أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكنًا باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات في شعره اعتزاز بالعروبة، كثير التشاؤم والافتخار بنفسه: إنه أبو الطيب المتنبي. هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي، ولد في كندة بالكوفة سنة 303 هجرية 915 ميلادية، توفيت والدته وهو طفل فربته جدته لأمه، اشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكرًا، فقال الشعر وهو في العاشرة، وفي الثانية عشرة من عمره رحل إلى بادية السماوة ليكتسب بداوة اللغة العربية وفصاحتها، ثم عاد إلى الكوفة، حيث أخذ يدرس بعناية الشعر العربي، وبخاصة شعر أبي نواس وابن الرومي ومسلم بن الوليد وابن المعتز. لم يستقر أبو الطيب في الكوفة، فآثر الترحال ليعمق تجربته في الحياة وليصبغ شِعره بلونها، فرحل إلى بغداد برفقة والده، وهو في الرابعة عشرة من عمره، وفيها تعرف على الوسط الأدبي، وحضر بعض حلقات اللغة والأدب، ثم احترف الشعر ومدح رجال الكوفة وبغداد، غير أنه لم يمكث فيها إلا سنة، ورحل بعدها برفقة والده إلى بادية الشام يلتقي القبائل والأمراء. في سنة 328 هجرية انتقل إلى طبرية، وفيها وجد بدر بن عمار فنعم عنده حقبة من الزمن، راضيًا بما لقيه عنده من الراحة بعد التعب والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه وشعر بالمكائد التي يدبرها حاشية بدر له فرحل عنهم باحثا عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في حلب عند سيف الدولة حينها شعر أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه، فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته، ونتيجة مكانة المتنبي لدى سيف الدولة دبر له بعض حاشية سيف الدولة المكائد حتى أوغروا صدر سيف الدولة عليه حتى خرج من حلب إلى مصر حيث كافور، وفي مصر واجه بيئة جديدة ومجتمعًا آخر وظروفًا اضطرته إلى أن يتنازل عما لم يتنازل عنه من قبل، وظل يخطط إلى الهرب ويصر على تحدي كافور ولو بركوب المخاطر حتى وجد فرصته في عيد الأضحى وخرج من مصر، وهجًا كافورًا. بعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكانت له معه مساجلات، ثم رحل إلى شيراز، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي. وفي طريق عودته إلى الكوفة، خرج عليه فاتك بن أبي جهل الأسدي _فقد هجي المتنبي ابن أخته ضبة بن يزيد الأسدي العيني _في الطريق بجماعة من أصحابه، فتقاتل الفريقان حتى قتل أبو الطيب وابنه وغلامه 354 هجرية 965 ميلادية. وتقديرا لهذا الشاعر الحاضر الغائب قررت إدارة معرض أبو ظبي الدولي للكتاب، المزمع انطلاقه غدا، تكريم المتنبي، باعتباره شخصية المعرض.