياسية، و5 مؤسسات مجتمعية، واتحاد طلاب الجامعات، واللجنة العليا للبحث العلمى، على مبادئ الوثيقة وأهدافها. وأكدت نقابة المعلمين المستقلة أن وثيقة "أمل أمة" التى أعدها الطالب مصطفى مجدى بالتعاون مع الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، جيدة، لكن يغلب عليها لغة "الشعارات"، ولا توجد بنود واضحة لتطبيقها، بالإضافة إلى خلو الشخصيات المشاركة بها من الخبراء، والكيانات النقابية العاملة فى مجال التعليم، مشيرة إلى أن الوثيقة لم تأت بجديد. واستنكرت نقابة المعلمين المستقلة، فى بيان أصدرته منذ قليل، عدم وضوح دور الدولة بالمشروع، ومدى مساهمتها به، مؤكدة أن على الدولة توفير أموال المؤتمر الخاص بتوقيع الوثيقة، وورش العمل الخاصة بها، لبناء فصول لتقليل كثافة الطلاب بالفصول. وأكد حسين إبراهيم، الأمين العام المساعد لنقابة المعلمين المستقلة، أن كل ما تم تقديمه جاء بعيدا عن طبيعة المدارس، خاصة عقب الترتيب الذى صنفت به مصر فى تقرير التنافسية العالمية. وأضاف "إبراهيم" أن "الوثيقة خالية تماما من أى توصيف حقيقى لمشكلات التعليم، ولم يرد بها مقترح لتكون الإطار الحاكم للإصلاح، واكتفت بكلمات "منمقة"، وأفكار "مسلسلة"، مؤكدا أنها ليس لها أى علاقة بما يدور فى مدارس مصر، وأرجع ذلك لكونها لم تتحدث عن الطالب المصرى، وكيفية تحويل التعليم من التلقينى إلى علم يستفاد به، بالإضافة إلى عدم الحديث عن التعليم فى الريف، ووجود مدارس تبعد عن القرى بمسافات تصل إلى أكثر من كيلو متر. وتابع "إبراهيم" أن "الوثيقة لم تطرح كيفية تهيئة شروط وظروف تعليم وتعلم مناسب لكل من المدرس والطالب، واكتفت بعبارات مثل "بناء مدرسة فعالة تقدم تعليمًا عالى الجودة، والعامل الأساسى فيها معلم متميز على مستوى عالٍ من القيم والمبادئ المهنية ولديه الدافعية"، لافتا إلى أن خلو الأسماء الموقعة من خبراء تعليم يؤكد أن الدولة ما زالت تواصل سياسة الوصاية على المعلمين، وتكتفى بالحضور للتصوير. وشدد الأمين العام المساعد بنقابة المعلمين المستقلة على أنه فى حال اكتفاء الوزارة بعقد ندوات ومؤتمرات، للحديث عن وضع استراتيجيات للتعليم دون تنفيذ على أرض الواقع، فلن يكون لهم سبيل للإصلاح سوى تنظيم الوقفات الاحتجاجية، والمظاهرات وعقد الندوات وتقديم التوصيات. وأوضح، أن نقابة المعلمين المستقلة لطالما تقدمت بمجموعة من التوصيات التى تهدف لتطوير المنظومة، وتوفير قدر من المصاريف لها، كان من أبرزها "إلغاء الندب خارج المحافظات للرقابة على امتحانات الشهادات والاكتفاء بالندب فى أقرب إدارة للمعلم، لتوفير أكثر من مليار جنيه كانت تتحملها الدولة، واستغلال المليار جنيه لعمل مشروع تأمين صحى للمعلم وأسرته بقيمة 200 جنيه فى السنة، وباقى المبلغ لشراء 700 أتوبيس كبير الحجم يتم توزيعها على المحافظات، تستخدم فى توصيل المعلمين إلى مقار عملهم. فيما أرسل ائتلاف شباب المعلمين مذكرة إلى مكتب الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، تضمنت 14 بندا لم تتطرق إليها وثيقة "أمل أمة"، التى أعدها الطالب مصطفى مجدى بالتعاون مع الوزير. وقال صلاح نافع، ممثل ائتلاف شباب المعلمين، إن المذكرة أكدت على ضرورة أن تنص الوثيقة على "تحديث المناهج باستمرار، واكتشاف القدرات الإبداعية للطلاب، وتكثيف الأنشطة التربوية، والتأكيد على التحول من التعليم الاعتمادى إلى التعلم الذاتى، والاهتمام بالتعليم ما قبل المدرسة، والمساواة وتكافؤ الفرص، وتنمية السلوك الديمقراطى وتأصيل مبادئ حقوق الإنسان، والربط بين التعليم واحتياجات سوق العمل. وتابع "والتركيز على جودة التعليم، والمرجعية المجتمعية، وتوافق سياسات التعليم مع سياسات قطاعات المجتمع الأخرى، والتقويم المستمر للسياسة التعليمية فى ضوء حاجات المجتمع، وإعداد المعلم مهنيا، بالإضافة إلى فتح مسارات متبادلة بين التعليم الثانوى والفنى، وإتاحة الفرصة لكل منهما للالتحاق بالتعليم". وأكد "نافع" أن وثيقة "أمل أمة" لتطوير التعليم لا تصلح إلا أن تكون موضوعا للتعبير عن التعليم فى مصر، نظرا لبعدها عن الشروط التى لابد أن تتوفر بالوثيقة، والتى تتضمن "صياغة واضحة ومحددة، وقابلة للقياس والملاحظة، واقعية وممكنة التحقيق، وبها قدر من المرونة يسمح بالتغيير عند حدوث تغيرات داخلية وخارجية، ولا تتنافى مع الساسة العامة للدولة. وطالب ممثل ائتلاف شباب المعلمين بإعادة صياغة الوثيقة، ووضع بنود أولية لها من قبل لجان متخصصة وبمشاركة المعلمين، ووفق أسس علمية ذات أهداف عامة، وتتفرع منها أهداف فرعية توضح سبل الوصول للأهداف العامة. وفى سياق متصل، أبدى سامى أبو زايد ضيقه من استعانة الوزارة بالفنانين والشخصيات العامة، ليساهموا فى وثيقة لتطوير وتنظيم سياسات التعليم الحديثة، فى مقابل إهمالهم كمعلمين، وطالب بإعدام جميع معلمى مصر عقب عدم الاعتراف بهم، وأهمية وجودهم لوضع سياسة التعليم، بالإضافة إلى غلق المدارس وتحويلها لمساكن وفتح المسارح لتعليم الطلاب. وأضاف عماد الكرديسى "كيف لطالب بالصف الثالث الإعدادى أن يعد لنا وثيقة لتطوير منظومة التعليم، بالاشتراك مع الوزير!"، مشيرا إلى أن التطوير هو أحد وظائف مستشارى الوزير والمعلمين، مؤكدا أن العديد من حركات المعلمين تقدموا باقتراحات للتطوير، ولم تلق استجابة من الوزير، فى مقابل وجود استجابة وخطوات على أرض الواقع لتطبيق وثيقة أعدها طالب. وفى سياق متصل، قال أحمد جلال، أمين المجلس الوطنى للتعليم بمحافظة الشرقية، أن الدكتور محمود أبو النصر يتخذ خطوات من شأنها تثبيت نفسه بالوزارة باستخدام أدوات اعتادت الأنظمة السابقة الاعتماد عليها، كالإعلاميين والفنانين والقيادات الحاكمة، مشيرا إلى أن ما يتخذه الوزير من خطوات بعيدة عن أكبر قضية مطروحة فى ملف التعليم، والخاصة بتنظيم البيت الداخلى، وتمكين المعلمين من أداء رسالتهم بالإمكانيات المتاحة. ووصف "جلال" إجراءات الوزير بالاستمرار فى تهميش المعلم، وعدم تعظيم شأنهم الذى هو الخطوة الأولى فى النهوض بالتعليم، وأضاف: "يجب أن يكون القائمون على وثيقة "أمل أمة" هم المعلمون قبل الوزير، لأنه آجلا أو عاجلا راحل وسيبقى القائمون على الوثيقة وهم المعلمون". وكان مصطفى مجدى قد أعلن عن الأسماء التى وافقت على الوثيقة، والتى تضمنت "حسام البدراوى عضو مجلس الشورى السابق، والناشط السياسى أحمد حرارة، والفنان محمد صبحى، والدكتور مصطفى الفقى، وخالد تليمة، والمستشارة تهانى الجبالى، والدكتور ممدوح حمزة، والدكتور عمار على حسن، وشاهندة مقلد، وعمرو الشوبكى عضو لجنة الخمسين، والفنان وائل الفخرانى، والدكتور ثروت الخرباوى، والدكتور كمال الهلباوى، والفنان أحمد بدير، وصلاح عيسى، والفنانة منى عبد الغنى، وخالد جلال، والفنان محمود ياسين، والمستشار أمير رمزى، والشيخ خالد الجندى، والدكتور عمرو حمزاوى، وعبد الرحمن يوسف، والإعلامى والكاتب الصحفى خالد صلاح، وصلاح جودة، ومحمد العدل، والدكتور عصام شرف، وأحمد جمال الدين موسى، وزير التربية والتعليم الأسبق، وأحزاب "الدستور، ومصر، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، والتجمع، والمصريين الأحرار، ومصر القوية، والتيار الشعبى المصرى"، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة مصر الخير، ومؤسسة رمال للتنمية العمرانية، ومؤسسة معا، ومؤسسة العقاد لتنمية المجتمع، واللجنة العليا للبحث العلمى، واتحاد طلاب الجامعات".