هناك من يعيش ويموت لأهدافه.. يموت دون أن يعلم عنه الآخرون شيئا مثل سيد زكريا وهو أحد العساكر في حرب أكتوبر والذي هاجم كتيبة من العسكريين الإسرائيليين بقوة وشجاعة وقتل 5 أفراد منهم عدا ضابط اختبأ خلف جدار انتظارا لقتل سيد فجأة ! كان قرار الضابط إما أن يقتل أو يقتل ! وكانت تنتابه مشاعر من القلق والتوتر والإعجاب بزكريا في نفس الوقت ولكنه اضطر في النهاية إلى قتله ! بعدها جمع متعلقاته البسيطة وملابسه وسلمها للصليب الأحمر وحكى لهم قصة الجندى الشجاع "سيد زكريا"، الصليب الأحمر سلم متعلقات زكريا للجيش المصرى الذي احتفى بسيد ووضعها في المتحف الحربى، وهى عبارة عن محفظة مهترئة وجنيه وبعض القروش وكارنيه عسكري مجند وشهادة العسكري الإسرائيلى حول شجاعة المجند المصرى التي قدمتها الصحفية نشوى الحوفى في أحد البرامج التي تقدمها بعدما رأتها في المتحف وهى تجرى تحقيقا عن حال المتاحف في مصر. البعض يموت من أجل قضية يؤمن بها والبعض يعيش ليقامر بقضية كل همه فيها ثراء أو أو منصب أو شهرة، ما ذكرته نشوى الحوفى، أثارنى في التعليق على تلك الصفة التي يظل يرددها بعض الشباب اليوم ويلقبون أنفسهم بها كلما سألت أحدهم ماذا تعمل؟ فيرد: ناشط سياسي! قد يكون مقبولا أن أستمع إلى مصطلح ( ناشط حقوقى ) فجميعنا إن دافعنا عن قيمة أو مبدأ أو فكرة تسمو بحقوق البشر وتساهم في الحفاظ على مجتمع آمن متوازن عادل، بلاشك نمارس ذلك النشاط بجانب أعمالنا الحياتية الأخرى! قد يمتهنها البعض مثلى ومثل آخرين يعملون في مجال إثراء العمل الحقوقى بمنظمات كانت نتاج عمل مضن وسنوات من الكفاح لضمان كل ما سبق من مؤسسات أو جمعيات أو مجتمع مدنى، وقد يمارسها البعض تطوعيا كمنفذى الحملات المجتمعية لا للتحرش ولا للفساد ولا للعنف، أو كممارسى العمل الخيرى التطوعى كفاعلى الخير ومقدمى الصدقات وسفراء العطاء. لكن من الناشط السياسي ؟؟ السياسة في مجملها كما يعرفها خريجو كليات السياسة والاقتصاد هي الإجراءات والطرق المؤدية لاتخاذ قرارات من أجل المجموعات والمجتمعات البشرية وترتبط الكلمة بسياسات الدول وأمور الحكومات فإن كلمة سياسة قد تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة والتفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد بما فيها التجمعات الدينية والأكاديميات والمنظمات، وتعرف السياسة بكيفية توزع القوة والنفوذ بمجتمع ما أو نظام معين. اذن فمن الناشط السياسي ؟ هل هو أحد منفذى السياسات أم أحد المرشحين السياسيين أم أحد العاملين في الحقل السياسي ؟ هل هو عضو أحد الأحزاب ؟ وفيم يكون نشاطه من الأساس ؟ انتقاد سياسات أم مشاركة أم......؟ حارت بى الكلمات ! وما الهدف من نشاطه هل هو الدفاع عن مبدأ ؟ أم فرض رأى ؟ إذن فلينضم لحزب سياسي يدافع عن توجهات هذا المبدأ ليمارس العمل العام السياسي ويعرف نفسه بمثل عمله حينما واجهنا ثلاثين عاما من الفساد في ثورتين متتاليتين كنا ندافع عن حق ربما لم نستطع حتى اليوم الحصول على ما خرجنا لأجله ولكننا في الطريق سائرون، فما الذي فرقنا كنشطاء سياسيين وحقوقيين؟ كلنا حقوقيون ما دمنا ندافع عن فكرة أو مبدأ أو إقرار عدل أو تغيير منظومة فساد في أي مجال سياسي، اقتصادى أو اجتماعى ! على مستوى السياسات أو على مستوى التنمية، فلنتوقف عن تلك الصيغة التي لا تنتمى لأى شيء سوى أفعال الساسة من محاولات للشهرة، ولنمارس تلك الأفعال التي تجعلنا أسوياء ونشطاء في حب الوطن حقا وليس في حب أنفسنا ورغباتنا.