الشرعية هى أكثر كلمة ترددت على ألسنة التابعين والمؤيدين على السواء لجماعة الإخوان فى مصر، وهى الكلمة التى تصدرها المنابر الإعلامية التى ترى الأحداث من منظور مغاير للواقع، إلى الغرب. نحن هنا نلتقط هذه الكلمة، ونسأل: إذا كانت الشرعية تعنى أن يكون الرئيس منتخبا، أليس الانتخاب – فى الأصل – هو مجرد أداة من أدوات التعبير الحر عن إرادة الشعوب؟ فما الذى يجعل من الانتخاب أساسا شرعيا لبقاء الرئيس فى الحكم مدة الأربع سنوات إذا أبت إرادة الشعب نفسه بقاءه هذه المدة؟! إن الانتخاب ليس هو الأداة الوحيدة للتعبير الحر عن إرادة الشعب فى الاختيار، فالتظاهر أداة أقوى وأظهر إذا تحدثنا عن إرادة الشعب والشرعية، بالأخص إذا كانت الأعداد بالقدر الذى رأيناه فى 30 يونيو، والتى تُظهر بما لا يقبل الشك عن اتجاه إرادة الشعب إلى المطلب الذى خرج من أجله، وهو إسقاط حكم الإخوان. ألا يستطيع المرشح الرئاسى تزوير نتيجة الانتخابات؟ والتلاعب بالنتائج، ألا تدخل الصفقات لعبة الانتخابات وتشكك فى نتائجها، وإذا ما قورنت ورقة فى صندوق يحتمل أن تكون مزورة، بمواطن حر يقف فى الشارع، هل نستطيع أن نقول إن هذا المواطن مزور؟ ! أو منسوخا فى المطابع الأميرية؟! أو كما يقول الإخوان (فوتوشوب)؟!. إن التظاهر وسيلة أقوى دلالة من أى وسيلة أخرى على اتجاه إرادة الشعب إلى غرض ما، وشرعية التظاهر أكبر من شرعية الصندوق الذى صدعوا به رؤوسنا طوال الفترة الماضية، والتشبث بشرعية الصندوق أمر يرفضه المنطق إذا نظرنا إلى حجم الملايين التى رفضت حكم الإخوان – بعد تجربته – لمدة عام (وهى مدة كافية جدا) بالنظر إلى ما ظهر بوضوح فى سياسة الجماعة من توجه إقصائى. وإصرار على الانفراد بالسلطة، والانشغال بتصفية الحسابات بدلا من التوجه إلى الإصلاح، ولو على حساب أمن البلد، وحقوق مواطنيها. والشعب المصرى لم يكن فى رخاء ديمقراطى فيما قبل حكم الإخوان، حتى يطلب منه الصمت والرضوخ لهذه السياسات، والتسليم بالأمر الواقع، باسم الشرعية، الأمر الذى لا يتناسب وثورة حقيقية يعيشها هذا البلد. وإسقاط رئيس بحجم مبارك فى ثورة شهد لها العالم، وبالأحداث التى رآها، كان أولى بالإخوان، أن يكون هذا الإسقاط نصب أعينهم، ليكون إرساء العدل بدلا من استمرار الظلم، ومشاركة السلطة بدلا من إقصاء الآخر، والزج بالمصطلحات والمفاهيم الإسلامية فى غير موضعها بما يخدم توجه الإخوان ذاك هو ما أجج مشاعر المصريين، واستفز الناس، فى تجاهل تام لثورة حرّة استوعبت كل طوائف الشعب، وأبت طائفة منه، إلا أن تحكم بنفسها ولنفسها!. ثم وإذا كان الانتخاب الحر ما يعطى للرئيس شرعيته، أو ليس الاستفتاء على بقائه من عدمه إذا ما نزلت الملايين رافضة له، أمر لازم وضرورى لتأكيد هذه الشرعية، التى شابها وبلا شك رفض الملايين لها، ولمن يتشبثون بها؟! فلماذا لم يقبل الرئيس مرسى إجراء استفتاء على بقائه إذا كان آكدا هو وجماعة الإخوان، من أن بقائهم فى الحكم، مطلب شعبى. وأن إسقاطهم انقلابا مغايرا لإرادة الشعب؟!. إن من يقول اليوم كيف تضمنون الاستناد إلى شرعية التظاهر ونحن نستطيع إسقاط أى رئيس قادم، بذات الوسيلة؟ أقول، الإجابة بسيطة جدا، وهى أن ما يجاوز الثلاثين مليونا من الشعب المصرى فى أى زمان، كان أمرا يسقط شرعية أى رئيس كان، ما لم يقبل طرح الاستفتاء على بقائه، وما دمتم رفضتم الاستفتاء، فإرادة الثلاثين مليون مواطن، هى شرعية أكبر من أى شرعية، أيدها الجيش أم لم يؤيدها، وقبل بها العالم الغربى (حليف الإخوان الأوحد) أم لم يقبل.