توقع تقرير بريطانى إقدام الحكومة الانتقالية فى مصر، على اتخاذ مجموعة من القرارات تتعلق بتقليص الإنفاق ورفع الضرائب، إذا لم يحدث تحسنا ملموسا فى الاقتصاد بسبب استمرار الاضطرابات السياسية فى البلاد. وقال التقرير الذى أصدرته وحدة "إيكونوميك إنتلجنس" التابعة لمجموعة الإيكونومست البريطانية مؤخراً، إن حجم المساعدات التى قدمتها دول الخليج لمصر لا يزال متواضعا، خاصة فى ظل تفاقم العجز فى الموازنة العامة للبلاد. وحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية المصرية فى يوليو الماضى، ارتفع عجز الموازنة العامة لمصر، إلى 226.4 مليار جنيه خلال العام المالى المنتهى فى 30 يونيو الماضى. وأضاف التقرير البريطانى أن: "الحكومة المصرية المؤقتة قد تضطر إلى زيادة الضرائب، الأمر الذى يثير غضب المواطنين، وتقليل فورة الحماس لدى مجتمع الأعمال إزاء الحكومة الجديدة، والتى تم تشكيلها بدعم من التفاؤل فى أوساط مجتمع الأعمال وارتفاع سوق الأوراق المالية". وذكر أن "قرار الجيش بعزل الرئيس محمد مرسى، لقى ترحيبا حارا فى أوساط مجتمع الأعمال، والذى كان ينظر إلى الحكومة التى كان يقودها الإخوان المسلمون بأنها معادية لرجال الأعمال، كما يفتقرون لعدم الكفاءة". وعزل الجيش المصرى الرئيس مرسى، الذى ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين ووصل إلى الحكم قبل نحو 13 شهرا، بعد تظاهرات حاشدة دعت لها المعارضة فى 30 يونيو الماضى، لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وبرر الجيش هذه الخطوة بالاستجابة لما وصفها بالإرادة الشعبية، فيما وصف مؤيدو مرسى ما حدث ب"الانقلاب العسكرى على الشرعية" ونظموا تظاهرات حاشدة متواصلة منذ عزله فى الثالث من يوليو الماضى فى عدد من ميادين مصر مطالبين بعودة "الشرعية". وذكر التقرير، أن خطر الاضطرابات السياسية وأعمال العنف، التى أعقبت عزل مرسى، سيعرقل تنفيذ أفضل نوايا اقتصادية للحكومة الانتقالية، خاصة فى أعقاب مقتل العشرات من مؤيدى مرسي. وقتل 88 شخصا، فى السادس والعشرين من يوليو الماضى، بحسب وزارة الصحة المصرية، و127 بحسب جماعة الإخوان، إثر إطلاق النار على متظاهرين مؤيدين للرئيس المعزول، قرب النصب التذكارى للجندى المجهول فى محيط ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر شرقى القاهرة. كما قتل ضابط وجندى و51 متظاهرا من المؤيدين للرئيس المعزول أمام دار الحرس الجمهورى، فجر يوم 8 يوليو الماضي. ويرى تقرير وحدة "إيكونوميك إنتلجنس"، أن انخفاض مستوى الاحتياطى النقدى لمصر، حتى بعد تدفق الأموال من الخليج وعجز الموازنة الذى وصل إلى 13% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الماضى يحد من قدرة الحكومة على زيادة الإنفاق الرأسمالى. وعقب عزل مرسى، تعهدت 3 دول خليجية هى الإمارات والسعودية والكويت فى يوليو الماضى، بتقديم حزمة تمويلية لمساندة الاقتصاد المصرى تقدر بنحو 12 مليار دولار، وصل منها 5 مليارات دولار لمصر، منها 3 مليارات من الإمارات و2 مليار دولار من السعودية. وقال البنك المركزى المصرى فى الخامس من أغسطس الجارى على موقعه على الانترنت، إن احتياطى النقد الأجنبى للبلاد بلغ 18.88 مليار دولار، فى نهاية يوليو، مقابل 14.9 مليار دولار فى يونيو الماضى، بزيادة قدرها 3.98 مليار دولار. ويرى التقرير البريطانى، أن الوضع الأمنى المتدهور يشكل أيضا رادعا رئيسيا بالنسبة للكثير من الشركات الأجنبية. وفقا لمسح أجراه مؤخرا مركز أبحاث الشرق الأوسط الذى يتحذ من قبرص مقرا له، فإن عددا من شركات النفط العالمية قامت بإجلاء الموظفين غير الضروريين من مصر، لتسحب شركة (بي.بي) البريطانية للنفط حوالى 60 موظفا يومى 6 و7 من شهر يوليو الماضى. وأضاف التقرير أن الوضع الأمنى غير المستقر لم يحفز أيضا الكثير من المصريين المغتربين، الذين يعملون حاليا فى الخارج (حوالى مليون مصرى يعملون فى الخليج على سبيل المثال) والذين كانوا يأملون فى العودة لبلادهم، إذا تحسن الوضع، كما أن خطر حدوث "هجرة العقول" من المهنيين المصرى يتزايد حال عدم حدوث أى تحسن فى المشهد المحلى بمصر. ويقول التقرير إن الحكومة الجديدة التى يدعمها العسكريون تواجه كذلك تحديات تتعلق بالخدمات الأساسية للمواطنين مثل الكهرباء. وتوقع التقرير تأخر مفاوضات مصر للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولى، الذى يفتح بدوره الباب أمام حصول مصر على قروض إضافية من البنك الدولى، والبنك الأفريقى للتنمية والاتحاد الأوروبى والتى تم التعهد بها منذ عام 2011 لدعم الإصلاحات الهيكلية على المدى الطويل.