كل واحد يلبس ما يحب، فى سياق الموروث العام للمجتمع من ذوق واحترام، وجنون أحيانا بسبب عدوى التأثر بالموضات العالمية.. كل واحد يلبس ما يحب متفقا مع ذوقه هو ومع ما يرضاه الناس ويتقبلونه، وهذا التوفيق بين الرغبة الشخصية والرغبة الجماعية هو محك القبول والرفض، بل الإدانة بل التهكم.. نحن البشر نلبس ما نحب وعيوننا تتطلع إلى ما يلبسه الآخرون، من ملابس وأحذية وأغطية رأس، وبقدر طغيان الدعاية ترانا نتراجع ونخلي أجزاء من تقاليدنا الهشة لتقليد ما طرأ علينا. غالبا يقع هذا في المدن ونادرا ما يقع في الريف، لا في ريف بحرى ولا في ريف قبلي، حيث التمسك بالموروث في الملبس موضع احترام وعصا العيب جاهزة للردع والزجر والنهى.. ضجة خائبة لا مبرر لها بسبب تعليق خائب لبنت الدكتور فرج فودة رحمه الله، تستنكر ظهور مواطن مصرى وزوجته بالجلاليب في زيارة المتحف المصرى الكبير.. ذهب الرجل وحرمه فرحين ليشاهدا ما شاهده العالم وتآثرا بالرهبة والبهجة والعظمة، نقلتها الشاشات والدعاية المكثفة، فتحرك الرجل وحرمه من بيته وانتقلا ليكونا جزءا من نهر الفرحة العارم في بر مصر كلها فما العيب في أنه دخل جلبابه وحزم امره وزار أجداده ؟ لا عيب علي الإطلاق.. إنما العيب في أن البعض يمارس رذيلة التنمر ويود لو يصنع لنفسه حضورا، استنكرت الفتاة كاتبة التعليق أن يكون الرجل بشكله هذا وملبسه وملبس زوجته ممثلين لنا..
البدلة زي غربي، البلوفرات غربي، البنطلونات غربي، الفساتين غربي، الجيبات غربي، الكرافتات غربي.. الأصلي عندنا هو الزي الفرعوني، لكن ذاك زمن مضى واندثر ذوقه ومعه ما كان الناس يرتدونه، وهو رائع وجميل بألوانه التى لم تمت ولم تشحب حتي الان.. وهذا عجيب. ومع الزمن، والغزوات، وفتح مصر، والاحتلال الإنجليزي تبدلت الأزياء، وتغيرت وتنوعت، وصار للريف جلبابه للرجل وللمرأة، الملس والعباية، والجلابية الشرقاوي.. وفي المدن حيث الافنديات ظهرت البدلة تقليدا للغرب.. الجلباب الأزرق للفلاح المصرى احتل صفحات كاملة في حوار ممتع رائع في رواية عودة الروح للكاتب الكبير العملاق حقا توفيق الحكيم، كتبها عام 1933، وطبعت عشرات الطبعات وترجمت عالميا عشرات المرات.. عمل يؤصّل للعراقة.. فيها يصف الرجل الأوربي الجلباب الأزرق بأنه لون السماء التى يتطلع اليها الفلاح وهو يزرع ويروي وينتظر ثمرات أرضه.. الجلباب لباس أهلنا في معظم بلادنا وحتي في القاهرة والمدن الكبرى، ومن الصعب أن تجد تجانسا واحدا في الألوان وفي التفصيلات، لكنه جلباب، وهو موضع احترام.. ربما أساء إليه ما طرًا علينا من جلباب الأفغان الذي يرتبط عندنا بالتخلف والجهل الاخواني.. تماما كما اللحى الكريهة لهم، وسبحان الله يا أخي نرى ذقونا ولحى لطيفة غير منفرة لمشايخنا العلماء فلا تعافها نفوسنا، ونرى لحيات للغابرين فنراها ذيول حيات تسعى! قوة أي مجتمع في التنوع والتسامح إزاء ما يلبسه الناس، وأذكر أني شاهدت يوما بعين الاستغراب ما ارتداه مواطن هندي من السيخ في مترو ما بين ولاية فرجينيا حيث أعيش كنت، وبين وجهتي إلي واشنطن العاصمة، حيث عملت في صوت أمريكا مذيعا ومترجما.. كان لباس رأسه غريبا مثيرا، لم يلتفت إليه أحد.. سوي أنا الذي رحت اتفرسه حتى أشاح بوجهه عن وجهي المتطفل.. موقف حدث ونرجو ألا يتكرر! كانت الدنيا ظلاما وكانت مصر النور التنوع في الفكر واللبس والعقل لا يتنافى مع التجانس، طالما أن الهوية الشعورية واحدة متجذرة، تبرز وقت الخطر والتهديد، ولحظتها نتجرد من كل لباس لنتطهر بلباس الجندية ونفزع للذود عن العرض والأرض.. الجلباب البلدي، في الريف وفي الصعيد وفي المدن هوية وعراقة.. من ينس أصله هو هباء منثور.. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا