أعتذر عزيزي القارئ عما قد يسببه لك عنوان المقال من الإحساس بالقرف والاشمئزاز، ولكني في حقيقة الأمر أعلم أنك أصلًا في حالة دائمة من القرف والاشمئزاز منذ فترة ليست بالوجيزة، لذا فما يضيرك أو يضيرني من إضافة جزء يسير من القرف لحياتك، وطالما الأمر كذلك ففرصة إني أوضح لك أيضًا أن مصر لا تُرَجِّع فقط وإنما تُرَجِع علينا نحن أبناؤها. نحن الذين تركناها سنين طوال تعاني من مختلف الأمراض الفكرية والاجتماعية والنفسية والسياسية، نحن الذين تركناها في أيدي الأطباء الفاسدين المفسدين الجهلاء، نحن الذين تركناها تتجرع من أدويتهم الفاسدة العفنة المسمومة والتي أنكهتها وأمرضتها، نحن الذين استبدلنا الأطباء الفاسدين بالدجالين والمشعوذين باسم الدين الذين أرادوا علاجها ببول الإبل. أنندهش بعد كل هذا أن تتقيأ مصر، لا، لابد لمصر أن تتقيأ كل هذا الفساد، لابد لها أن تتقيأ هذا الجهل والتخلف والعِمالة، لابد لمصر ذلك حتى تتعافى، ولابد لنا نحن أن نحتمل ونصبر حتى لو أصابنا القرف كما صبرت واحتملت هي، أعلم أننا قد طردنا الأطباء الفاسدين ومن بعدهم طردنا الدجالين المشعوذين، ولكن ألا ترونهم مازالوا متربصين للشماته، ألا إن الغل والحقد والكِبر ليأكلهم خوفًا من شفائها وضياع "طريقتهم المُثلى"، لا بأس، سنحتمِل قرف ما لم تلفظه مصر حتى الآن من متاجرين بالدماء ومتاجرين بالدين ومتاجرين بالثورة والشهداء. سنحتمل قرف ما لم تلفظه من إعلام مُضَلِل وكاذب ومن إعلام متخلف وجاهل، سنتحمل قرف ما لم تلفظه من أصحاب مصالح وخونة وعملاء، سنتحمل قرف ما لم تلفظه من جهله ومتخلفين وأغبياء، سنتحمل قرف ما لم تلفظه مصر وما لفظته حتى تتعافى، أرجو عزيزي القارئ ألا أكون قرفتك بالزيادة فكل ما كنت أرجوه أن أفسر لك سبب القرف الذي نعيشه جميعًا، إنه الضريبة التي يجب علينا جميعًا سدادها لتتعافى مصر بعد ما ترَجّع.