يحتدم الجدل داخل الأوساط السياسية والمجتمعية البريطانية منذ عامين حول ما إذا كانت بريطانيا سوف تتحول بشكل كامل إلى نظام الطاقة النظيفة والمتجددة، والتي تعتمد بالأساس على الرياح والشمس والأمواج، أم سوف تستمر على مسار استخدام الوقود الأحفوري مع سياسة خفض الانبعاثات الحرارية التي تنتهجها الحكومة منذ إقرار قانون التغير المناخي في عام 2008. ويكتسب هذا الجدل زخمًا كبيرًا في الوقت الراهن نظرًا إلى تصويت المجلس الأعلى في البرلمان البريطاني "مجلس اللوردات" يوم 28 أكتوبر الجاري على مشروع قانون يقضي بتضمين برامج الطاقة النظيفة في إطار ميزانية الدولة الخاصة بالطاقة. ويؤيد هذا المشروع لجنة مستشاري الحكومة البريطانية لشئون المناخ، وهي عبارة عن هيئة خبراء مستقلين تعمل بموجب قانون التغير المناخي لعام 2008، إذ تقترح اللجنة تحديد هدف إزالة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 باعتباره أمرا ضروريا من أجل تحقيق الأهداف المناخية بطريقة أكثر فاعلية، لأنه بدون تغيير نظام الطاقة لا يمكن وقف التغير والفوضى المناخية. واستباقًا لهذا التصويت المنتظر، صرح وزير الطاقة والتغير المناخي، إدوارد ديفي، أول من أمس الجمعة، بأن "تمويل برامج الطاقة النظيفة مثل السيارات الكهربائية والكهرباء منخفضة الكربون سوف تساعد الحكومة في تحقيق أهدافها في مجال التغير المناخي، وان بريطانيا تسير على وتيرة مناسبة لخفض الانبعاثات الحرارية بنسبة 34% بحلول عام 2020 بسبب الإصلاحات التي اتخذت نحو تحقيق اقتصاد يعتمد على الطاقة النظيفة". وأشار الوزير البريطاني في بيان له إلى أن "القطاع الخاص استثمر 85.8 مليار دولار في البنية التحتية للطاقة منخفضة الكربون منذ عام 2010، وأن ثمة حاجة لاستثمار 117 مليارًا أضافية حتى عام 2020". وقال: "حققنا بالفعل رقمًا قياسيًا في استثمارات قطاع الطاقة النظيفة، وتلتزم الحكومة بالعمل على جذب المزيد من الاستثمارات في مجال توليد الكهرباء منخفضة الكربون، وسيتم تخصيص حزمة متكاملة تقدر بنحو 850 مليون دولار لدعم تكنولوجيا المركبات الفائقة التي تحد من انبعاثات الكربون". وكان ديفي أعلن الشهر الماضي أن الحكومة سوف تنفق 30 مليون دولار على الأقل بغرض تحفيز من يقومون بتطوير مشروع برنامج طاقة الرياح في ثلاث جزر إسكتلندية هي شيتلاند وأوركني والجزر الغربية. من جانبهم، يحشد أنصار وحماة البيئة ودعاة الطاقة النظيفة من أجل تمرير القانون، وخاصة ما يتعلق بإقرار إزالة الكربون بحلول عام 2030، ويرون أن من شأن ذلك دفع مسار الطاقة النظيفة إلى الأمام. ووفقا لأحد مسئولي جمعية أصدقاء الأرض في بريطانيا، أوليفر هاييس، فإنه منذ رفض المجلس الأدنى "مجلس العموم" في يونيو الماضي للمشروع المقترح في أعقاب حملة قام بها أنصار البيئة، تم العمل على تكوين تحالف من جمعيات حماية البيئة في كافة أنحاء بريطانيا وبين كل من عدد من البرلمانيين واتحادات التجارة وجماعات دينية ومزارعين ومستثمرين وأرباب صناعات وجمعيات وحملات خيرية، من أجل الضغط السياسي لتمرير هذا المشروع. كما أن عددًا كبيرًا من النواب من مختلف الأحزاب السياسية يؤيدون هذا الهدف الذي تعارضه الحكومة، ويقول "هاييس" إنه رغم عدم تمرير المشروع بمجلس العموم، إلا أن الفارق كان 11 صوتًا فقط، وهو ما يبعث على الأمل في أن يمر هذه بمجلس اللوردات. ويعتبر هذا المقترح سياسيا موضع صفقات كبرى داخل الحكومة والبرلمان البريطاني، وتسعى حكومة "ديفيد كاميرون" إلى محاولة عرقلة هذا المقترح من خلال اعتماد اقتراح يقضي بإعفاء مصانع الفحم القائمة من معايير التلوث الجديدة وتطبيقها على المصانع الجديدة، إلى جوار التدرج في انتهاج هدف إزالة الكربون. ويقضي قانون التغير المناخي الذي حدد خفض انبعاثات الغازات الدفينة بنسبة 80% بحلول عام 2050 مقارنة يمستويات عام 1990، ويضغط حزب المحافظين برئاسة "كاميرون" على شريكه في الائتلاف الحكومي حزب الليبراليين الديمقراطيين من أجل عدم تمرير هذا المشروع الذي سيجبر الحكومة على اعتماد برامج للطاقة النظيفة ضمن ميزانية الطاقة البريطانية. ويعتقد أنصار البيئة أنه لولا الصفقات السياسية لكان تم إقرار المشروع في مجلس العموم في يونيو الماضي، وتقوم سياسة حزب الليبراليين الديمقراطيين على تحقيق هدف الطاقة النظيفة، لكن وزراء الحزب داخل الحكومة طلبوا من أعضاء الحزب في المجلس عدم التصويت، لكن على الرغم من ذلك صوت نصف أعضاء الحزب على مشروع القانون.