الصحة أوقفت القوافل الطبية منذ أكثر من عامين لأسباب مجهولة - 27 ألف مصرى يعيشون تحت ظلال الموت في حلايب وشلاتين «إلا حلايب وشلاتين».. الأرض ب»تتكلم مصري»، هكذا تعاملت حكومة الدكتور حازم الببلاوى «المستقيلة» مع أزمة «حلايب وشلاتين»، ملأت الدنيا ضجيجا، تحدثت عن مشروعات التنمية، الاقتصاد، الزراعة، لكنها تجاهلت - في وسط زفة التصريحات- «اليد» التي ستزرع، وستدير الماكينات، وتحصد، وتحيل اللون الأصفر الممل ل» أخضر مبهج».. تجاهلت - مع سبق الإصرار والترصد- 27 ألف مواطن مصرى يعيشون تحت ظلال الموت حيث المرض والإهمال والفقر والجوع، تجاهلتهم حكومتهم واهتمت فقط بالصراع على حبات الرمل التي ارتوت من عرقهم طوال سنوات طويلة مضت، شاء قدرهم العثر أن يولدوا في أقصى جنوب شرق مصر، حيث مثلث «حلايب وشلاتين». المستشفيات «خارج نطاق الخدمة».. الأطباء يرفعون شعار «فوت علينا بكرة».. فاضطروا أن يواجهوا بالطرق البدائية بعد أن فقدوا أبسط السبل حتى لتوصيفه نتيجة الإهمال المتعمد من المسئولين. «حلايب» التي تتبع محافظة البحر الأحمر يعيش أهلها فقط على القوافل الطبية بعد أن حرموا من المستشفيات لأسباب كثيرة، لكن حتى القوافل توقفت فجأة في أعقاب ثورة 25 يناير، وأرجع المسئولون ذلك إلى الفوضى الأمنية التي أعقبت أحداث الانفلات الأمنى حيث عجزت الصحة عن توفير الحماية لنقل معداتها وأدويتها من البحر الأحمر إلى مناطق الشلاتين –حسب وصف المسئولين - وذلك منذ شهر إبريل من عام 2012. كما اتخذت هيئات المحافظة من غياب الرقابة وما يشبه انهيار مؤسسات الدولة ذريعة لجريمتها، حتى انحسرت الخدمات الطبية وأصبح أهل الجنوب عزلا أمام الأمراض كافة، بداية من الإنفلونزا، مرورًا بالأمراض المزمنة ووصولًا إلى الأمراض الوبائية. الحكاية كما رصدتها «فيتو» كانت من مستشفى الحميات بالغردقة ومبانيها حيث تمتلئ بالأطنان من الأدوية والعقاقير لكافة الأمراض، والتي يمكن الإشارة فيها إلى أنه كان قد تم تحديدها مسبقا عبر تقارير علاجية رصدتها القوافل الطبية السابقة وأوصت بها، حيث أكد أحد المسئولين بالمستشفى – رفض ذكر اسمه - أن القصة بدأت في 2012 بعد أن توقفت جميع القوافل العلاجية التي كانت تنظمها وزارة الصحة بالمجان لأهالي منطقة حلايب وشلاتين بعد أحداث الانفلات الأمني، وظلت الأدوية حبيسة المخازن إلى يومنا هذا. وقال المسئول نفسه: بداية 2013 اكتشف المسئولون أن الأدوية المستخدمة في القوافل العلاجية التي تم وقفها لأسباب مجهولة غير تلك التي أكد فيها مسئولون أنه نتيجة للانفلات الأمني، قد انتهت صلاحيتها بسبب الإهمال ووقف هذه القوافل بدون أي سبب واضح. فيما أكد مصدر صيدلى تابع لوزارة الصحة بمستشفى «حميات الغردقة»، أنه عقب اكتشاف المستشفى لهذه الكارثة التي قدرت خسائرها بمبالغ ضخمة إلى جانب الأضرار التي لحقت بالمواطنين، شكلت لجنة من إدارة الصيدلة والتفتيش المالى بالبحر الأحمر قامت بجرد جميع الأدوية التي فاقت أكثر من 60 طنا من الأدوية المتراكمة لسنوات اكتشفت انتهاء صلاحية جميع الكميات الخاصة بالقوافل العلاجية بمدن جنوب البحر الأحمر حلايب والشلاتين. وأضاف المصدر أن اللجنة المشكلة من إدارة الصيدلة والتفتيش المالى قدمت مذكرة بذلك ضد الدكتور « حاتم ع « مدير إدارة التفتيش الصيدلى وقتها متهمة إياه بالإهمال. وأوضح أنه تم إبلاغ النيابة بذلك في مخالفة إدارية حملت رقم 19\2012 في القضية رقم 330 وقدرت الخسائر بمئات الآلاف. وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة أخرى من إدارة الصيدلة والتفتيش المالى بعد مذكرة قدمها الدكتور «حاتم» –مسئول التفتيش الصيدلى - لبيان صحة الخسائر، وكمية الأدوية التي تم إرجاعها وتم سؤال حينها الدكتور « أحمد ع « المسئول عن قوافل الجنوب وأكد أن تلك الأدوية تم إرجاع جزء منها وأنه يحاول إرجاع الجزء المتبقى. وتابع بقوله: بعد الاطلاع على القانون رقم 47 لسنة 78 بشأن نظام العاملين وعلى القانون رقم 43 وعلى التحقيق الذي أجرى مع الدكتور «حاتم ع « مدير التفتيش الصيدلى السابق المتورط في الإهمال تم تحميله مبلغ 60000 ألف جنيه فقط بعد تقديمه لمذكرة أكد فيها عدم صحة المبالغ التي قدرتها اللجنة. من جانب آخر أكد مصدر طبى أن الأدوية والعقاقير كانت عبارة عن:» بنتال، بخاخة صدر، قطرة عين ضد الحساسية، مراهم للجلد، بارستامول شراب وأقراص، مراهم للجلد، أقراص مسكنة، أقراص حساسية، وبعض الأدوية الخاصة بالكسور ولدغ الأفاعي، والأورام والمخ والأعصاب والأمراض الصدرية». وأضاف المصدر أن هذه الأدوية ما زالت موجودة بمخازن مستشفى الحميات بمدينة الغردقة في انتظار قرار النيابة التي لم تبت في الأمر حتى الآن. وعن الأسباب التي أدت إلى الإهمال الذي تسبب في انتهاء الصلاحية أكد – المصدر - أن سوء التنسيق كان مسئولا عن بعض وقائع انتهاء الصلاحية، والتي أدت إلى فقدان الكثير من الدواء وانتهاء الفاعلية الكاملة للدواء. أما الوضع على الأرض بشكل أوضح فإن أهالي حلايب والشلاتين يعانون من الإهمال الذي وصل إلى حد المأساة الحقيقية وهى أقل ما توصف به الحياة هناك من أهل الجنوب بمحافظة البحر الأحمر، حيث يعيش أكثر من 27 ألف نسمة بمثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد وحدربة والقرى والتجمعات البدوية التابعة لها بلا أي مقومات تصلح لحياة آدمية. وتفتقد هذه المناطق والقرى لأقل عنصر من عناصر الحياة وهى الخدمات الطبية بالرغم من انتشار الأمراض القاسية بسبب سوء الأحوال الجوية وطبيعة الصحراء. فيما أكد مسئول بمديرية الصحة بالمحافظة أن هناك نقصا كبيرا في الأطباء بمدن وقرى جنوب البحر الأحمر، مشيرا إلى أنه في مدينة الشلاتين وتحديدا بقرى أبو رماد يتواجد فيها طبيب واحد فقط، مشيرا إلى أن الوحدات الصحية في مرسي علم في قرى أبو غصون وبرانيس مغلقة تماما وخارج نطاق الخدمة.