بيروت (ا ف ب) - في مفهوم العراقة الرياضية تمثل مسابقة كأس ديفيس لكرة المضرب القيم والارث والتاريخ، لكنها باتت مهددة بكيانها ونظامها، وهناك محاولات لجعلها من التاريخ اي الغائها واستبدالها بمسابقة اكثر جذبا للمعلنين، كما يسعى مروجون. كأس ديفيس هي البطولة الاقدم المخصصة للفرق والمستمرة من دون توقف منذ عام 1900، كأسها قدمه الطالب في جامعة هارفرد دوايت ديفيس، وبات ارتفاعها 10ر1 م مع تكبير قاعدتها واتساعها تباعا، لتحفر عليها على مر الاعوام اسماء الفرق الفائزة بشرف حملها. وعرفت المسابقة انتشارها واتساع الاهتمام بها في شكل قياسي بدءا من عام 1981، عندما حظيت برعاية مؤسسات وشركات، وبات الاتحاد الدولي يوفر للاتحادات المنظمة والمنتخبات المتبارية جزءا كبيرا من النفقات والجوائز المالية، وتخطت تكاليفها في السنوات الأخيرة 10 ملايين دولار توفر من خلال الشركات الراعية. يشعر "المخلصون" لهذه المسابقة انهم طعنوا في الصميم، حين كثر التداول في شأن البطولة البديلة وابراز فوائدها. في اروقة بطولة استراليا الاخيرة في ملبورن وكواليسها، تحول الهمس الى آراء متبادلة ومقترحات، خصوصا من جانب الصحافة الانغلوساكسونية، حول طرح مسابقة منافسة بديلة. وتنطحت ل"القضية" صحيفتا "ذي تايم" الشهيرة و"ذي ايج" الاسترالية. وافردت "ذي تايم" مقالات عدة للحديث عن "مسابقة ثورية". ونشرت "ذي ايج" على صفحتها الرياضية الاولى صورة كبيرة بالابيض والاسود لاساطين المضرب الاسترالي: جون نيوكمب ونيل فرايزر ورود ليفر، ابطال كأس ديفيس، مع علامة حذف على الصورة وعبارة "لقد انتهيتم" في اشارة الى "دنو اجل مسابقة كأس ديفيس"! اما الطرح البديل فهو تنظيم كأس العالم للعبة او تحت مسمى "غران شيليم الامم"، وبحسب المروجين هو عنوان جاذب اكثر للمحطات التلفزيونية التي تتهم بشراء حقوق النقل المباشر للمباريات. ومن "ابطال" الطرح الثوري المقاول الاسترالي جيمس هيرد، الذي قدم ومجموعة من المستثمرين والناشطين في مجال تنظيم الاحداث الرياضية الكبرى، معادلات عدة لانجاح الفكرة، كأن تنظم مرة كل عامين على ان تضم 32 منتخبا في مكان واحد لمدة 10 ايام، مع لحظ طريقة جديدة للتباري. وتتضمن كل مباراة لقاء فرديا واحدا من 5 مجموعات، ويفوز بالشوط مباشرة من يكسب النقطة التي تلي رصيد ال40، ويحتسب كسر التعادل (تاي بريك) بأفضلية 5 نقاط. ويتألف كل منتخب من 3 لاعبين، مع امكان تبديل اللاعبين في مباراة الفردي، شرط ان يخوض البديل 6 اشواط كحد ادنى. واللافت ان المروجين التقوا مسؤولي دورات استراليا وويمبلدون وفلاشينغ ميدوز، وينشطون بين اللاعبين النجوم لاستقطاب دعمهم وتأييدهم، لا سيما ان كثرا منهم يجدون الالتزام في ادوار كأس ديفيس الاربعة (4 اسابيع) مضنيا نظرا لكثافة الدورات الدولية سنويا. وهناك نجوم يتجنبون المشاركة مع منتخبات بلدانهم في الادوار الاولى للمسابقة. حتى تاريخه، لم يبد الاتحاد الدولي حماسة ل"الطرح الثوري"، لا بل انتقده. واعتبر رئيسه الايطالي فرانشسيكو ريتشي بيتي ان "بطولة او كأسا للعالم قد تكون فكرة مثيرة من الناحية التسويقية" لكنه رفض فكرة ان تكون "بديلا لديفيس البطولة القيمة الموغلة في القدم". واضاف: " كأس ديفيس تعرضت لصعوبات جمة لكنها صمدت وتجاوزت عواصف لا تحصى". وتوخت رابطة اللاعبين المحترفين الحذر في تعليقها على هذه المستجدات مفضلة الانتظار والترقب، خصوصا انه يصعب ادراج بطولة جديدة في البرنامج السنوي، او حذف مسابقة مثل كأس ديفيس قريبا من الجدول، في ضوء الالتزامات المالية والاعلانية التي تربط الاتحاد الدولي المنظم. وتبدو الحاجة ماسة لتقليص برنامج الدورات، وهذا مثار نقاش بين كبار اللاعبين خصوصا ورابطتهم، علما ان الجميع يقر باستحالة ايجاد حلول فورية. ويدرك اللاعبون كما يؤكد المصنف اول عالميا السويسري روجيه فيدرر والاسباني ديفيد فيرير، ان مسابقة كأس ديفيس تمثل موارد مهمة للاتحادات "لكنها قاتلة بدنيا". ولم يخف الاثنان حماستهما للمقترح الجديد كذلك الامر بالنسبة للاسباني رافايل نادال والاميركي اندي روديك والبريطاني اندي موراي والصربي نوفاك ديوكوفيتش وآخرين، باعتبار انه "بطولة محفزة للجميع، وستكون ممتعة ويترقبها ملايين على غرار مونديال كرة القدم". غير ان المعضلة الاساسية تبقى حاليا كيفية التوفيق في البرمجة، خصوصا اذا ارتؤي وامام ضغط المستثمرين والمعلين السير قدما في تنفيذ الفكرة الجديدة، ولو ادى الامر الى اقامتها مرة كل عامين، او تنظيمها بالتناوب مع كأس ديفيس. والمقترح الاخير في نظر بعضهم حكم على "المسابقة العريقة" بالموت البطيء.