أنا لن أقول ارحلْ لأن الشعب ثارْ أو أن أعدادَ الحشودِ تجاوزت حزن الديارْ أو أنّ أحلامَ الشباب تعفَّنتْ أو أنّ صوتَ الفرحِ أجهضهُ الحصارْ. أنا لن أقولَ ارحلْ لأجل غدٍ تمنَّاهُ الصغارْ أنا لن أقول ارحلْ لأسباب البطالة والعمالة والتخلف والزبالةِ والتذيلِ والدمارْ أنا لن أقول ارحلْ لنقصِ الماءِ أو شُحِّ السولارْ أو طفرة اليورو أو تدنى ما بجيبى الآنَ فى سوق الدولارْ أنا لستُ مهتماً بأسعارِ الدولارْ أنا لنْ أقول ارحلْ لشكل الخبزِ أو حجم الرغيفْ فرغيفُ أمى ليس أجمل منه فى الدنيا سوىَ أمىْ. أمى التى لا تعرف الإخوان والعلمانَ والليبرالَ لا تدرى يميناً أو يسارْ أمِّى التى ما ميزت لى بين سَلَفٍ أو فللولْ فالصَّفْحُ يومَ دخولِ مكةَ لمْ يبارحْ. فى العقولْ وأنا أصدقُ قولَ أمىْ فأنا أمام الصدقِ أمى وأنا أمام العطفِ أمىْ وأنا أمام الحبِّ أجلسُ فى خشوعْ فهى التى زرعت لأجلى الخبزَ قمحاَ فى الحقولْ وهى التى حرثّتْ لأجلى أرضنا وهى التى شّقَّت بضرب الفأسِ عن حزن الترابْ وهى التى فتلتْ بقايا القَّشِ كى يغدو رباطاً حولَ خصرِ أبى لينساهُ الوجعْ وارتحَ يا أبتاهُ من ذاك الوجعْ قِفْ يا ترابُ له احتراماً هل علمت بمن أتاكْ؟ ذاك الذى تحوى أبىْ فارفق بهِ.. تبَّتْ يداكْ فهو الذى ما فاته ظهرٌ ليأتى وقتُ عصرْ وهو الذى لم يختلقْ اِفكاً ليغْصِبَ عرشَ مِصرْ ما زلت أسمع فى بكاء الفجر نَغمةَ خوفهِ ياااااربْ لُطفاً بالولادْ أنا لن أقولَ ارحلْ لأنَّ الفقرَ زادْ أوْ أنَّ سُكَّرَ حلمنا المنشودِ قدْ أضحى مرارْ أو أنَّ غَرسَ ربيعنا العربىْ بين يديكَ لم يطرحْ ثِمارْ أعطوكَ دفتها الذينَ توسموا فيكَ الفلاحْ عامٌ ظننا الغَوثَ فيهِ وما دَرَينا أنه السَّبعُ القفارْ والآن تدعو للحوارْ؟! الآن قُلْتُ ارحلْ لأنكَ فاشلٌ وطنٌ كأرضِ النيلِ تجهلُ كيفَ يمكنُ أنْ يُدارْ كفَّاكَ مرتجفانْ فلترحلْ أَكفُّ الخوفِ لا تبنى القرارْ اليوم ترحلُ ذاكَ آخرُ ما أرىَ فالآنَ غادرْ ما تبَقَّىَ مِنْ خِيَارْ ..