سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ياسر الزعاترة: إيران ضحت بعلاقتها مع غالبية جماهير الأمة من أجل بشار..ونجاد قدم لمرسى عروضاً مغرية تتعلق بمنح نفطية والرئيس المصرى رفضها..دول الخليج تصب الأموال الضخمة لاستمرار حالة الفوضى فى البلاد
قال ياسر الزعاترة، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطيني، إن الحديث يكثر هذه الأيام عن العلاقة بين مصر وإيران، مضيفا أن بعضهم يورد حكايات هامشية تتعلق بالتقارب بين البلدين فى سياق من القلق والإدانة، لاسيما بعد زيارة وزير السياحة المصرى لإيران وحضور الرئيس الإيرانى نجاد لمؤتمر قمة التعاون الإسلامى فى القاهرة. وأضاف الزعاترة، فى مقال له تحت عنوان "مصر وإيران وهواجس الابتلاع والتشييع" نشره موقع الجزيرة نت، أن أسوأ أنواع التحليل السياسى هو ذلك الذى يُبنى على مواقف هامشية منتقاة من هنا وهناك؛ وأحيانا موقف واحد، بعيدا عن المسار الاستراتيجى للأحداث، وبعيدا عن وعى العناصر المركبة فى عوالم السياسة وعلاقات الدول. و أشار الزعاترة إلى أن الذى ينبغى قوله هو أن القيادة المصرية لا تزال مشغولة بالهم الداخلى أكثر من العمل لاستعادة دور مصر وحضورها فى السياقين العربى والإقليمى رغم جهد واضح على هذا الصعيد، مؤكداً أنه من الصعب الحديث عن رؤية شاملة وحاسمة مالم تستقر الأوضاع الداخلية وتشرع القيادة فى ترتيب أوراقها العربية والإقليمية. وأوضح المحلل السياسى الفلسطينى أن القاهرة ما زالت تقف بما تستطيعه إلى جانب الشعب السورى، مشيرا إلى أن تصريحات الدكتور مرسى رئيس الجمهورية تؤكد ذلك وتؤكد أيضا موقفها المساند لمنح مقعد سوريا فى الجامعة العربية للائتلاف الوطنى وهو أمر لم يكن ليتم لولا الدعم المصرى. و تابع الزعاترة حديثه عن الموقف من سوريا، قائلا: "حين نتحدث عن الموقف من سوريا، فنحن نتحدث بالضرورة عن قضية ذات صلة مباشرة بإيران التى ترى أن بقاء بشار الأسد هو الركن الاستراتيجى لمشروعها فى المنطقة، فهى التى ضحت عمليا بعلاقتها مع غالبية جماهير الأمة من أجل هذا الموقف اللا أخلاقي، وهى خسارة لا توازيها خسارة بالمقاييس الاستراتيجية". وأكد المحلل السياسى الفلسطينى أن الدكتور مرسى لو كان معنياً برضا إيران لما اتخذ هذا الموقف، مضيفاً أن ذلك يترتب عليه عداء من طرفها يتجلى فى دعم وتمويل بعض معارضيه، وقد يمتد لما هو أسوأ من ذلك مثل محاولة العبث بالأمن المصري، لا سيما فى المنطقة الرخوة فى سيناء عبر مجموعات قبلية، وأحيانا إسلامية يجرى إقناعها بأنها ستقاتل الصهاينة من هذه الجبهة. وأشار الزعاترة إلى أنه لم يحدث أى لقاء بين نجاد والرئيس مرسى غير لقاء المطار وذلك خلال زيارته للقاهرة بهدف المشاركة فى قمة التعاون الإسلامى، مضيفاً أن الرئيس نجاد قدم للرئيس مرسى خلال لقاء المطار عروضاً مغرية تتعلق بمنح نفطية ودعم مالى لكن الأخير لم يزد على تجاهل الموقف كأنه لم يكن. وأضاف أن زيارة وزير السياحة كان فيها شكل من أشكال الاحتجاج على ممارسات بعض دول الخليج، والتى تصب الأموال الضخمة من أجل إدامة حالة الفوضى والعنف فى البلاد، من دون أن يعنى ذلك أن توافد سياح إيرانيين على مصر يعنى الكثير، بل ولا حتى وجود علاقات تجارية ما بين البلدين؛ هى فى المحصلة حاجة لكليهما، متسائلا "هل على الرئيس مرسى وحكومته أن يتجاهلوا مطالب الشعب المصرى من أجل هواجس الآخرين؟ ثم هل الأمن القومى المصرى هشٌ إلى درجة تمنح إيران فرصة اختراقه بسهولة؟ و تطرق الزعاترة فى حديثه إلى أنه لا توجد لمصر علاقة دبلوماسية رسمية مع إيران، مؤكدا أن العلاقة التجارية والسياحية فى أدنى مستوياتها وأن مثل هذه العلاقة ليست منحة، بل هى مصلحة متبادلة، بدليل المثال التركي، لا سيما أن إيران تعيش فى ظل عقوبات مشددة، ومن مصلحتها أن تكسر الحصار من حولها بأى طريقة كانت، ولا شك أن تركيا مثلا تستفيد من فرض تلك العقوبات ميزانا تجاريا مميزا مع إيران يميل لصالحها بشكل هائل. وقال الزعاترة إن سماح إيران ببعض نشاطات التشييع هو نوع من أنواع الاستفزاز فضلا عن تمويل فضائيات تمارس الحشد المذهبى فى أسوأ تجلياته، مضيفاً أن إيران وقعت فى أسوأ حماقاتها بدعم بشار وأنها ستخسر تبعا لذلك على كل صعيد. وأكد أن المشكلة مع إيران هى سياسية بامتياز، وليست مذهبية، وفى العالم العربى شيعة يحق لهم العيش كمواطنين كاملى المواطنة، تماما مثل أقليات أخرى لا تعترف بالإسلام كديانة سماوية أصلا، وأخرى عرقية وطائفية متنوعة. وأشار الزعاترة إلى أن مصر دولة كبيرة لها إرثها الحضارى والتاريخي، وفيها الأزهر كمؤسسة عريقة ومؤثرة، ومن يعتقد أن إيران يمكنها أن تبتلع مصر فهو واهم كل الوهم، والسنوات القادمة ستؤكد له ذلك بشكل واضح ومحسوم؛ حين تقود مصر العرب إلى صدارة هذه المنطقة، بل إلى أن يكونوا قوة كبيرة على الصعيد الدولى أيضا، قائلا "مصر القوية والمتماسكة هى وحدها القادرة على لجم الطموحات الإيرانية الزائدة على الحد، وهو ما تدركه إيران، ويجب أن يدركه بعض العرب". وأوضح المحلل السياسى الفلسطينى أن مصر لن تكون فى حضن إيران فى يوم من الأيام سواء فى ظل الرئيس مرسى والإخوان، أو فى ظل أى طرف آخر، مشيرا إلى أن منطق ميزان القوى والتاريخ والسياسة لا يسمح بذلك قائلا "فلنكف عن إهانة أنفسنا وتصوير إيران كما لو كانت إله الكون، بينما هى تترنح فى ظل ما يجرى فى سوريا والعراق، وفى ظل مشاكلها الداخلية". وذكر الزعاترة أن إيران هى المعتدية وأنها حين تكف عداءها وتعرف حجمها، وذلك بعد سقوط بشار، فلن تكون هناك مشكلة فى التعايش معها أيا كانت قيادتها ضمن شروط حسن الجوار تمامًا كما هو الحال مع تركيا كقوة أخرى كبيرة فى الإقليم.