أشعر بمخطط خبيث ممنهج ومستمر منذ سنوات، ليس غايته تقييم الأحداث التاريخية والدينية والقادة والرموز لمصر والعرب والمسلمين، بل التهديم الكامل لكل رمز، سواء كان بطلًا في الحرب أو زعيمًا في البناء أو مفكرا أوأديبا أوفنانا ومبدعا.. الخ، وكأن الرسالة الخفية هي: لم ينتصر المصريون قط، ولم يكن لزعمائهم أي فضل، ولا يوجد مايستحق ان يكون رمزا أو قدوة، فلتذهب الكرامة الوطنية إلى أدراج الرياح.. والهدف واضح تجريف الذاكرة الوطنية من مرتكزاتها التى تميزها عما حولها، لتكون كالنبت الشيطانى، للتساوى مع من حولها من كيانات عن طريق افتراس التاريخ بالذاكرة الانتقائية!
نعم التاريخ المصري مثل تاريخ الأمم الحضارية نسيجا معقدًا من الأمجاد والإنتكاسات، من شخصيات تحمل في طياتها الخير والشر، الإنجاز والفشل، لكن ما نشهده اليوم يتجاوز حدود النقد التاريخي الموضوعي إلى ما يشبه الاغتيال المعنوي للذاكرة الوطنية، عبر استهداف الأركان الأساسية التي يقوم عليها وعي الشعب بذاته. منذ أيام بدأ المسلسل مع بدء إحتفالنا بأكبر نصر مصري وعربى على اسرائيل، انتصار أكتوبر 1973، الذى يكاد يكون الانتصار الوحيد على إسرائيل.. وبدلا من الاحتفال بالنصر لتتخذه الأجيال الجديدة درسا على القدرة والتحدي، يحاولون تصويره كهزيمة وينقلبون على قائده أنور السادات عبر الانتقاص من أعظم إنجازاته.. وبطريقة لا تقل خبثًا عن هجومهم على الزعيم جمال عبد الناصر. يحاولون تحويل النصر إلي هزيمة، وما حدث فى المعركة بأنه استسلام من أول لحظة، بل ووصل الأمر لتحويله لانتصار لاسرائيل متبنين وجهة النظر الصهيونية التى تقلب كل شئ إلى عكسه! يتغافلون عن أمور صارت بعد مرور السنين حقائق مثل إذا كانت إسرائيل هي من إنتصرت فلماذا قبلت بمعاهدة سلام التى استردت مصر بموجبها كامل سيناء؟! وسؤال آخر يدور في ذهني منذ سنوات رغم إنني من معارضي كامب ديفيد، ومن المؤمنين بحتمية رحيل الصهاينة عن كامل فلسطين إلى البلاد التى جاءوا منها، لكننى أقول لو لم يحصل السادات على سيناء هل كانت عادت لنا بأي حرب؟ وقبل الاجابة انظروا إلى الجولان والضفة الغربية! المهم إن الهجوم على السادات يتخذ صورا كثيرة بذريعة قراراته السياسية اللاحقة، خاصة الانفتاح أو معاهدة السلام مع إسرائيل.. وهنا أقول هذا خلط للأوراق مع سبق الإصرار والترصد، ومحاولة استخدام نقد السياسة الاقتصادية أو التحولات الإستراتيجية كأداة لتقزيم الانتصار العسكري نفسه.. ويتم ذلك رغم ما نراه الآن بتهافت الجميع إلى قطار التطبيع مع العدو! ومثلما يحدث مع السادات حدث قبله وبشكل ممنهج وبأجندة خفية لاستهداف الزعيم جمال عبد الناصر رغم رحيله منذ 55 عاما، والهدف تارة بتحويل هزيمة 5 يونيو 1967إلى إعدام تاريخي أو النيل من انجازاته الأخري.. نعم، كانت هزيمة 67 نكسة مدمرة، وهي نقطة سوداء لا يمكن تجاوزها دون نقد قاسٍ وعميق لأخطاء القيادة العسكرية والسياسية حينذاك، لكن الخطورة تكمن في أن هذا النقد يتحول إلى إهالة التراب وإهانة لذكراه، بهدف مسح كل ما سبق وتلاها، حتى نصر اكتوبر كما ذكرت ! وتتوالى الأسئلة: هل يجوز لخطاب انتقادي يبدو وطنيًا أن يمحو بضربة واحدة كل من تأميم قناة السويس، وبناء السد العالي، وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية، وقيادة حركة التحرر في العالم الثالث؟ بإختصار تحويل جمال عبد الناصر إلى مجرد مهزوم فى 67 فيه إجحاف وظلم، لآن الحرب ذاتها كانت عملية مقصودة لتقويض أسس الدولة الحديثة التي أراد بناءها ووقف مشروع نهضتها التى لو استمرت لكنا أحد النمور في العالم، هذا ليس نقدًا صادقًا لناصر.. مثلما يتم استهداف السادات بتفكيك انتصار أكتوبر المجيد. نعم ليست هناك قداسة للتاريخ وصناعه، وواجبنا كوطنيين ليس التمجيد الأعمى، بل النقد البنّاء والتقييم المتكامل، ويجب أن نتمتع بالشجاعة الفكرية لتقدير إنجاز ناصر في التأميم، وفي الوقت ذاته محاسبته على قمع الحريات بدرجة ما، يجب أن نحتفي بنصر السادات في أكتوبر، وننقده بحزم على أي خلل في سياسات الانفتاح. إن تاريخنا هو نسيج واحد لا يمكن تقطيعه، الذي تسبب في نكسة 67 هو ذاته الذي قاد بناء السد، والذي قرر العبور في 73 هو ذاته الذي وقع معاهدة السلام.. بإختصار مقاومة هذا المخطط تكون عبر الإصرار على الموضوعية الشاملة، ورفض الذاكرة الانتقائية التي تريدنا أن نصبح أمة بلا ماضٍ مجيد يمكن البناء عليه.. فلنتذكر أن الدفاع عن التراب الرمزي لزعمائنا وانتصاراتنا، هو في جوهره دفاع عن كرامة ومستقبل الأمة المصرية بأسرها. وليس من الحيدة والموضوعية لأي محلل ومؤرخ ربط أي جدل أو محاولة للانتقاص من نصر حرب أكتوبر 1973 ارتباطًا وثيقًا بالخلافات السياسية التي تلت الحرب أو قبلها بصراعه مع أركان نظام جمال عبد الناصر، وبشكل خاص القرارات التي اتخذها السادات، وعلى رأسها معاهدة السلام مع إسرائيل -كامب ديفيد- التى يرى المنتقدون لها -وخاصة من التيارات القومية والعربية- أن نصر أكتوبر تم تضييعه سياسيًا عبرها، والتي أخرجت مصر من دائرة الصراع العربي الاسرائيلى، ورأوا في هذا الاتفاق انتقاصًا من قيمة التضحية العسكرية الكبرى التي حققها الجنود. كل هذا يجعلنا نفكر بعد هذه السنوات بوضع سياسة السادات التى قد نختلف معها فى خانة الواقعية السياسية، بمعنى أن النصر العسكري كان هدفًا محدودًا لتحريك المياه الراكدة واستعادة الأرض المحتلة، وأن الحل العسكري الكامل لم يكن ممكنًا في ظل الدعم الأمريكي لإسرائيل اللامحدود.. وعدم قيام الاتخاد السوفيتى بنفس الدور مع مصر وسوريا.. نعم من حق المنتقدين اعتبار هذه الواقعية السياسية تراجعًا عن الأهداف الكبرى للصراع العربي الإسرائيلي.. لكن ما حدث بعد ذلك قد نرى ما فعله السادات كان الهدف منه صالح المصلحة المصرية اذا تفحصنا الواقع الآن! الحكومة ضد الرئيس والشعب والمواطن! يا رب.. مذكرة دفاع عن أبى وذريته (2) ألا ترون معي إن هذه المخططات بعد تجاوزها حدود الدرس والتحليل تندرج في خانة الأكاذيب المضادة القادمة من الجانب الإسرائيلي لتقزيم النصر المصري السوري والتي يسمونها "الزلزال" وتحويله إلى انتصار إسرائيلي في نهاية المطاف.. نعم هي حرب نفسية تهدف إلى إبطال الأثر الاستراتيجي والعسكري الذى كسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر. لكنها تأتى للأسف ليس من العدو وحده ولكن من أعوانه الذين يسكنون تحت الجلد المصري! وللحديث بقية.. [email protected] ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا