لليوم الثانى على التوالى، تحدثت صحيفة "الجارديان" البريطانية فى افتتاحيتها عن الأوضاع فى مصر، وحذرت فيها من تداعيات ما يجرى فيها، مشيرة إلى أن الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، قد يبقى أو تصبح مصر كالجزائر غلى حد كبير. وقالت الصحيفة تحت عنوان "حان الوقت لحكمة الشارع"، إن مأساة كلا الطرفين المتنافسين فى مصر هى أن هناك معسكرا ثالثا، يجلس بين الأطراف، يمثل له الاضطراب المدنى موقف الفوز. وتشير الصحيفة إلى أن كتاب الحكم الثورى لا يوجد به ما يقول، إنه بعد عامين من الإطاحة بزعيم مستبد، تنعم البلاد بالسلام، ومثلما حدث فى روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى أو فى جنوب أفريقيا بعد إنهاء نظام التفرقة العنصرية، فإن التحولات الديمقراطية مخلوقات هشة وضعيفة، يمكن أن تكون فريسة لحيوانات مفترسة أقوى، والرئيس محمد مرسى لم يكن يبالغ عندما قال للجارديان، إنه من الصعب للغاية أن يكون رئيساً لمصر، ويتوقع تماماً أن تستمر المشكلات. وتقول الافتتاحية، إن بعض هذه المشكلات من صنعه، حيث ارتكب الإخوان خطأين إستراتيجيين ساهما فى إغلاق الحوار بين المعسكرين الذين تشاركا معاً فى ميدان التحرير من قبل، الأول كان الدفع بدستور يسمح بمحتوى دينى أكبر فى التشريع المصرى، والثانيى كان من قبله، وهو الإعلان الدستور المثير للجدل الذى منحه صلاحيات وسعة، حيث إن هناك صواب فى الاتهام بأن مرسى خلط التفويض الانتخابى بالالتزام بإشراك جميع الأطراف. لكن المعارضة تتحمل بدورها جزء من المسئولية، فهى تشكو من أن الإخوان يسيطرون على أغلب مؤسسات الدولة، إلا أن كبار قيادتها رفضوا المناصب الرفيعة فى الحكومة التى عرضت عليهم، ورغم مزاعمها بأنها تطالب بتفويض ديمقراطى، فهى ترفض المشاركة فى انتخابات تعتقد أنها ستخسرها، وتدعى أنها ليست عنيفة، إلا أن المظاهرات المتنافسة تتسبب فى سقوط قتلى وجرحى. وتمضى الصحيفة قائلة، إن الحقيقة أنه بعد عام من انتخاب مرسى، لم يتقبل أى طرف شرعية الآخر، وترى أن هناك خطر واضح فى مصر يكمن فى أن الإطاحة برئيس منتخب ديمقراطيا وسط اضطراب مدنى واسع ربما يجبر الجيش على التدخل، وبعض المتفائلين يرون أن حكم الجيش سيستمر فقط لفترة وجيزة حتى إجراء انتخابات جديدة، إلا أن السيناريو المرجح أكثر هو أن الجيش لو جاء إلى السلطة سيمكث فيها لفترة طويلة، وبالنسبة لكثير من الإسلاميين، فإن تبنى الطريق اليمقراطى ثم الحرمان من الفرصة فى الحكم، يعنى أن المعارضة لن تكون مسألة تتعلق بالأيديولوجية ولكن بالبقاء الشخصى. فما الذى يمنعهم من استنتاج أن هناك مستقبل من الاعتقالات والتعذيب والسجن سينتظرهم، ليعود بهم إلى التجربة التى خاضوها فى عهد مبارك، وما الذى سيمنع صفوف المتشددين من كلا الطرفين من التضخم. وخلصت الجارديان فى نهاية افتتاحيتها إلى القول بأن الأيام القادمة محورية، ربما يبقى مرسى، أو أن تصبح مصر كالجزائر إلى حد كبير. والصراع المدنى الطويل لن يميز بين طائفة أو أخرى أو بين المصريين، كما أنه لن يحترم بالضرورة الحدود، فاستقرار الشرق الأوسط إلى لم يعد لأمريكا وأوروبا قدرة كبيرة على التأثير عليه، يعتمد إلى حد كبير على الاستقرار فى مصر، فكلا من المنطقة والعالم يراقبون الطريق الذى ستختاره مصر.