سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خصيصا ل«اليوم السابع»: إلغاء عقوبة الإعدام وجهة نظر السويد الطريق أمامنا طويل، ولكنى على يقين بأنه سيأتى اليوم الذى نرى فيه عالمنا خالياً من عقوبة الإعدام
يحتفل العالم بأسره فى العاشر من أكتوبر من كل عام باليوم العالمى لمناهضة عقوبة الإعدام. فالإعدام، كنوع من العقاب، يثير مخاوف كل إنسان حول أحد حقوقه الأصيلة وهى الحق فى الحياة. هذه العقوبة ليست فقط قاسية، ولاإنسانية ومهينة، بل إنها أيضا عقوبة لا رجعة فيها وتسبب ضرراً غير قابل للإصلاح. فلا يوجد دولة أو نظام قانونى فى مأمن من إساءة تطبيق أحكام القضاء. فالدولة، باعتبارها المسؤول والضامن النهائى للحقوق الأساسية للأشخاص، لا ينبغى أن تحرم أحدا من حياته. نذكر أنه فى عام 1948، عندما تم اعتماد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، قامت ثمانية دول فقط فى العالم بإلغاء عقوبة الإعدام فى جميع الجرائم. أما اليوم، فقد وصل العدد إلى 140 دولة فى جميع أنحاء العالم، وهو ما يمثل أكثر من ثلثى دول العالم، والتى قامت بإلغاء العقوبة سواء من خلال القانون أو الممارسة. كما أنه فى عام 2012، تم رصد 21 دولة فقط قامت بتنفيذ أحكام الإعدام. وهو ما يدل على وجود اتجاه فى جميع أنحاء العالم إلى إلغاء العقوبة. لكن بالرغم من ذلك، لا يزال هناك الكثير الذى يتعين بنا القيام به من أجل الإلغاء الشامل. ومنذ سنوات عديدة، تضع السويد ضمن أولوياتها الإلغاء التام لعقوبة الإعدام على مستوى العالم، حيث تعتقد أن القضاء على عقوبة الإعدام أمر أساسى لتعزيز كرامة الإنسان وتحقيق تقدم تدريجى فى مجال حقوق الإنسان. فتقوم السويد، جنبا إلى جنب مع بقية دول الاتحاد الأوروبى، بتشجع الحكومات فى جميع الدول التى لم تلغ بعد العقوبة لكى تظهر الشجاعة السياسية لاتخاذ هذا القرار. اليوم، تنعم السويد بمرور أكثر من مائة عام دون تنفيذ أحكام الإعدام. كما أنه منذ عام 1997، لم تنفذ قط هذه العقوبة فى أى دولة من الدول ال28 الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى. وتعتبر أوروبا هى المنطقة الوحيدة فى العالم التى لم تعد تطبق هذه العقوبة إطلاقا، حيث إنه من ضمن شروط الانضمام للاتحاد الأوروبى هو إلغاء عقوبة الإعدام. كما أن السويد تشارك بنشاط وتبذل العديد من المجهودات على الصعيد الدولى والإقليمى من أجل زيادة الوعى العام بأهمية القضاء على هذه العقوبة. ونتيجة لهذه المبادرات الإقليمية، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ بضع سنوات قرارا بشأن وقف استخدام عقوبة الإعدام. كما أعيد التأكيد على هذا القرار من قبل الجمعية العامة فى عام 2008، وعام 2010 ومرة أخرى خلال العام الماضى. ويدعو القرار الدول إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام، بهدف إلغاء هذه الممارسة تماما لاحقا. وعلاوة على ذلك، دعت الجمعية العامة الدول لتقييد استخدام عقوبة الإعدام تدريجيا وعدم فرض العقوبة على الجرائم التى ارتكبها أشخاص دون سن ال18 أو النساء الحوامل. كما دعت الدول أيضا إلى خفض عدد الجرائم التى يمكن أن تطبق فيها عقوبة الإعدام حال ارتكابها. وقد أثارت قرارات الأممالمتحدة جدل فى العديد من الدول والمناطق التى مازالت تفرض هذه العقوبة. ولكن بالرغم من ذلك فهذا الجدال الجارى، والذى يشمل البرلمانات والمجتمعات ككل، ذات أهمية كبيرة. فعندما نستطيع تحديد التحديات الوطنية وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، نكون وقتئذ قادرين على المضى قدما نحو القضاء تماما على هذه الممارسة. وكان الوطن العربى أيضا جزءا من هذه المناقشات، حيث كانت مدينة الإسكندرية فى مصر مركزا للعديد من المبادرات فى السنوات القليلة الماضية بدعم من الحكومة السويدية والاتحاد الأوروبى. ففى عام 2008، التقى ممثلى المجتمع المدنى فى الدول العربية وتم إصدار إعلان الإسكندرية لوقف استخدام عقوبة الإعدام فى العالم العربى، والذى يدعو إلى نبذ هذه الممارسة، ويشجع البلدان التى تطبق هذه العقوبة إلى إعادة النظر فى موقفها. وتم عقد المؤتمر الإقليمى الثانى فى الإسكندرية بعد عامين، والذى نتج عنه إصدار دليل إجرائى بعنوان «مناهضة عقوبة الإعدام فى العالم العربى: الاستراتيجيات الفعالة والآليات المتاحة». فهذا الدليل الذى أصدر عام 2012، يهدف إلى زيادة الوعى والمعرفة حول ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام، ويدعم العمل الذى يقوم به نشطاء حقوق الإنسان فى العالم العربى، من خلال توفير مجموعة من الأدوات والتكتيكات التى جاءت فى توصيات الأممالمتحدة، ومجلس أوروبا، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان واللجنة المعنية بحقوق الإنسان فى جامعة الدول العربية. فى النهاية قد يبدو الطريق أمامنا طويلا، ولكنى على يقين بأنه سيأتى اليوم الذى نرى فيه عالمنا خال من عقوبة الإعدام، عالم تحترم فيه كرامة الإنسان، وتُقدس فيه الروح البشرية.