نجحت السياحة البولندية إلى مصر في تجاوز العديد من الصعوبات التى واجهتها خلال الموسم الصيفى الحالى، والتى كانت تنذر بتراجع حاد للحركة السياحية بين البلدين، إلا النتائج خالفت كل الظنون واستمرت الحركة السياحية على نحو متميز ومتنامي، واحتلت مصر المرتبة الأولى كمقصد للسائحين البولنديين بنسبة 21%. ومع بداية الموسم الصيفى الحالى تلقى القطاع السياحى البولندى ضربة قوية بإفلاس عدد من الشركات السياحية البارزة التى تتعامل مع السوق المصري. وسادت حالة من القلق فى الأوساط السياحية فى البلدين، بعد تزايد أعداد الشركات السياحية البولندية المفلسة، لتصل فى نهاية الصيف إلى 8 شركات تركت مئات السائحين فى عدد من العواصم والمنتجعات السياحية المختلفة. ورغم الأزمة قدر الجانب البولندى بشدة تعاون السلطات فى مصر فى رعاية السائحين البولنديين، وتسهيل عودتهم إلى بلادهم دون أى مشقة، وهو الأمر الذى انعكس إيجابيا على العلاقات السياحية بين البلدين. وبحسب مصادر سياسية فى بولندا، فإن بداية الأزمة كانت فى انهيار شركة الطيران الخاصة البولندية "أولت إكسبريس"، والتى تتميز بأسعارها التنافسية وشبكة وكلائها الواسعة من شركات السياحة، وهى الشركة المملوكة لبنك "إمبرجولد"، صاحب الفضيحة المالية التى ما زالت تسيطر على مناقشات الحكومة ومجلس النواب البولندى حتى الآن. وأدى انهيار شركة الطيران إلى إفلاس الشركات السياحية بالتتابع، وهو ما مثل أزمة سياسية واقتصادية فى بولندا تضاف إلى التحديات التى يواجهها الاقتصاد البولندى بسبب الأزمة الأوروبية، وتراجع معدلات النمو وتزايد الركود والبطالة. وفى الوقت الذى واجه فيه القطاع السياحي البولندي هذه المشكلات، كانت السياحة فى مصر أيضا تحاول أن تتعافى من التراجع الذى حدث عقب قيام ثورة 25 يناير، والمشكلات التى ألمت بهذا القطاع الحيوى بسبب التوترات الأمنية والتغييرات السياسية المتعاقبة. وفي الوقت الذي أشارت فيه التوقعات إلى تراجع حاد فى السياحة بين البلدين، كانت المفاجأة أن العلاقات السياحية بين البلدين تنمو بشكل جيد. ويقول السفير رضا بيبرس، سفير مصر فى وارسو: "إن مصر ما زالت الدولة الأولى التى اختارها البولنديون هذا العام لقضاء العطلة الصيفية". واستند السفير المصرى إلى إحصائيات نشرتها إحدى كبريات الشركات السياحية البولندية، وهي شركة ترافل بلانت التى أكدت أن مصر كانت هذا العام المقصد السياحى الأول للبولنديين. وقارن السفير بين السائحين البولنديين الذين يتوجهون إلى مصر والذين يسافرون إلى أشهر الدول السياحية فى العالم، موضحا أن 21% من السائحين البولنديين جاءوا إلى مصر و20.5% إلى اليونان، ثم تركيا 18.5%، ثم إسبانيا 11.5%، ثم تونس 8.5%. وكشف السفير المصرى عن استعدادات تجرى على قدم وساق داخل الشركات السياحية البولندية لموسم السياحة الشتوى المقبل فى مصر، موضحا أن شركات السياحة البولندية بدأت فى بيع رحلات السياحة الشتوية، وأن مصر جاءت فى المقدمة أيضا، يليها جزر الكنارى. ونقل السفير عن مصادر سياحية تأكيدها أن موسم السياحة الشتوية سيشهد اقبالا اكبر وزيادة فى عدد السائحين البولنديين الى مصر وان اسعار الرحلات الجماعية سترتفع ايضا. وأجمع خبراء سياحيون فى بولندا على ضرورة اعطاء دفعة للتعاون السياحى بين البلدين فى الفترة المقبلة من خلال تكثيف العروض السياحية وتطوير برامج الدعاية والترويج السياحى وزيادة عدد رحلات الطيران المباشرة. وطالبوا بضوابط وآليات رقابية على الشركات العاملة فى المجال السياحى بين البلدين حتى لاتتكرر ازمة افلاس الشركات وحتى يشعر السائح بالاطمئنان الى نجاح رحلته واستمتاعه بالمنتجعات السياحية فى مصر. واشادوا بالتطور الذى حدث فى منظومة الامن فى مصر خاصة فى المدن السياحية مشددين على ضرورة استمرار الارتقاء بالعمل الامنى لانه لن يكون هناك سياحة ناجحة بدون ان يشعر السائح بالامان الكامل وحسن المعاملة وعدم الاستغلال . وقال الخبراء إن مصر بها امكانيات سياحية هائلة سواء فى السياحة الترفيهية أو التاريخية او العلاجية مشيرين الى ان مصر بحاجة غلى مزيد من التعريف والتسويق السياحى فى بولندا نظرا لان السائح البولندى يفضل السياحة فى الدول المنخفضة الاسعار والتى تناسب اقتصاد شرق اوروبا والذى يواجه صعوبات حالية بسبب الازمة الاوروبية والانكماش الاقتصادى.