عاشور يؤكد ضرورة تحقيق التكامل داخل منظومة التعليم المصرية    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يتفقد مشروعات سكن مصر ودار مصر وجنة    وزير النقل يترأس الجمعية العمومية العادية لشركات النقل البحري لاعتماد الموازنة التقديرية    حركة فتح: الضفة الغربية تتعرض لمحرقة لا تقل ضراوة عن ما يشهده قطاع غزة    فيضانات ودرجات حرارة تتخطى ال50 فى سريلانكا والهند تتسبب فى مصرع العشرات    شريف العريان: أتوقع حصد 6 ميداليات في أولمبياد باريس 2024    بعد 7 سنوات.. أتلتيكو مدريد ينفي محاولة التعاقد مع صلاح    جدول مباريات اليوم.. وديتان في أول أيام الأجندة الدولية    التحريات تكشف ملابسات مصرع شخص فى حريق شقة بحلوان    خلال ساعات.. نتيجة الشهادة الإعدادية فى محافظة الإسماعيلية    انتداب المعمل الجنائى لفحص حريق مصنع منظفات فى البدرشين    أونروا: أكثر من مليون شخص نزحوا قسرا من رفح الفلسطينية    بالفيديو| تخفيضات تصل إلى 40%.. ضخ كميات كبيرة من اللحوم بالأسواق بمناسبة عيد الأضحى    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 3 يونيو 2024    وزير المالية: وثيقة السياسات الضريبية «2024-2030» مازالت تحت الدراسة    محمد الشناوي يحرس عرين منتخب مصر أمام بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    محمد الشناوي يرفض عرض القادسية السعودي    تراجع معدل التصخم في إندونيسيا خلال الشهر الماضي    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    وصول مدير حملة أحمد طنطاوي إلى المحكمة للمعارضة على حكم حبسه    رئيس البعثة الطبية للحج: جاهزون لاستقبال الحجاج.. وفيديوهات إرشادية للتوعية    كشف غموض العثور على طفل مقتول داخل حظيرة «مواشي» بالشرقية    السكة الحديد تعدل تركيب عدد من القطارات وامتداد أخرى لمحطة القاهرة    مصادر طبية فلسطينية: 21 شهيدا منذ فجر اليوم في غارات إسرائيلية على غزة    مخرجة «رفعت عيني للسما»: نعمل في الوقت الحالي على مشاريع فنية أخرى    مدينة الدواء المصرية توقع شراكة استراتيجية مع شركة أبوت الأمريكية    خلال يومين.. الكشف وتوفير العلاج ل1600 مواطن ببني سويف    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    5 فصول من مواهب أوبرا دمنهور في أمسية فنية متنوعة    استشهاد 12 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على خان يونس ورفح    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    الأنبا فيلوباتير يناقش مع كهنة إيبارشية أبوقرقاص ترتيبات الخدمة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 3-6-2024    حريق كبير إثر سقوط صواريخ في الجولان المحتل ومقتل مدنيين جنوب لبنان    بالفيديو.. أول تعليق من شقيق المفقود السعودي في القاهرة على آخر صور التقطت لشقيقه    سيدة تشنق نفسها بحبل لإصابتها بأزمة نفسية بسوهاج    كيفية حصول نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بني سويف    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    انعقاد اجتماع وزراء خارجية كوريا الجنوبية والدول الأفريقية في سول    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تصالح ولا إقصاء

انفجر الشعب المصرى سعيدا فى الميادين والشوارع حاملا علم مصر، ونافخا فى الأبواق، ومطلقا الصواريخ الاحتفالية، مطمئنا إلى قدرته، مسجلا لأول مرة فى التاريخ عزل رئيس خائب وديكتاتور متعجلا بالاحتفال، وليس بالدم والنار، بعدها ظهرت الدعوات من كثير من السياسيين بعدم الإقصاء لتيار الإخوان المسلمين من المشهد، والسعى إلى التصالح.
جلست كعادتى أفكر فى هؤلاء المتطهرين الذين لايزالون لا يعرفون تاريخ جماعة الإخوان، وهو تاريخ مكتوب ومعروف ومشهود، فهم وللمرة الألف أقول هذا الكلام جماعة طائفية، لا ترى فى غيرها من يستحق الحياة. هكذا تتم تربية أعضائها منذ انضمامهم إليها فى سن مبكرة، وهكذا يتعلمون وتتشكل شخصياتهم، لقد كانوا ولا يزالون وسطنا لعشرات السنين، كانوا يقدمون للناس فى الحياة اليومية وجها غير ما يضمرون، وحين واتتهم الفرصة ظهر وجههم الطائفى الذى لا يعترف بأحد خارجهم، ظهرت دعوات عدم الإقصاء، والسعى إلى التصالح ولا تزال. وأنا لا أفهم على ماذا يتم ذلك، هل لهم مطالب جديدة يمكن أن يرضيهم تنفيذها؟ لقد جربوا الحكم، ولن ينسوا ذلك بسهولة، واستقر فى وعيهم أن ما جرى انقلاب، وليس «قومة» جديدة للثورة، ولا تجليا جديدا لها. أجل، استقر فى وعيهم رغم أن التخلص من حكمهم لم يمر عليه أسبوعان، ويستوى فى ذلك الكبير والصغير، لأن ما يقوله الكبير لهم هو أمر إلهى ووحى منزل من السماء، وهكذا تعلم الصغار ألا يخالفوا ما يوحى لكبارهم.
التصالح يعنى أن تقدم لهم حصة ما فى حكم البلاد، ويعنى ارتباكا فى الحكم من جديد، لأنهم سيكونون معطلين لكل خطوة للأمام بحكم تكوينهم الفكرى، وبحكم الرغبة فى الانتقام التى طبعا سيجتهدون لإخفائها فى أحاديثهم. الآن الوضع السياسى لا يحتمل التفسير، رئيس تم خلعه، وحكومة تمت إزالتها، وجماعة حرضت وتحرض على القتل، هم لم يستقبلوا ما جرى بأى معنى سياسى، هم استقبلوه باعتباره انقلابا عسكريا، وراحوا يدعون للجهاد، لم يروا كعادتهم فى العمى الروحى الشوارع واليمادين وهى تمتلئ بعشرات الملايين. لو كانت لديهم أى رؤية سياسية لكان رئيسهم منذ اليوم الأول لخروج الشعب قد ترك الحكم شاكرا للشعب فضل احتماله عاما من الكدر والفقر والسجن والتعذيب والقتل والطوابير والظلام، لكنه شأن كل أعضاء الطائفة لا يرى شعبا ولا يرى وطنا، ومن ثم راح هو ومن معه يستدعون الأعداء من الخارج لإعادته.. لقد استدعى الأهل والعشيرة لكنه يعرف أن عددهم محدود قياسا بالشعب الثائر، سلحهم طوال عام كامل وأفرج عن الإرهابيين والمجرمين منهم، استعدادا ليوم كهذا.
لكن اليوم جاء مبكرا، بعد عام، وليس بعد أربعة أعوام، ومن ثم ظهر استعدادهم الذى لا معنى له إلا الفوضى التى سرعان ما ستنحسر.. أعود فأقول هم لم يستقبلوا ما جرى بأى معنى سياسى استطاعت فيه الأغلبية من الشعب أن تفرض إرادتها، ومن ثم يجب الخضوع لها، لأن الأغلبية فى الأصل عندهم كفار حلال قتلهم، والتصالح عملية سياسية فى المقام الأول، فكيف يتم التصالح مع من أنكر وجودك من الأساس وأحل دمك، لكن هذا أيضا لا يعنى الانتقام، فكما كان خروج الشعب عملية سياسية غير مسبوقة فى تاريخ الأمم فلتظل العملية السياسية، ولا نندفع وراء أى عواطف، والعملية السياسية باختصار هى أن يترك كل وما يريد. إذا ظل الإخوان ومن معهم من الإرهابيين على سيرتهم فى التكفير، ودعوات القتل، فالقانون يترصد لهم ويعاقبهم بالحق. وإذا أراد بعضهم أن يظل فى النور ويعود إلى حزبه ليعمل بالسياسة فى وضوح فلن يمنعه أحد، لكن لابد أن ينتهى إلى الأبد المزج بين السياسة والدين فى العمل السياسى، لأن ما يستخدمونه من الدين ليس هو الدين، لكنه الفكر الطائفى الذى ملأ تاريخ المسلمين بالمجازر. الدين طريق الدعوة لمكارم الأخلاق، وفى تاريخنا جمعيات دينية عظيمة كان لها دور اجتماعى رائع، مثل جماعة العروة الوثقى التى كانت قبل ثورة يوليو، ومنذ عصر إسماعيل تبنى المدارس والمستشفيات وتقدمها للدولة تديرها، وجمعية الشبان المسلمين التى كانت بدورها مكانا للنشاط الاجتماعى والرياضى والثقافى، وحتى الجمعية الشرعية، وهى جمعية سلفية عريقة كان عملها فى الدعوة والمساعدة الاجتماعية، ولا علاقة لها بالسياسة.
لا تصالح لأن الشعب لم يخطئ فى حق هذه الجماعة، ولا من ساندها من الجهاديين، ومن يسمون أنفسهم إسلاميين أو سلفيين، ولا إقصاء إلا بالقانون، وأرض السياسة رحبة إذا أرادوا، لكن أن يتخلوا عن طرقهم القديمة، وعن استخدامهم الفج للدين الكريم، وستظل دائما عودتهم للحياة الطبيعية تحتاج إلى وقت طويل. ولا أثق أبدا أن قياداتهم القديمة يمكن أن تتخلى عن طريقتها، ولا أطمع أيضا أن ينتفض الشباب منهم كما يحلم الجميع. صحيح أن بعضهم سينشق عن الجماعة والحزب فى الأيام المقبلة، لكنهم لا يعرفون طريقا للسياسة غير ما تلقنوه وحفظوه. هم يستخدمون أكثر طرق التقنية حداثة، الميديا، ليملؤها بالكذب، هم لا يرون منها ما يحدث فى العالم من تطور، لا يعرفون منها أن العالم الحديث لم يعد يقبل غير الديمقراطية طريقا بلا شروط، غير ما ينتج على الأرض من الممارسة، والممارسة فى مصر فتح لها شباب الثورة الطريق واسعا، وأتوا بالإخوان إلى الحكم، فكانت الممارسة دليلا على طائفيتهم، إذ أنكروا وجود الثورة وشبابها، وسجنوهم وسحلوهم باسم الدين وباسم الحاكم، ظل الله على الأرض، والذى اعتبروه من نسل عمر بن الخطاب، تأتيه الملائكة من السماء، ويتجلى له جبريل على الأرض يؤازره. الممارسة التى ظلوا عشرات السنين يصرخون أنهم ممنوعون منها، أثبتت أنهم أهل حرب وليس أهل سلام. فلنترك لأجيالهم الشابة إذا أرادت أن تعى الدرس بلا ضغوط ولا قهر، لكن أيضا علينا أن نعرف الدرس ولا ننساه. إن استخدام الدين فى السياسة هو طريق الفكر الطائفى الذى لا يعترف بالآخر مسلما أو غير مسلم، والأهم أن نعرف أن الأرض التى ترعرع فيها هذا الفكر هى أرض الفقر والجهل والمرض والقمع البوليسى أيضا، لهم أو لغيرهم.
بالمناسبة لم يكن نظام مبارك يمارس القمع عليهم فقط، لكن على الجميع، وما إن أتوا إلى الحكم حتى مارسوا بدورهم هذا القمع على بقية الشعب، والمذهل أنهم استثنوا نظام مبارك، وأشركوه معهم فى الحكم، ثم اتهموه أنه وراء هذه «القومة» الجديدة العظيمة للثورة، شىء مضحك. باختصار.. لا تصالح، فأرض السياسة واسعة ليعمل فيها من يريد، ولا إقصاء إلا بقانون، وعلى جريمة.. وكل رمضان وأنتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.