قبل عام مضى كان السفر إلى اليونان لقضاء العطلة الصيفية فى نظر السياح الأجانب بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر بسبب إمكانية تعرضهم للحصار وسط المظاهرات العنيفة والإضرابات ضد تدابير التقشف الصارمة التى كانت تشهدها البلاد. ولكن هذا الصيف تشهد الجزر اليونانية المشمسة والبر الرئيسى تدفق الأجانب بالملايين. وإذا كانت السياحة شهدت العام الماضى انهيارا إلا أن الزوار الأجانب بدأوا فى العودة إلى اليونان مجددا وبأرقام قياسية بعد أن جذبتهم، جزئيا، خصومات تصل إلى 20% على أسعار المنتجعات والفنادق، مما زاد الآمال بأن القطاع قد يساعد فى انتشال البلاد من أزمة اقتصادية حادة. وقال المدير العام لجمعية المشروعات السياحية اليونانية (إس.إ.تى.إى)، جورجيوس دراكوبولوس، إن الاستقرار والتحسن السياسى بالمقارنة مع عام 2012 "عندما كانت البلاد فى خضم الانتخابات" ساعدت السياحة على التعافى. ويعود السبب أيضا إلى انخفاض الأسعار ورفع قيود تأشيرات الدخول المفروضة على السياح القادمين من الأسواق الناشئة مثل روسيا والصين وإلغاء رحلات العطلات إلى مصر وتركيا، بسبب الاضطرابات السياسية هناك. وقال دراكوبولوس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "لقد شهدنا عودة من السياح الذين لم يختاروا اليونان العام الماضى بسبب كل الشكوك". وتتوقع وزارة السياحة اليونانية أن يزور البلاد عددا قياسيا يقدر بنحو 17 مليون سائح هذا العام، يجلب للدولة التى ضربها الركود عائدات تصل إلى 11 مليار يورو (14.6 مليار دولار) هى فى أشد الحاجة إليها. وقال أجابى اسبوكو، من منتجع "بلو سبا" فى جزيرة كريت "إن صورة اليونان فى تحسن والناس لم تعد تخشى من أن تتأثر عطلتهم بسبب الاحتجاجات والإضرابات فى المطارات". وأعلن مسئولو السياحة عن زيادة قدرها 10% فى أعداد الوافدين الأجانب فى المطارات فى النصف الأول من العام الحالى، فى الوقت الذى تتمتع فيه الجزر الشهيرة مثل جزيرة ميكونوس بزيادة قدرها 60 %. وقال فيليب ميتشوبولوس، المشارك فى ملكية فندق كيفوتوس المحلى "إننا نشهد المزيد والمزيد من السياح الأجانب القادمين من الأسواق الناشئة الجديدة مثل الهند والبرازيل يأتون إلى ميكونوس". وتمثل السياحة حوالى 20% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى وحوالى وظيفة من بين كل خمس وظائف فى اليونان، حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى ما يقرب من 28 %، وهى أعلى نسبة فى منطقة اليورو. وكانت اليونان، ولوقت طويل، مقصدا يتمتع بشعبية للسياح الأجانب من ألمانيا وبريطانيا، ولكنها الآن تعتبر أيضا مقصدا جذابا لعدد متزايد من السياح من الصين واليابان وكوريا ودول شرق أوروبا. ومن المتوقع أن يزورها هذا العام ما لا يقل عن مليون سائح روسى. وقالت كاليا كونستانتينودو، من منتجع فاديما أند مستيك السياحى فى جزيرة سانتورينى "لدينا الآن خمس رحلات مباشرة أسبوعيا من موسكو وسان بطرسبورج فقط". وشهدت الجزيرة، المعروفة بمناظرها الخلابة وبالنبيذ المحلى ومأكولاتها الشهية، تدفقا كبيرا من السياح الأجانب. ولكن فى الوقت الذى تتأهب فيه اليونان لجنى ثمار الطفرة فى عدد الزوار الأجانب هذا العام، تعانى من تراجع أعداد المواطنين اليونانيين الذين يقضون عطلاتهم فى بلدهم. وانخفضت رواتب العديد من اليونانيين بسبب الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى أنهم يواجهون صعوبة فى تلبية احتياجاتهم، لذا فمن المتوقع أنهم لن يغامروا بعطلة صيفية طويلة. ووفقا لدراسة حديثة قام بها معهد المستهلك فى البلاد "إنكا"، فقد قال أكثر من ثلثى المواطنين اليونانيين إنهم لن يقوموا بعطلات هذا الصيف. وقال عدد كبير من اليونانيين إنهم قد يستطيعون فقط قضاء عطلة لمدة خمسة أيام. وقال أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع إنهم إما أن يذهبوا إلى التخييم أو قضاء عطلتهم مع أفراد العائلة أو الأصدقاء وليس فى الفنادق، لكن بالنسبة لبعض اليونانيين فإن حتى هذه الخيارات البسيطة باتت تعد أمرا من قبيل الرفاهية.