بعد صراع استمر عام كامل، نجح المحامون فى اجتياز أهم معركة انتخابية تشهدها نقابة المحامين، بموجب قانون المحاماة المعدل الذى حقق ضمانة أساسية للجمعية العمومية وهى التمثيل الفعلى لقواعد الكيان النقابى من خلال انتخاب ممثل داخل المجلس لكل محكمة ابتدائية.. وكان لهذا النظام أثره الواضح فى ضرب نفوذ مستمر عبر دورتين متتاليتين، لما يسمى الأقلية المنظمة التى تنجح من خلال قائمة محددة وكتلة تصويتية محددة فى مقابل تفتيت الأصوات لكافة المرشحين والقوى النقابية... ولما حدث هذه الدورة دلالة موضوعية على تحقق الخطوة الأولى نحو مشاركة فعلية للجمعية العمومية.. واختار المحامون نقيبهم الأستاذ حمدى خليفة، ومجلسا متنوعا يضم شتى ألوان الطيف السياسى والنقابى.. وتجلت إرادة المحامين فى اختيار واع انطلق من قراءة وفهم حقيقيين، لواقع مهنى ووطنى بات لزاما العمل على تغييره.. وجاء التشكيل بهذا التنوع، حتى أنه لأول مرة فى تاريخ النقابة يدخل مجلسها أربعة من رموز اليسار فى نقابة المحامين.. فضلا عن الكثيرين من العناصر المستقلة. وقد تأكد لدى كل راصد لتطور الأحداث بنقابة المحامين على مدار خمسة عشر عاما سابقة منذ فرض الحراسة، ومرورا بدورتين متتاليتين مدى التراجع التدريجى المتعمد فى أغلب الأحوال لدور تلك المؤسسة الهامة، وواجبها الرئيسى بوصفها واحدة من قلاع الرأى والحرية فى مصر على مدار تاريخها كله، منذ تأسيسها عام 1913.. وعلى جانب آخر تدهورت أحوال المهنة إلى مستوى لم تشهده فى أحلك أيامها سوادا.. وانهار العمل القانونى متفاعلا ومستسلما لحالة مزمنة من انعدام الكفاءة فى مرفق العدالة فى مصر, وذلك بفعل إهدار دور النقابة فى الارتقاء بالمحامى علميا وأخلاقيا وتثقيفا، بما يليق بالدور الذى يمارسه داخل المجتمع وبين المواطنين. وتحولت النقابة إلى كيان عقيم عاجز عن فرز العناصر النقابية الجديدة بفعل التآمر على الجمعية العمومية، ودفعها خارج المعادلة لسنوات طويلة.. وترسيخ نظرية متخلفة للتعامل مع قواعد المحامين باعتبارهم متلقين للخدمة ومانحى أصوات وفقط، لا كشركاء فى تقرير مصير نقابتهم وتطوير مهنتهم وقدراتهم.. حدث ذلك فى ظل تحويل النقابة إلى بديل سياسى للجماعات المحرومة من حقوقها السياسية، أو من جماعات عاجزة ومعزولة شعبيا وتحاول خلق بديل جماهيرى لوجودها من خلال نقابة المحامين، فضلا عن خطة الحزب الوطنى الساعية لفرض الهيمنة الحكومية على مقدرات العمل النقابى، ومحاولة توظيفها سياسيا فيما ستشهده مصر من تغييرات فى بنيتها الحاكمة فى المستقبل القريب.. وإزاء هذا المشهد بات على المجلس الجديد والنقيب الجديد أن يتعلموا جيدا من دروس الماضى، وأن ينطلقوا بنقابتنا إلى آفاق مضيئة تدفع الجمعية العمومية للمشاركة الحقيقية، بعقدها سنويا على مراحل بالمحافظات، لتفعيل مبدأ المحاسبة ودفع العناصر الجديدة للإبداع والشعور بأهمية المشاركة.. ولتعمل الإدارة النقابية الجديدة على أن تعود نقابة المحامين لساحة ديمقراطية مفتوحة لكافة القوى الحية بالمجتمع.. مكافحة للدفاع عن قيم الديمقراطية والعدالة السياسية والاجتماعية، وداعمة للمواطن فى دفاعه عن حرياته وحقه فى حياة حرة.. نهنئ من نجح ونناديكم ونشد على أياديكم فإلى الأمام. * مدير مؤسسة نبيل الهلالى للحريات