من أهم الأعمال الأدبية التي قرأتها في الآونة الأخيرة مسرحية "صريع القوافي" للشاعر والإعلامي لطفي عبدالفتاح. وقد أصدرت له هيئة الكتاب ديوانا بعنوان "قاس يا بحر" سنة 2004. ثم مسرحية شعرية بعنوان "شيطان الحلم" سنة 2007. وقد حصل بها علي جائزة هيئة قصور الثقافة للإبداع المسرحي ونال شهادة تقدير أكاديمية الفنون مع دبلوم الدراسات العليا بمعهد النقد الفني سنة .1997 يتناول لطفي عبدالفتاح في مسرحية "صريع القوافي" حياة المتنبي هذا الشاعر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بعبقريته لا في فن العربية الأول فقط بل لشخصيته النموذجية في سماتها النفسية التي تنفرد بها. فهي شخصية شديدة الاعتزاز بذاتها وبموهبتها مما جعله موضع اكبار من بعض الحكام الذين سعي إليهم للحصول علي منصب جدير به. وموضع عداء من آخرين. ولكنه خسر الاثنين إذ لم يحققا طموحه. يقول مؤلف المسرحية إن حياة المتنبي ملحمة درامية فهي مفعمة بالصراع. صراع الفقر والفافه صغيرا. وصراع الخوف من الموت أو الخطف والاستقبال. وهو يضطر إلي الهرب من موطنه في الكوفة إلي بادية الشام مع جده بعد أن هاجم الكوفة القرامطة السفاحون. وكانت موهبته الشعرية قد تفتحت في العاشرة من عمره. وفي السابعة عشرة قاد انتفاضة ضد خليفة بغداد في النصف الأول من القرن الرابع الهجري "العاشر الميلادي". فكان أن زج به أعوامه الخليفة في السجن. وكان سوء الطالع مطاردا لرب السيف والقلم في عصره كما شهد بذلك معاصروه. إذ أصابت جفوة العلاقة الحميمة بعينه ديب سيف الدولة بسبب غيرة حاشية الأمير منه. ومنهم ابن خالويه العالم اللغوي الذي ضرب المتنبي بدواة فشبح رأسه وأسال دمه دون أن يردعه سيف الدولة. ومنهم كذلك أبوفراس الحمداني ابن عم سيف الدولة وأحد الشعراء المنافسين للمتنبي. والمعروف بقصائده التي صاغها بعد أن أسره الروم في إحدي حروبهم وبعث بها إلي سيف الدولة ليدفع فدية إلي الروم ليفكوا أسره. ولما نجح خصوم المتنبي في الايقاع بين سيف الدولة وبينه. سافر إلي مصر الأن بها كافور الإخشيد ولكن شاعرنا كان مثل المستجيرين الرمضاء بالنار. فقد خيب ذلك الحاكم الذي كان من العبيد ثم فانا سيده الحاكم واستولي علي السلطة. خيب أمل المتنبي في تنصيبه واليا علي أحد الأقاليم مما اضطره إلي الفرار ليلة عييد الأضحي من مصر بعد أن ترك في فراشه هجائية مقدعة لكافور. وانتهت مسيرة المتنبي العاصفة إذ قتله فاتك الأسري وعصابته وهو عائد من بلاد فارس حيث مدح عهد الدولة في طريقة إلي موطنه في الكوفة مع ولده محسب وبعض أصحابه.. ولكن صوته كان ولا يزال مدويا عبر كل العصور شاهد له بالعبقرية الشعرية والشموخ العربي. وقد شارك الشاعر والإعلامي لطفي عبدالفتاح في إثراء حركة المسرح الشعري بهذه المسرحية ذات المستوي الفني الرفيع. الذي حالفه التوفيق في الصياغة الدرامية والحوار واختيار الأشعار الملائمة له والاتقان في تصوير الشخصيات. بقلم: د. حسن فتح الباب