ماذا أقول فيك يا أزهرنا؟ وفضلك لا يكفيه ملء الأرض تعبير، نحن نتحدث عن أعرق جامعات التاريخ وأقدمها، نحن نتحدث عن جامعة الألف عام، نحن نتحدث عن منارة العلم فى قلب الأرض، نحن نتحدث عن جامعة علوم كبرى يتلقى فيها طالب العلم مختلف أنواع المعارف والعلوم، ويتخرج منها مُلماً بثوابت وأصول وأركان الدين. فكما يقول عنه الأزاهرة "نفديك يا أزهرنا منارة للعلم والعلماء، تمر عليك السنون وأنت نبع الهدى والضياء"، فالأزهر هو الهيئة الإسلامية العلمية الكبرى التى تقوم على حفظ المنهج الإسلامى الوسطى ودراسته ونشره فى كل بقاع الدنيا فهو أعظم جامعة عرفها التاريخ. كانت نشأة الأزهر فى عام "359ه ،970م"، والذى وضع حجر أساسه كان جوهر الصقلى بعد فتح الفاطميين لمصر، وهو جامع شامخ عبر العصور ينير الدنيا بما لديه من علم دينى ودنيوى، وفى أثناء الحملة الفرنسية على مصر أشعل علماء الأزهر الثورة ضد نابليون بونابرت، مما أدى إلى دخول القوات الفرنسية بخيولهم صحن الجامع الأزهر الشريف، وتم ضرب الجامع بالمدافع من فوق القلعة. ونظراً لأهمية هذا الجامع الكبير نجد الزعيم جمال عبد الناصر يعلن القتال ضد العدوان الثلاثى على مصر من فوق منبر الجامع الأزهر، لما له من مكانة راسخة فى نفوس الدنيا، فضلاً عن مكانته فى نفوس المصريين، نحن نتحدث عن الأزهر الآن الذى به أربعمائة ألف طالب وطالبة من المصريين، ومن مختلف أنحاء العالم، نحن نتحدث عن أزهر يُخرج فقط كل عام عشرين ألف داعية على علم وثيق بثوابت وأركان الدين، نحن نتحدث عن عددٍ من الكتب التاريخية تصل إلى ثمانية آلاف مصنف، منها ألف مصنف يحوى تسعة عشر ألف مجلد. والمشكلة التى تُدمى قلبى الآن، لماذا لجامعة عريقة مثل جامعة الأزهر بكل هذا التاريخ المُعظم يُسممُ طلابها؟ وكيف لمنصب كبير مثل منصب شيخ الأزهر يوضع تحت مظلة للمهاترات السياسية؟، ولماذا تكون لعبة السياسة دائماً حول الثوابت وحول جذور التاريخ؟. ماذا فعل هؤلاء الطلاب كى يُصابوا بالأذى؟، ولماذا تُسمم كل هذه الأعداد فى هذا التوقيت تحديداً والناتج عن الإهمال؟، جامعة الأزهر بتاريخها لو كانت فى أى بلد غربى لقُدمت الأطعمة للطلبة على أطباق من الفضة، ولأعطت الحكومات الغربية مساكن للجامعة تفوق أكثر الفنادق فخامةً ورونقاً. نحن بين أيدينا تاريخ كُتب وسُطر لا يُباع ولا يُشترى ولا تستطيع أى دولة فى العالم شراء تاريخ لها، فلماذا ننحدر نحن بقيمة الأزهر إلى هذا الاتجاه الذى يترفع كل حجر فى زواياه أن تُقلَ من أصالته، لماذا نحطم الجيل الذى سيحمل الأزهر يوماً؟ ولماذا لا نبنى جيلاً قوياً يُبنى عليه مستقبل الأزهر؟ لماذا تتخاذل الحكومة فى حق الأزهر؟ وقبل كل هذا لماذا الأزهر تحديداً؟. قيمة طلاب وعاملين وأساتذة الأزهر هى من قيمة الأزهر، من المفروض على حكومة كبيرة مثل الحكومة المصرية أن تنأى بالأزهر عن هذا الوضع الذى لا يقبله أى مسلم على وجه الأرض، ونسأل الله أن يحفظ مصر الأزهر وأزهر مصر، وأن يُعلى الله بفضله كلمة الأزهر خفاقةً فى عنان السماء.