أكتب هذا المقال منطلقا من كوني كاتبا صحفيا ومحاميا في نفس الوقت.. هنا يثور السؤال المبدئي عند من تعمل الحكومة وعمن تدافع؟ إذا كانت تعترض ممثلة في وزير العدل على مشروع قانون الاجراءات الجنائية أو بالتحديد الاعتراضات التي أبداها رئيس الجمهورية لصالح المواطن، وفي نفس الوقت تعترض على اعتراضات نقابة المحامين ودوائر من الرأي العام ممثلة في بعض النقابات المهنية وفي مقدمتها نقابة الصحفيين؟ يعني وزير العدل أو الحكومة ضد رئيس الجمهورية وضد الشعب، إذا يكون السؤال لمصلحة من تعمل أو جاءت الحكومة لتتبوأ مسؤولياتها؟! في البداية، هل يمكن لمجلس النواب أن يعترض ولا يوافق على اعتراضات رئيس الجمهورية بتعديل بعض المواد في قانون الاجراءات الجنائية؟ هذا السؤال أجيب عنه طبقا لما جاء في الدستور المصري.. بداية المادة 123 من الدستور تنص على أنه إذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب رده إليه خلال 30 يوما من تاريخ إبلاغ المجلس.. فاذا لم يرد رئيس الجمهورية مشروع القانون لمجلس النواب في هذا الميعاد.. أعتبر قانونا وصدر..
والسؤال ماذا يعني ذلك؟ يعني أن حق الاعتراض لرئيس الجمهورية في ظل دستور 2014 له ما يبرره.. لماذا؟ فطبقا للفقرة الأولى من المادة 122 من هذا الدستور يكون لرئيس الجمهورية ولمجلس الوزراء ولكل عضو في مجلس النواب إقتراح مشروعات بقوانين..
هكذا يمكن لرئيس الدولة أن يعترض على مشروع القانون المقدم من الحكومة أو مشروع قانون مقدم من أعضاء البرلمان، ولكن بالطبع من غير المنطقي أن يمارس رئيس الدولة حقه في الاعتراض على مشروع قانون قدمه بنفسه إلى مجلس النواب.. إلا إذا تدخل البرلمان بتعديلات على بعض المواد التي قدمها رئيس الجمهورية في مشروع قانونه بشكل ينحرف بها عن الغايات الاساسية لما يراه رئيس الجمهورية من مشروع القانون، أو بما يتناقض مع الفلسفة المحورية في مشروع القانون الذي تقدم به.
وبالتالي يمكن أن نقول أنه طبقا لهذا النص فإن موقف رئيس الجمهورية لا يخرج عن أحد أمرين إذا أحيل له مشروع قانون من مجلس النواب: الموقف الأول أن يعلن رأيه صراحة في القانون سواء بقبوله أو بالاعتراض عليه.. والمهلة التي يملكها رئيس الجمهورية لإعلان رأيه هي 30 يوما، وتبدأ هذه المدة من تاريخ إحاله البرلمان مشروع القانون له. أما الأمر الثاني فهو التزام رئيس الجمهورية الصمت خلال هذه المهلة وهنا يترجم صمت الرئيس أنه قبول ضمني للقانون، ومن ثم تتخذ اجراءات اصداره مباشرة ونشره.. وهذا ما حدث مؤخرا في قانون الايجارات الذي صدر منذ فترة بسيطة.
المهم هنا أن الدستور لم يشترط تعليل الرئيس لاعتراضه على مشروع القانون الذى يرسل له من مجلس النواب، يعني يمكن أن يعترض الرئيس دون أن يبدي أسبابا لاعتراضه بنص الدستور. لكن فوجئنا بأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب في مادتها 177 تخالف النص العام للدستور صراحة.. بما يعنى عدم دستوريتها.. كيف؟
فقد ألزمت لائحة مجلس النواب رئيس الدولة بتسبيب قراره بالاعتراض على مشروع القانون المرسل له، وهنا يتاكد لنا أن لائحة مجلس النواب مخالفه للدستور، لان النص الدستوري العام لا يلزم رئيس الجمهوريه بالتسبيب أو عدم التسبيب. ومع ذلك يرى البعض أن هذا التسبيب قد يكون مفيدا لأنه سيحدد لمجلس النواب المواد التي يعترض عليها رئيس الجمهورية وأسباب الاعتراض، إذا لم يكن الاعتراض على القانون بكامله.. فاذا كان الاعتراض على بعض المواد يكون تعليل رئيس الجمهورية لوجهه نظره مفيدة لمجلس النواب في مناقشة أوجه هذه الاعتراضات التى حددها الدستور بالاعتراض المزدوج.. إما إعتراض جزئي على بعض مواد القانون أو اعتراض كلي على كل مواد القانون.
وعلى فكرة هناك بعض القوانين لا تعطى حق الاعتراض للرئيس الجمهورية عليها مثل التعديلات الدستورية أو القوانين الاستفتائية التي تتعلق بالاستفتاءات على الشعب.. والسؤال الذى يسأله البعض ماذا يحدث عندما يعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون سواء قدمته الحكومة أو قدمه بعض الاعضاء من مجلس النواب؟!
يكون الاعتراض بإخطار رئيس مجلس النواب بالاعتراض وأسبابه، إما اعتراض جزئي على بعض المواد أو اعتراض كلي على القانون بالكامل، ثم يعقد مجلس النواب جلسة عاجلة لنظر الاعتراض ويجوز لمجلس النواب أن يدعو رئيس مجلس الوزراء للإدلاء ببيان.. وهذه دعوة غير مبررة من وجهة نظر البعض.. لماذا؟ لأنه طبقا للائحة مجلس النواب.. حدد رئيس الجمهورية أسباب اعتراضه على مشروع القانون وأبلغها لمجلس النواب فما دخل الحكومة ورئيسها! لكن البعض يرى أن دعوة رئيس الوزراء قد يكون مناسبا إذا كان مشروع القانون مقدم من الحكومة، وبالتالي يكون له وجهه نظر بها أمام مجلس النواب، لكن البعض يرى أهمية حصر دعوة رئيس مجلس الوزراء في الادلاء ببيانه في حال أن الحكومة هي التي قدمت مشروع القانون.
وقد يجمد مجلس النواب مشروع القانون للأجل الذي يقدره استنادا إلى سلطته في تحديد الوقت الملائم لإصدار التشريعات.. لكن البعض يعترض على ذلك لانه ليس من حق مجلس النواب أن يؤجله للوقت الذي يراه لآن مشروع القانون أصبح في وضع أقرب للإصدار.. ويكون أقصى حد بنهاية دور الانعقاد الذى حدث فيه الاعتراض، بشرط ألا تقل المدة عن شهر. مشروع قانون الاجراءات الجنائية والسؤال: ماذا يحدث نتيجة هذا الاعتراض في مجلس النواب؟ قد يصمم البرلمان على مشروع القانون الذي أقره بأغلبيه أقل من ثلثين عدد الاعضاء، وهنا لابد من الموافقة بأغلبية ثلثين أعضاء مجلس النواب، وفي هذه الحالة يصدر القانون رغم إعتراض رئيس الجمهورية عليه، يعني فيتو من مجلس النواب ضد فيتو رئيس الجمهورية..
مثل ما حدث مؤخرا عندما أعاد الرئيس مشروع قانون الاجراءات الجنائية إلى مجلس النواب مرة أخرى ماذا حدث؟ فوجئنا بجدل كبير يشبه الاعتراض من قبل المستشار عدنان فنجري وزير العدل الذى أبدى رأيا في اجتماع اللجنة العامة متحفظا أو معارضا لبعض التعديلات المقترحة في الاعتراض الرئاسي خاصة فيما يتعلق ببعض النقاط الاجرائية أو بدائل الحبس الاحتياطي، على سبيل المثال رأى الوزير أن بدائل الحبس الاحتياطي الموجودة في القانون كافية ولا حاجة لاضافة بدائل أخرى..
وفسر موقفه فيما بعد إنه ليس اعتراض على رئيس الجمهورية ولكنه رأي قانوني وفني وليس معارضه، ومع ذلك في الجلسة العامة الثانية أعلن تراجعه وتحول الموقف إلى حسم رسمي في اليوم التالي، وأعلن موقف وزير العدل موقفه النهائي، وأعلن التراجع وتوحيد الموقف الحكومي..
وهنا واجهه رئيس مجلس النواب الدكتور حنفي الجبالي.. هل تتراجع عما ذكرته في اللجنة العامة بالأمس؟ فأجاب وزير العدل بوضوح نعم تراجعت، مؤكدا في الوقت نفسه أن الوزارة لا ترفض الاعتراض الرئاسي، ومع ذلك إعترض وزير العدل على الضمانة في المادة 104 بمقترح تعديل يلزم حضور المحامي أثناء تحقيقات النيابة.
وإقترح وزير العدل صيغة أخرى، إقترح أن تسمح للنيابة العامة باستجواب المتهم بدون حضور المحامي في حالتين.. الموافقة الكتابية للمتهم، وخشية انقضاء مدة الحبس أو خشية عدم الافراج عن المتهم دون استكمال التحقيق إذا تعذر حضور المحامى، خاصة في أوقات الاجازات -الخميس والجمعة- مؤكدا أن عضو النيابة أرحم من غيره لأنه في داخله إنسان.
و حصل إعتراض واسع ورفض المقترح من قبل قطاعات واسعة بما في ذلك مجلس النواب نفسه، واعترضت نقابة المحامين وتمسكت بالصيغة الاصلية التي تتضمن الحضور الالزامي للمحامي في الاستجواب والمواجهة.. واعتبرت أن تعديل هذه المادة بالطريقة التى بررها الوزير يهدر الضمانة الدستورية لحق الدفاع،وقد وصل الأمر إلى إنسحاب نقيب المحامين عبد الحليم علام.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تعترض الحكومة ممثله في وزير العدل على اعتراضات رئيس الجمهورية التي تصب في حقوق وحرية المواطن، من خلال حق المتهم ليكون معه محاميه أثناء التحقيق؟ وهنا كان يمكن مثلا إلزام نقابة المحامين بتوفير محاميين للحضور مع المتهمين ندبا من النيابة عن طريق بروتوكول بين النائب العام مع نقابة المحامين.. يا رب.. مذكرة دفاع عن أبى وذريته (2) يا رب.. مذكرة دفاع عن أبى وذريته (1) أما كلام وزير العدل بأن وكيل النيابة أرحم على المتهم فالاجابة بسيطة وهي أن وكيل النيابة يمثل سلطة توجيه إتهام.. وبالتالي لا يدخل فيها الجانب الانساني من عدمه.. هو يمثل القانون ويمثل الرأي العام وبالتالي هو ملتزم بذلك. ومع ذلك إذا كان الإتهام لا يرقى لتحويل المتهم إلى المحكمة -يعني حاجة بسيطة زي ما بيقولوا- فهنا سيكون الحفظ نهايتها، لكن الضمانة الاساسية هو وجود محامي مع المتهم.. فلا أفهم وجه اعتراض وزير العدل على ما يبديه رئيس الجمهورية من الانضمام إلى صف حق المواطن وحريته.. وفي نفس الوقت الاعتراض على رأي نقابة المحامين كممثلة أصيلة في الدفاع عن أي متهم.. فلا أفهم هذا الاعتراض.. والسؤال البسيط هي الحكومة جاءت لتعمل لصالح من؟ إذا كانت ضد رئيس الجمهورية وضد المواطن في نفس الوقت. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا