\r\n ومن غير المحتمل أن تحدث عملية خفض جوهري للانبعاثات من خلال العمل التطوعي وحده. فالتدابير التي يتضمنها مشروع القانون من خلال فرض مخطط تقديم الحوافز لتقليص الانبعاثات من شأنها ان تؤدي الى تخفيض 70% من الانبعاثات بحلول عام 2050. وهذا التخفيض سيكون قائما على أساس نظام حوافز سوق الكربون التي تتحرك ضمن منظومة اجراءات عالمية. \r\n وعلى مدى السنوات القليلة الماضية تغير النقاش حول التغييرات المناخية بشكل شامل. فحالة الاتفاق من وجهة النظر العلمية على أن النشاط البشري قد تسبب في الاحتباس الحراري أصبح مفهوما شائعا وتأثيرات التغيرات المناخية مروعة كما تبين من تقرير السير نيكولاس ستيرن الذي قام بأول دراسة صادرة عن سلطات مختصة حول اقتصاديات التغير المناخي وذلك بتكليف من الحكومة البريطانية عام 2006. والحقيقة فالتقنيات البيئية الجديدة أصبحت تمثل صناعة تجذب مليارات الدولارات. وخلال العام الماضي تم استثمار 148 مليار دولار في تقنيات وشركات ومشاريع للطاقة النظيفة بزيادة 60% عن عام 2006. \r\n وفي أنحاء العالم هناك جهود مبذولة لتطوير تقنيات مثيرة وتغيير للسلوكيات ومطالبة باتخاذ اجراءات عملية حتى تكون المسؤولية عن البيئة متسقة مع ضروريات النمو الاقتصادي. \r\n وفي الوقت نفسه يتزامن التخوف من امن الطاقة مع الجدال حول التغيرات المناخية. ومع تجاوز أسعار النفط 130 دولارا للبرميل. وهناك اسباب تدعو للعمل بصرف النظر عن القلق المتعلق بالغلاف الجوي. فالحد من الإعتماد على الكربون يمثل لب احتياجاتنا الأمنية المستقبلية. وكان اعتقادي منذ فترة طويلة أن سياسة الطاقة ليست سوى طريق صغير خلف الدفاع من ناحية الأهمية الاستراتيجية في حياتنا. \r\n والعالم من حولنا يشهد الكثير. فأوروبا قدمت نظام مبادلة الانبعاثات حيث بات أكثر من نصف الانبعاثات اليوم قابلا للتداول على الرغم من المتاعب المبكرة المتوقعة جراء أي اطار سياسة جديدة. وهذا النظام يبعث اشارة واضحة الى الشركات في جميع أنحاء القارة تعتمد على مقاييس واضحة على أساس السوق. وفي هذا الإطار، أعلنت اليابان أنها على استعداد للقبول بهدف ملزم فيما يتعلق بانبعاثات الغاز في الجو. أما الصين فقد وضعت بالفعل أهدافاً جديدة تتعلق بكثافة استخدام الطاقة، كما ستكشف الهند النقاب عن أول خطة قومية للعمل في مجال التغير المناخي خلال أسابيع قليلة قادمة. \r\n يضاف إلى ذلك، أن مجموعة الدول الثماني الكبرى سوف تعطي سياسة تخفيض نسبة الانبعاثات الغازية أولوية متقدمة على جدول أعمالها خلال الاجتماع الذي تعقده في شهر يوليو القادم. في نفس الوقت يخطط الرئيس جورج بوش لعقد اجتماع قمة بشأن اقتصادات الطاقة. \r\n الشيء الواضح هو أن العديد من الدول والشركات قد بدأت تدرك أن المبادرة بالعمل من أجل تخفيض نسبة الانبعاثات الغازية، التي تعطل نمو اقتصادها، يمكن أن تزيد من إنتاجيتها وتمنحها ميزة تنافسية إضافية. وهذا التقدم لا يقتصر على الدول الخارجية بل يمتد إلى الداخل الأميركي ذاته حيث تقوم الكثير من حكومات الولايات في الوقت الراهن بإعداد خطط عمل للتغير المناخي، كما تعمل الكثير من مدنها أيضاً في نفس هذا الاتجاه. \r\n وهناك على الرغم من كل ذلك حقيقة سياسية تهيمن على كل التقدم الذي تحقق في هذا المجال، وهي أنه لن يكون ثمة عمل ذو شأن بصدد التغير المناخي، ما لم يتم التوصل إلى توافق عالمي. وكي تتحقق هذه الصفقة يستلزم الأمر من الولاياتالمتحدة أن تقود الطريق كي نتأكد نحن جميعاً من أن لدينا اتفاقية فعالة تلتزم بها جميع الأطراف بما فيها الولاياتالمتحدة وكذلك الصين والهند. \r\n إن العلم يؤكد أن العالم يجب أن ينتقل إلى الاقتصادات المنخفضة الكربون، ولاشك أن أميركا هي الدولة الأكثر قدرة على استخدام تقنيتها المتقدمة وروح المبادرات التجارية المميزة لها لقيادة هذا التوجه، ودفعه قدماً للأمام. وهذا تحديداً هو السبب في أهمية التشريع الذي اقترحه كل من السيناتور \"باربرا بوكس\" والسيناتور \"جو ليبرمان\" والسيناتور \"جون وارنر\"، والذي ينص على أن أميركا سوف تعمل لصالح المناخ، وهو ما سيتيح لها الفرصة كي تقول للآخرين: يجب عليكم أيضاً أن تعملوا كذلك. \r\n أما منظومة الأممالمتحدة فقد قدمت الصيغة التالية: يجب أن تكون هناك التزامات مشتركة وإن كانت متفاوتة للدول النامية والمتقدمة. إن هذا في حد ذاته يمثل طموحاً عظيماً، لكن ما الذي يعنيه هذا الطموح؟ \r\n إجابة هذا السؤال تمثل جوهر المشروع الذي أطلقته مؤخراً والمسمى مشروع \"مبادرة كسر الجمود المناخي\" الذي يهدف إلى الترويج لاتفاقية جديدة عن التغير المناخي، والذي سيقدم تقريره الأول في نهاية شهر يونيو القادم. \r\n ومثل تلك الصفقة الدولية غير ممكنة بدون التزام أميركي، وهو ما يدفعني للقول إن اللحظة الحالية هي اللحظة المناسبة التي يتعين على الولاياتالمتحدة أن تعمل فيها على إظهار قدراتها الفعالة على القيادة. فإذا ما التزمت بنسبة تخفيض الانبعاثات الغازية البالغة 50% من الانبعاثات الحالية، بحلول منتصف القرن، وأيضاً بالتشريع الذي يفوض بالعمل في هذا الإطار، فإنها ستحول بلا شك شكل التوقعات المتعلقة بتحقيق تغير جذري، وهو ما سيسمح لها بصياغة شكل الحوار. والأهم من ذلك أي شكل للحل أيضاً. وكلي أمل أن يتحقق ذلك. \r\n \r\n توني بلير \r\n رئيس وزراء بريطانيا السابق \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص بالوطن