وفقا للجنرال إسحق حوفي فإن دايان كان قد أصيب بالصدمة من قوة الهجوم السوري في هضبة الجولان وأنه في اليوم الثاني للحرب أي في 7 أكتوبر تصرف بطريقة دلت على شبه يأس وتفكير جدى في الانسحاب من الجولان وبناء خط دفاعى على حدود خط الهدنة في ست ساعات.. حققنا الانتصار.. لم يكن معجزة ولكنه كان تصحيحا لمسار كان ضد منطق التاريخ والواقع نفسه... قررت مصر الثأر لهزيمة كانت حدثا مؤقتا لايعبر عن الجندي المصري ولا صلابة الإرادة... بدأتها منذ حرب الاستنزاف وكبدت العدو الصهيوني خسائرا مؤلمة. ومنذ قررت مصر الثأر.. قررت معه أن يري العالم حجم مصر الحقيقي.. الحضارة والمعدن النادر لرجالها.. كانت مقومات الحرب ومعطياته وإمكانيات الأسلحة وقطع الغيار وقراءة خريطة التحالفات الدولية ليست في صالح قرار العبور أو اتخاذ أي عمل عسكري في سيناء.. وكان رهان القادة العسكرية على الجندي المصري الذي تم إعداده إعدادا جيدا وجديدا. كانت خطة الخداع الإستراتيجي التي شاركت فيها كافة قطاعات الدولة هي كلمة السر التي مازالت حتي الآن وبشهادة أجهزة المخابرات العالمية.. كل تفاصيل الحرب كانت تؤكد أننا أمام حدث استثنائي جديد يغير خريطة الشرق الأوسط.. ويعيد الأمور إلى نصابها، بطولات كثيرة مازال التاريخ يحتفظ بها عن بطولات المصريين، ولكننا فضلنا أن نوثق انتصار أكتوبر بعيون الإسرائيليين. أربعون عاما تمر على انتصار حرب السادس من أكتوبر المجيدة، لتتكشف حقائق جديدة عن الحرب بعيون القادة الإسرائيليين أنفسهم وليعترفوا هم بمرارة هزيمتهم. فمنذ أن شكلت الحكومة الإسرائيليه لجنة "اجرانات" للكشف عن سبب الهزيمة وذلك في 21 نوفمبر 1973 للتحقيق في القصور الذي تصرف به الجيش الإسرائيلي خلال الحرب وهناك الكثير من المعلومات يتكشف كل عام. وكلما مرت السنوات يشعر الإسرائيليون بمرارة الهزيمة التي لحقت بهم.. وتخرج الوثائق والأسرار التي تؤكد حجم مرارتها "بعيونهم، الوثائق التي خرجت مؤخرا من هيئة الأركان والحكومة الإسرائيلية توضح حجم الهزيمة التي تعرض لها الكيان الصهيوني. الجنرال إسحق حوفي قائد اللواء الشمالي السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي أصدر مذكراته عن الحرب وكشف عن توصل وزير الحرب وقتها موشيه دايان تحت ضغط مفاجأة الضربة العربية إلى خيار الهرب والفرار من هضبة الجولان السورية في ثاني أيام الحرب قبل أن يستعيد الزمام ويأمر بضرب دمشق. وجاء في المذكرات أن دايان الذي وصل إلى قيادة الجبهة في وقت مبكر من صباح يوم الأحد، السابع من أكتوبر، أبلغ الجنرال إسحق حوفي أنه يعتزم الانسحاب من هضبة الجولان. ووفقا للجنرال إسحق حوفي فإن دايان كان قد أصيب بالصدمة من قوة الهجوم السوري في هضبة الجولان وأنه في اليوم الثاني للحرب أي في 7 أكتوبر تصرف بطريقة دلت على شبه يأس وتفكير جدى في الانسحاب من الجولان وبناء خط دفاعى على حدود خط الهدنة. الصحفي الإسرائيلى "إيلان كفير "نشر كتابا بعنوان:" إخوتي أبطال المجد" كشف فيه أسرارا مثيرة عن الجبهة الإسرائيلية أبرزها قيام كتيبة دبابات إسرائيلية بفتح النيران عن قرب على مجموعة من الجنود الإسرائيليين وقتل بعضهم وجرح الآخرين بدم بارد كما قال أحد الناجين لمجرد اعتقاد جنود الكتيبة بأن الجنود المقابلين لهم هم جنود فروا من الجيش المصري. مدير المخابرات الحربية الإسرائيلية في حرب أكتوبر "إيلي زعيرا"- الذي يصفونه في إسرائيل بأنه مهندس الهزيمة- وأنه السبب الرئيسي فيما لحق بالجيش الإسرائيلي من هزيمة، نشر كتابا يحمل اسم "حرب أكتوبر الأسطورة أمام الواقع"، اعترف فيه بأن المخابرات المصرية دست معلومات مضللة على جولدا مائير مشيرا إلى أن السبب الرئيسي في الهزيمة هو وصول معلومات تم نقلها مباشرة إلى رئيسة الوزراء وبدون تحليل من الموساد على أساس أنها موثوق بها وكانت هذه المعلومات هي السبب الأساسي وراء التقديرات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية. وأضاف زعيرا أيضا في كتابه أن تلك المعلومات المضللة هي من تخطيط المخابرات المصرية وأنها كانت جزءا من خطة الخداع والتمويه المصرية التي تم تنفيذها استعدادا للمعركة. وتتوالى الاعترافات حيث كشف كتاب إسرائيلى آخر بعنوان حرب يوم الغفران اللحظة الحقيقية" لمؤلفيه رونين برجمان وجيل مالتسر عن وثائق سرية من بروتوكولات هيئة الأركان العامة والحكومة الإسرائيلية اتضح خلالها الاستهتار الإسرائيلي بالقوة العربية. وتظهر الوثائق التي تنشر لأول مرة أنه كان واضحا لقادة إسرائيل السياسيين والأمنيين أن هناك احتمالات كبيرة لاندلاع حرب إلا أنهم لم يروا أنه يتوجب عليهم فعل شيء ما من أجل منعها مشيرة إلى أن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أصدرت في 17 إبريل 1973 تقريرا جديدا تضمن الخطط السورية لشن الحرب على إسرائيل تحت عنوان "هيئة الأركان العامة السورية تجري تدريبا بين قياداتها"، موضوعه المركزي احتلال هضبة الجولان. أما موشيه دايان وزير الحرب الإسرائيلى خلال حرب أكتوبر، قال في تصريح في ديسمبر 1973:" إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل وإن ماحدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون وأظهر لنا مالم نكن نراه قبلها وأدى كل ذلك إلى تغيير عقلية القادة الإسرائيليين.. إن الحرب قد أظهرت أننا لسنا أقوي من المصريين وأن هالة التفوق والمبدأ السياسي والعسكري القائل بأن إسرائيل أقوي من العرب وأن الهزيمة ستلحق بهم إذا اجترأوا على بدء الحرب هذا المبدأ لم يثبت، لقد كانت لي نظرية هي أن إقامة الجسور ستستغرق منهم طوال الليل وأننا نستطيع منع هذا بمدرعاتنا، ولكن تبين لنا أن منعهم ليس مسألة سهلة وقد كلفنا جهدنا لإرسال الدبابات إلى جبهة القتال ثمنا غاليا جدا فنحن لم نتوقع ذلك مطلقا. وفي كتاب لها بعنوان حياتى، قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل خلال حرب أكتوبر: إن المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء وتوغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين، وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف السيئ أم لا ، الكتابة عن حرب يوم الغفران لا يجب أن تكون كتقرير عسكري بل ككارثة قريبة أو كابوس مروع قاسيت منه أنا نفسي وسوف يلازمنى مدى الحياة. وفي مذكراته عن حرب أكتوبر قال حاييم هيرتزوج الرئيس الإسرائيلي الأسبق:"لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماما حتي بدأ العالم الخارجي يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم. أكتوبر الذي يعطر ذاكرتنا بالانتصار والكرامة هو نفسه أكتوبر الذي يجب أن يجعلنا نصرخ بأعلي صوت "خلّي السلاح صاحي"..