وزير العمل يلقي كلمة المجموعة العربية في الملتقى الدولي للتضامن مع شعب وعمال فلسطين    التنظيم والإدارة يزف بشرى سارة للمتقدمين لمسابقات الوظائف الحكومية    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    مجلس حكماء المسلمين يهنِّئ الأمة العربية والإسلامية بعيد الأضحى    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بيوم عرفة وعيد الأضحى المبارك    في شكوى مها الصغير.. الأعلى للإعلام يستدعي ممثلين المواقع والوسائل الإعلامية المشكو في حقها    محافظ قنا منافذ بيع اللحوم ويفاجئ مستشفى «حميات نجع حمادي»    برلماني: المنصة الإلكترونية الموحدة ستسرع إصدار تراخيص الاستثمار وتقضي على البيروقراطية    س وج.. كل ما تريد معرفته عن خدمات الجيل الخامس "5G"    نائب وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك فى جولة ميدانية بمطار القاهرة: حريصون على تسهيل الإجراءات الجمركية للعائدين من الخارج    واشنطن قد تعارض تصنيف روسيا "أخطر تهديد" للأطلسي في قمة لاهاي وسط خلافات حول الأولويات    ماكرون: نعمل مع بريطانيا على زيادة الضغوط على إسرائيل لإنهاء حرب غزة    اتهامات ليبرمان.. تفاصيل تزويد إسرائيل جماعة أبو شباب بالسلاح في غزة    واشنطن تعيد تموضع قواتها عالمياً.. أولويات جديدة في حماية الحدود والردع الآسيوي    رئيس إيران يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى ويؤكدان أهمية تجنب التصعيد بالمنطقة    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    شاهد ملعب مباراة الأهلي وباتشوكا الودية استعدادا لكأس العالم للأندية    مصدر ليلا كورة: بيراميدز يسجل عقود لاعبيه ال3 بعد تمديدها    «بعتنا ناخده».. رسالة نارية من أحمد بلال ل هاني شكري بعد «سب» جمهور الأهلي    شوبير يكشف موقف أحمد عبد القادر من الاستمرار في الأهلي بالموسم المقبل    جرعة مخدرات زائدة وراء وفاة شاب داخل سيارة بأكتوبر    "المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق" في العدد الجديد من "مسرحنا"    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    تهنئة أول أيام عيد الأضحى برسائل دينية مؤثرة    بعروض فنية وسينمائية وأنشطة للأطفال.. قصور الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بمحافظات وسط الصعيد    وزير الخارجية الألمانى: نرفض سياسة الاستيطان التى يجرى تنفيذها فى الضفة الغربية    يوم عرفة.. أفضل أوقات الدعاء وأعظم ما يُقال من الذكر    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    رئيس هيئة التأمين الصحي يتفقد مستشفى 6 أكتوبر بالتزامن مع عيد الأضحى    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    «يمامة» يكشف حقيقة توافق «الوفد» مع قوى سياسية لخوض انتخابات الشيوخ 2025    أحمد سعد يحيي أولى حفلاته في بورتو مارينا ضمن احتفالات عيد الأضحى 2025    محمد منير يستعد لطرح أول أغانيه مع روتانا    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    الرئيس البرازيلي: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب بحر إيجة    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    توريد 173ألف و821 طن قمح إلى الشون والصوامع بسوهاج    طارق يحيى: حظوظ الزمالك متساوية مع بيراميدز للفوز بكأس مصر    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    لهذه الأسباب.. طبيب بيراميدز يحذر من موعد نهائي كأس مصر    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    كل ما تريد معرفته عن جبل عرفات ويوم عرفة    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    الهلال يعلن إنزاجي مديرا فنيا للأزرق لمدة موسمين    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    بث مباشر من عرفات.. مئات الآلآف يقفون على المشعر الحرام    تعليم القاهرة تعلن أماكن مقار لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    موعد أذان المغرب اليوم في القاهرة والمحافظات يوم عرفة.. هنفطر الساعة كام؟    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تصالح ولا إقصاء

انفجر الشعب المصرى سعيدا فى الميادين والشوارع حاملا علم مصر، ونافخا فى الأبواق، ومطلقا الصواريخ الاحتفالية، مطمئنا إلى قدرته، مسجلا لأول مرة فى التاريخ عزل رئيس خائب وديكتاتور متعجلا بالاحتفال، وليس بالدم والنار، بعدها ظهرت الدعوات من كثير من السياسيين بعدم الإقصاء لتيار الإخوان المسلمين من المشهد، والسعى إلى التصالح.
جلست كعادتى أفكر فى هؤلاء المتطهرين الذين لايزالون لا يعرفون تاريخ جماعة الإخوان، وهو تاريخ مكتوب ومعروف ومشهود، فهم وللمرة الألف أقول هذا الكلام جماعة طائفية، لا ترى فى غيرها من يستحق الحياة. هكذا تتم تربية أعضائها منذ انضمامهم إليها فى سن مبكرة، وهكذا يتعلمون وتتشكل شخصياتهم، لقد كانوا ولا يزالون وسطنا لعشرات السنين، كانوا يقدمون للناس فى الحياة اليومية وجها غير ما يضمرون، وحين واتتهم الفرصة ظهر وجههم الطائفى الذى لا يعترف بأحد خارجهم، ظهرت دعوات عدم الإقصاء، والسعى إلى التصالح ولا تزال. وأنا لا أفهم على ماذا يتم ذلك، هل لهم مطالب جديدة يمكن أن يرضيهم تنفيذها؟ لقد جربوا الحكم، ولن ينسوا ذلك بسهولة، واستقر فى وعيهم أن ما جرى انقلاب، وليس «قومة» جديدة للثورة، ولا تجليا جديدا لها. أجل، استقر فى وعيهم رغم أن التخلص من حكمهم لم يمر عليه أسبوعان، ويستوى فى ذلك الكبير والصغير، لأن ما يقوله الكبير لهم هو أمر إلهى ووحى منزل من السماء، وهكذا تعلم الصغار ألا يخالفوا ما يوحى لكبارهم.
التصالح يعنى أن تقدم لهم حصة ما فى حكم البلاد، ويعنى ارتباكا فى الحكم من جديد، لأنهم سيكونون معطلين لكل خطوة للأمام بحكم تكوينهم الفكرى، وبحكم الرغبة فى الانتقام التى طبعا سيجتهدون لإخفائها فى أحاديثهم. الآن الوضع السياسى لا يحتمل التفسير، رئيس تم خلعه، وحكومة تمت إزالتها، وجماعة حرضت وتحرض على القتل، هم لم يستقبلوا ما جرى بأى معنى سياسى، هم استقبلوه باعتباره انقلابا عسكريا، وراحوا يدعون للجهاد، لم يروا كعادتهم فى العمى الروحى الشوارع واليمادين وهى تمتلئ بعشرات الملايين. لو كانت لديهم أى رؤية سياسية لكان رئيسهم منذ اليوم الأول لخروج الشعب قد ترك الحكم شاكرا للشعب فضل احتماله عاما من الكدر والفقر والسجن والتعذيب والقتل والطوابير والظلام، لكنه شأن كل أعضاء الطائفة لا يرى شعبا ولا يرى وطنا، ومن ثم راح هو ومن معه يستدعون الأعداء من الخارج لإعادته.. لقد استدعى الأهل والعشيرة لكنه يعرف أن عددهم محدود قياسا بالشعب الثائر، سلحهم طوال عام كامل وأفرج عن الإرهابيين والمجرمين منهم، استعدادا ليوم كهذا.
لكن اليوم جاء مبكرا، بعد عام، وليس بعد أربعة أعوام، ومن ثم ظهر استعدادهم الذى لا معنى له إلا الفوضى التى سرعان ما ستنحسر.. أعود فأقول هم لم يستقبلوا ما جرى بأى معنى سياسى استطاعت فيه الأغلبية من الشعب أن تفرض إرادتها، ومن ثم يجب الخضوع لها، لأن الأغلبية فى الأصل عندهم كفار حلال قتلهم، والتصالح عملية سياسية فى المقام الأول، فكيف يتم التصالح مع من أنكر وجودك من الأساس وأحل دمك، لكن هذا أيضا لا يعنى الانتقام، فكما كان خروج الشعب عملية سياسية غير مسبوقة فى تاريخ الأمم فلتظل العملية السياسية، ولا نندفع وراء أى عواطف، والعملية السياسية باختصار هى أن يترك كل وما يريد. إذا ظل الإخوان ومن معهم من الإرهابيين على سيرتهم فى التكفير، ودعوات القتل، فالقانون يترصد لهم ويعاقبهم بالحق. وإذا أراد بعضهم أن يظل فى النور ويعود إلى حزبه ليعمل بالسياسة فى وضوح فلن يمنعه أحد، لكن لابد أن ينتهى إلى الأبد المزج بين السياسة والدين فى العمل السياسى، لأن ما يستخدمونه من الدين ليس هو الدين، لكنه الفكر الطائفى الذى ملأ تاريخ المسلمين بالمجازر. الدين طريق الدعوة لمكارم الأخلاق، وفى تاريخنا جمعيات دينية عظيمة كان لها دور اجتماعى رائع، مثل جماعة العروة الوثقى التى كانت قبل ثورة يوليو، ومنذ عصر إسماعيل تبنى المدارس والمستشفيات وتقدمها للدولة تديرها، وجمعية الشبان المسلمين التى كانت بدورها مكانا للنشاط الاجتماعى والرياضى والثقافى، وحتى الجمعية الشرعية، وهى جمعية سلفية عريقة كان عملها فى الدعوة والمساعدة الاجتماعية، ولا علاقة لها بالسياسة.
لا تصالح لأن الشعب لم يخطئ فى حق هذه الجماعة، ولا من ساندها من الجهاديين، ومن يسمون أنفسهم إسلاميين أو سلفيين، ولا إقصاء إلا بالقانون، وأرض السياسة رحبة إذا أرادوا، لكن أن يتخلوا عن طرقهم القديمة، وعن استخدامهم الفج للدين الكريم، وستظل دائما عودتهم للحياة الطبيعية تحتاج إلى وقت طويل. ولا أثق أبدا أن قياداتهم القديمة يمكن أن تتخلى عن طريقتها، ولا أطمع أيضا أن ينتفض الشباب منهم كما يحلم الجميع. صحيح أن بعضهم سينشق عن الجماعة والحزب فى الأيام المقبلة، لكنهم لا يعرفون طريقا للسياسة غير ما تلقنوه وحفظوه. هم يستخدمون أكثر طرق التقنية حداثة، الميديا، ليملؤها بالكذب، هم لا يرون منها ما يحدث فى العالم من تطور، لا يعرفون منها أن العالم الحديث لم يعد يقبل غير الديمقراطية طريقا بلا شروط، غير ما ينتج على الأرض من الممارسة، والممارسة فى مصر فتح لها شباب الثورة الطريق واسعا، وأتوا بالإخوان إلى الحكم، فكانت الممارسة دليلا على طائفيتهم، إذ أنكروا وجود الثورة وشبابها، وسجنوهم وسحلوهم باسم الدين وباسم الحاكم، ظل الله على الأرض، والذى اعتبروه من نسل عمر بن الخطاب، تأتيه الملائكة من السماء، ويتجلى له جبريل على الأرض يؤازره. الممارسة التى ظلوا عشرات السنين يصرخون أنهم ممنوعون منها، أثبتت أنهم أهل حرب وليس أهل سلام. فلنترك لأجيالهم الشابة إذا أرادت أن تعى الدرس بلا ضغوط ولا قهر، لكن أيضا علينا أن نعرف الدرس ولا ننساه. إن استخدام الدين فى السياسة هو طريق الفكر الطائفى الذى لا يعترف بالآخر مسلما أو غير مسلم، والأهم أن نعرف أن الأرض التى ترعرع فيها هذا الفكر هى أرض الفقر والجهل والمرض والقمع البوليسى أيضا، لهم أو لغيرهم.
بالمناسبة لم يكن نظام مبارك يمارس القمع عليهم فقط، لكن على الجميع، وما إن أتوا إلى الحكم حتى مارسوا بدورهم هذا القمع على بقية الشعب، والمذهل أنهم استثنوا نظام مبارك، وأشركوه معهم فى الحكم، ثم اتهموه أنه وراء هذه «القومة» الجديدة العظيمة للثورة، شىء مضحك. باختصار.. لا تصالح، فأرض السياسة واسعة ليعمل فيها من يريد، ولا إقصاء إلا بقانون، وعلى جريمة.. وكل رمضان وأنتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.