السيسي.. مرشح ب«الأمر».. الاكتفاء ب 3 مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لاعتبارات أمنية.. التركيز على المقابلات التليفزيونية.. حلول سريعة لمشكلات الخبز والمواد الغذائية ومشكلات الطاقة

لا وقت للمزاح.. ولا وقت للتراجع إلى الخلف.. الآن أصبح قطار الرئاسة المصري يسير بين محطتي «حمدين صباحي» و«المشير عبدالفتاح السيسي»، إلا أن القطار نفسه بات قريبًا من التوقف أمام هاتين المحطتين لساعات خلال الانتخابات المزمعة، ليختار حينها «ركابه» الناخبون أي المحطتين سينزلون بها. المحطة الأولى تحمل اسم زعيم التيار الشعبي المصري وأيقونة ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو» حمدين صباحي، بينما تشير الثانية إلى بطل من طراز خاص ومخلص المصريين من «جشع الإخوان» ليصبحا مرشحين محتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة..
«صباحي» و«السيسي» يحملان برنامجين انتخابيين يكادان يقتربان من بعضهما البعض، بل الأكثر من ذلك، تمسك كل منهما بحمل لواء التجربة الناصرية وإعادة إحيائها بداية من التقرب إلى البسطاء والتعهد بتحسين دخولهم والخدمات المقدمة لهم، وإعادة بناء الوضع الاقتصادي للبلاد وانتشال مصر من أزمتها المالية الطاحنة، قبل حماية حدود البلاد وتأمينها من مخاطر الإرهاب والمؤامرات الدولية التي تحاك لها..
رغم أن متطلبات المواطن المصري لن تختلف كثيرًا من برنامج انتخابي لآخر، فإن المشير عبدالفتاح السيسي حدد مجموعة من الملامح لبرنامجه الانتخابي الجديد، أولها «تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال الحد من الفقر وتحقيق تحسن سريع وملموس في جودة حياة المواطنين، والعودة بالطبقة المتوسطة إلى حجمها الطبيعي».
«الفقراء أولًا»
برنامج السيسي الانتخابي، الذي شارك في إعداده مجموعة من الشخصيات العامة والخبراء، يتضمن بندًا رئيسيًا لاستعادة الأمن للبلاد، وإصلاح مؤسسات الدولة وضمان كفاءتها ومحاربة الفساد، والقضاء على البطالة بين الشباب وتوفير المسكن المناسب واستغلال موارد الدولة ومشروعات التنمية، هي أبرز ملامح البرنامج الانتخابي للمشير بعد إعلانه قرار الترشح بالانتخابات الرئاسية.
تفاصيل البرنامج الانتخابي لوزير الدفاع السابق، كشف عنها عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، منذ أيام، مشيرًا إلى أن البرنامج يتضمن «إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس حديثة، ومحاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومشاركة الشعب بفاعلية في عملية التنمية الشاملة ومصارحته بالتحديات» من خلال خطة طموحة تعيد صياغة الخريطة التنموية والاستثمارية، لتحسين الأوضاع المعيشية لكل المواطنين.
وفي إطار محاولاته لتحسين مستوى الدخل، يتعهد المشير السيسي بالحد من الفقر، والإسراع بإصلاح مؤسسات الدولة، وضمان كفاءة أجهزتها وانضباطها في محاربة الفساد، والاهتمام الشديد بالتنمية البشرية، خصوصًا الشباب، وإدخال تعديلات جوهرية على تقسيمات الخريطة الإدارية للمحافظات، لاسيما في الصعيد، لتوسيع آفاق العمل والإنتاج، والاستغلال الأمثل للموارد، دون إهدار حقوق الأجيال القادمة، وطرح مشروعات استثمارية كبرى ومتوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر، لمحاصرة البطالة وتشغيل الشباب وفتح منافذ الأمل والتقدم.
«مصر المستقبل»
برنامج «السيسي رئيسًا» يضع كذلك رؤية واضحة ومتكاملة للعلاقات الخارجية، تنبثق من الرؤية المستقبلية لدور القاهرة في الحفاظ على أمنها القومى في أبعاده «العربية والأفريقية والإسلامية والمتوسطية»، في ضوء تجليات الموقف الدولي وتطوراته المتسارعة، حماية لمصالح مصر الحيوية وتعظيما لها، خاصة في مجالي «المياه والطاقة»، بحسب موسى.
«إعادة بناء الدولة»، في برنامج السيسي سيتم بناؤه على أسس حديثة من خلال التكليفات التي أقرها دستور 2014 وألزم بها الدولة، وكذلك من خلال إشراك الشعب في تفاؤله بالنسبة للمستقبل من حيث التنمية الشاملة وتحقيق العدالة الاجتماعية، مع وضعه في الصورة بكل شفافية بحقائق الوضع الاقتصادي والظروف التي تمر بها البلاد، وفقًا لتصريحات رئيس لجنة الخمسين.
كما يحمل المشير على عاتقه إعادة البناء وتحقيق الرخاء للناس وضمان الحياة الكريمة لهم، إلى جانب احترام الحقوق والحريات التي جاءت في الدستور الجديد وعلى رأسها عدم التمييز بين المواطنين وتكافؤ الفرص بينهم، وحرية الرأي والاختلاف السلمي، في ضوء محددات رئيسية تقوم أساسًا على أولوية تحقيق العدالة الاجتماعية والنمو المتوازن جغرافيًا وقطاعيًا، حفاظًا على حقوق ومصالح الجيل الحالي والأجيال القادمة، خصوصًا في ضوء الزيادة المتوقعة في عدد سكان مصر.
ويتضمن البرنامج خطة طموحة مقترحة لإعادة صياغة الخريطة التنموية والاستثمارية لمصر، عبر إجراء تعديلات جذرية على عدد المحافظات وعلى حدود أغلبها بما يتضمنه ذلك من تغيير في الخريطة الإدارية أيضًا، حيث ينتظر أن تمتد حدود بعض محافظات الصعيد شرقا وغربا توسيعا لآفاق العمل والإنتاج.
«نصائح ذهبية»
من جانبها، كشفت مصادر ل«فيتو» عن تقدم عدد من الرموز الوطنية بمقترحات ونصائح للمشير السيسي مؤخرًا، جاءت متفقة مع تقارير استطلاع قامت بها أجهزة سيادية بالدولة بشأن أولويات قرارات وسياسات السيسي كرئيس للبلاد، عقب فوزه ليكون هناك ظهير شعبي كبير من خلفه يؤيده ويسانده في مواجهة حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها البلاد، من بينها إعادة فتح ملفات «مافيا الأراضي» وتطبيق الحد الأقصى للأجور وفتح ملفات فساد رجال حسني مبارك.
ووفقًا للمصادر، فإن هذه النصائح وتقارير الاستطلاع أكدت ضرورة كسب التأييد الشعبي الكبير من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على جميع مظاهر الفساد في الوقت الراهن وإعادة فتح الملفات السابقة المتعلقة بنهب أراضي الدولة وفساد رجال الأعمال بما يصب في صالح الشعب والبلاد.
وركزت المصادر على أنه من ضمن المقترحات أيضًا أن يقوم المشير بتطبيق الحد الأقصى للأجور على كبار موظفي الدولة والمستشارين بما يسمح بتوفير المليارات من الجنيهات واستخدامها في استكمال تطبيق الحد الأدنى للأجور، وكذلك فتح ملفات فساد رجال الأعمال في عهد نظام مبارك بما يسمح بإعادة تقنين المخالفين والمستفيدين لموارد الدولة وأراضيها دون عائد حقيقي للدولة.
وأشارت إلى تقدم الرموز الوطنية بنصائح أخرى تضمنت تنفيذ عدد من الأولويات المهمة للمواطنين على وجه السرعة، ومنها توفير أكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية بأسعار تكلفتها فقط حتى تكون في متناول الشباب ومحدودي الدخل إلى جانب توفير فرص العمل عبر توفير مناخ الاستثمار في جميع القطاعات، وكذلك العمل على تقليل الفجوة الكبيرة بين دخل الموظفين من خلال استكمال تطبيق الحد الأدنى والالتزام بزيادته بحيث يسمح بحياة كريمة للمواطنين.
«ممر التنمية»
تقدم عدد من الحملات الانتخابية المؤيدة لترشح السيسي، من بينها حملة «كمل جميلك» بمجموعة من المقترحات ليتضمنها البرنامج الانتخابى له، من بينها حلول مقترحة في قطاع السياسات الاقتصادية والزراعة والموارد المائية والرى والبيئة الصناعية والاستثمار والسياسة الخارجية، وحلول للسدود المقامة في إثيوبيا، والاستعانة بمشروعات ممر التنمية ومنخفض القطارة وترعة السلام غرب وشرق قناة السويس وميناء العين السخنة.
وتضمنت المقترحات أيضًا على المستوى الاقتصادى وضع خطط للنمو تكون قادرة على المنافسة ومنع الاحتكار، وعلى المستوى الاجتماعى توفير الغذاء والإسكان والتعليم والرعاية الصحية والحد الأدنى للأجور وتبني سياسات الضرائب التصاعدية وتقديم الخدمات الاجتماعية للمواطنين من خلال الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني وتطبيق أسلوب اللامركزية في تحديد الاحتياجات وتطوير نُظُم التأمينات الاجتماعية والاستثمار في مجال تنمية الموارد البشرية، وكذلك على المستوى الإداري تضمنت المقترحات إصلاح المستوى الإداري ووجود خبراء على مستوى الكفاءة لتنفيذ تلك الهيكلة من خلال إحداث تغييرات للتخلص من القيود الإداري.
كذلك تضمنت المقترحات حلولا لمشكلات الخبز والمواد الغذائية ومشكلات الطاقة، وكذلك علاج لمشكلة الديون على المصانع، إلى جانب التأكيد والاهتمام بالتعليم الفني والصناعي وتشجيع الاستثمار وحلول عاجلة لمشكلة السياحة.
«موسى وكارم وبدر»
وكشفت مصادر أخرى ل«فيتو» أن الحملة الانتخابية للمشير، تتضمن عددًا كبيرًا من الشخصيات العامة والسياسية الوطنية، بالإضافة إلى الشباب، في مقدمتها عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، والسفير محمود كارم سفير مصر الأسبق بالاتحاد الأوربي واليابان والأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان الأسبق، وكذلك الدكتور عبدالجليل مصطفى، مقرر لجنة الصياغة بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، والمهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، ومحمود بدر، مؤسس حركة «تمرد».
وأوضحت المصادر أن الحملة لا تتضمن في عضويتها شخصيات محسوبة على نظام مبارك الأسبق، وإنما أغلب أعضائها من الشخصيات غير المعروفة إعلاميا، إلا أن لديها خبرات واسعة في مجال الإدارة، مشيرة إلى أنه تم تشكيل فرق عمل داخل الحملة لتعمل كل منها على تنفيذ مهامها بشكل منفرد مثل فريق جمع التوكيلات وفريق الخبراء الاقتصاديين وفريق التواصل الإعلامي وكذلك فريق التواصل السياسي.
كما سيكون هناك تنسيق مع بعض الحملات الكبرى التي أيدت ترشح السيسي بحيث يتم اختيار عدد من بين أعضائها للقيام بأدوار خلال عقد المؤتمرات الجماهيرية في المحافظات.
وأكدت المصادر أن الاتجاه الغالب داخل حملة المشير هو التقليل من المؤتمرات الجماهيرية، موضحة أنه من المحتمل أن يتم الاكتفاء بمؤتمرين أو ثلاثة فقط ويتم الاعتماد على الخطابات واللقاءات التليفزيونية المسجلة ووسائل التواصل مع كبار العائلات في القرى والصعيد، وذلك لاعتبارات أمنية وسط الحالة غير المستقرة التي تشهدها البلاد، وكذلك تقليل كم الدعاية للمشير بالمحافظات خوفًا من استغلال البعض لاسم المشير، وجمع أموال من أجل عمل إعلانات أو تنظيم مؤتمرات له. وأضافت المصادر أنه تم تجهيز فيلا بالتجمع الخامس لتكون مقرًا لحملة المشير السيسي والتي تم تجهيزها أمنيًا على أعلى مستوى، بحيث تتم متابعة إدارة الحملة على مستوى الجمهورية من خلالها.