تمر فى هذه الأيام، وتحديدا نهاية يناير الجارى الذكرى ال75 على ميلاد الكاتب الكبير "خيرى شلبى"، الذى رحل عن عالمنا منذ عامين، ولأنه كان يعلم مسبقا ظهور محاربى الإبداع قرر "طرشجى وحلوجى" الأدب الراحل "خيرى شلبى"، أن لا يهتم بسؤال الملائكة من حوله فهو يعلم جيدا حالنا، وما آل إليه الوضع فى ظل السيطرة الإخوانية وعداء الجماعة للفن والثقافة. ففى كتابه "صحبة العشاق.. رواد الكلمة والنغم" تحدث بعشق شديد عن الرواد فى كل المجالات الفنية والأدبية، الذين أبدعوا وكانت لهم إسهاماتهم العظيمة فى مجالاتهم، وأهم الأعمال التى اشتهروا بها، والألقاب التى أطلقت عليهم، من بينهم: "سيد درويش، فكرى أباظة، محمد عبد الوهاب، أمين الخولى، يوسف وهبى، أم كلثوم، رياض السنباطى، الكابتن لطيف، توفيق الحكيم، محمود حسن إسماعيل، زكريا الحجاوى، سيد مكاوى، فؤاد حداد". يقترب صاحب "وكالة عطية" أكثر وأكثر، حيث الأرض -اللى بتتكلم عربى- وصاحب نغماتها الشيخ "سيد مكاوى"، فالأخير كافأ كاتبنا بابتسامة عريضة، وهو يصفه "موهوب حتى النخاع، تنسب موهبته إلى عالم المشيخة قدر انتسابها إلى عالم المغنين المحترفين". ومن وتر العود عند "سيد مكاوى" إلى القلم من جديد، قلم الأديب صاحب الثقافة الطازجة "زكريا الحجاوى"، مبدع زمانه وباعث روح الفنون الشعبية ليفتح عيون المثقفين على "الغناء، والمواويل، والرقص، والأراجوز، والأساطير، والأفراح". أتى بهم جميعا "رواد الفن والكلمة"، ليرصد إنجازاتهم ويرسم لنا طباعهم وملامح الإبداع فى وجوههم، فهذا جبهته عريضة تقدس ما يدور فى عقل مبدعها والآخر ذو جبهة عالية شامخة كصاحبها تماما، ووجه إضافى مكور لمبدع جديد، وأنف كفيونكة الشعر لموسيقى عبقرى جدد وابتكر ليمتعنا حتى هذه اللحظة. فى هذه الدراسات الشخصية الرائعة، يتحفنا ملك التفاصيل والوصف الهادئ ببطل البداية "سيد درويش" صاحب الزاد الغنائى وشمس ثورة الوجدان، فكان دوره أكبر، وصوته عوامل مساعدة تدفع المواطن صاحب الحق ليحمل سلاحا ويدافع عن أرضه ويحمى عرضه. لم يحرمنا "خيرى شلبى" متعة التعرف إلى "حكواتى من علية القوم" وهو كاتبنا الكبير "فكرى أباظة"، الذى يقول عنه: فى الراديو كان أكبر حكاء تعلقت به فى حياتى، ولازلت حتى الآن، وهو يحكى بطريقة متفردة وخاصة، كأنما كان ذلك من تدبير قدر حضارى النزعة محكم الرؤية الفنية. ينتقل بنا أديبنا الراحل إلى شخصية يصفها ب"النرجسية الجميلة" إنه يقصد الذكى صديق الحظ، موسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" الذى كتب عنه: "الحظ قد حالفه طوال حياته ولعب دورا كبيرا فى تكبير حجمه فى زمن قياسى". ومن "عبد الوهاب" إلى مهرجان الظرف للمعلق الشهير البارع فى نقل المباراة ببراعة وحيوية تفوق حيوية اللاعبين، فيغلى الحماس الساخن فى أعصاب المشاهدين، وتتحول المباراة فى وجدانهم إلى شيء شديد المهابة ويشهد "خيرى شلبى" بأن نشر الوعى الكروى فى بلادنا من أقصاها إلى أقصاها يعود إلى أظرف ظرفاء عصرنا بلا منازع الكابتن "لطيف". وفى جنون فتاة إعلانات رشيقة ينقلنا "خيرى شلبى" من الفكاهة المولودة على لسان كابتن لطيف إلى رهبة المسرح المصرى التى نشأت على يد العبقرى "يوسف وهبى" الذى كتب عنه: "ظل فى نظرى صرحا كبيرا هائلا، لعل التمثيل أحد أمنياته". وبعنوان "توفيق الحكيم: الفيلسوف والحمار" يسرد لنا الراحل -صاحب وكالة عطية- صفحات عن حمار قدمه توفيق الحكيم فيلسوفا عميق الرأى، نافذ البصيرة، جعله يقول الحكم والأمثال، والمواعظ التى يرتدع من سلامة معانيها البشر، ويدلى برأيه فى القضايا السياسية والبرلمانية.