بعد أن وصلنا إلى مقر قيادة اللواء الخامس مشاة ميكانيكا في الفرقة 19 في قطاع الجيش الثالث الميداني بعد منتصف الليل البارد في شهر نوفمبر 1972، تم توزيعنا على الكتائب الثلاثة المتمركزة على شط القناة في الضفة الغربية، ولما كنت أنا الوحيد خريج قسم الصحافة فقرروا استبقائي في مقر قيادة اللواء، كعنصر توجيه معنوي مساعد لضابط التوجيه المعنوي وكان ملازم أول محمد أبو العطا خريج آداب قسم اجتماع.. وكانت الضفة الشرقية أمامنا علي بعد 150 مترا يعني ممكن عبورها سباحة بسهولة، لكن مع وجود العدو الإسرائيلي في مواجهتنا والعلم الإسرائيلي يرفرف أمامنا فكان لا بد من التفكير في كيفية الوصول إليه وتمزيقه، ورفع العلم المصري ليرفرف في مكانه الطبيعي، وكان هذا الهاجس يراودنا ليل نهار وننتظر متى يأتي هذا اليوم. وتسلم كل واحد منا سلاحه الآلي وثلاث خزائن طلقات حية والشدة الخفيفة، والقناع الواقي لاستخدامه في حالة وجود غازات سامة قادمة من ناحية العدو، وبدأنا عمليات التدريب اليومي أحيانا نهارا وأحيانا ليلا، وبعد أسبوعين حضر إلينا أحد مشايخ الأزهر لزيارة اللواء والالتقاء بالضباط والجنود في إطار زياراتهم للتشكيلات والوحدات المتمركزة علي طول الجبهة.. وكان على أن أرافق الشيخ في هذه الزيارة، وفي الصباح الباكر اصطحبته في سيارة جيب وتوجهنا إلى الموقع الأمامي للواء الخامس على شاطئ القناة، وأمامنا على الشاطئ المقابل العلم الإسرائيلي يرفرف على خط بارليف، والجنود الإسرائيليون يتابعوننا بالمناظيار المكبرة، وربما يتنصتون علينا.. وكانت الفرصة لألتقي بزملائي في دفعة التجنيد ونتبادل الحديث عن الأوضاع علي الجبهة، وكنا نتساءل دائما إلى متى نظل علي هذا الوضع في انتظار اليوم الذي نعبر فيه إلي الضفة الشرقية ونثأر لشهدائنا في حرب 67، وفي معارك حرب الاستنزاف حتى وقف إطلاق النار في مبادرة روجرز التي وافق عليها الرئيس جمال عبد الناصر عام 1969. وعلى ضفاف قناة السويس كان الحديث الممتع للشيخ الأزهري الجليل عن التضحية والفداء والاستشهاد في سبيل الله، ولنا في الرسول الكريم والصحابة القدوة في التضحية بالغالي والنفيس في سبيل الله والوطن.. وفي الحقيقة إن هذه الزيارات لمشايخ الأزهر إلى الجبهة كان لها أكبر الأثر في رفع الروح المعنوية للضباط والجنود.. وكانت ممتعة فعلا ولها أثر كبير في إزالة حالة الإحباط التي كان يعاني منها بعض الضباط والجنود الموجودين في هذا الوضع منذ عام 67، ولا يعلم أحد إلى متى سيستمر هذا الوضع ونحن في حالة اللاسلم واللاحرب. وفي شهر مارس عام 1973 أبلغ قائد اللواء مساعديه من الضباط قادة الكتائب برفع درجة الاستعداد وإلغاء الإجازات استعدادا لإجراء مناورات بالذخيرة الحية، وعبور قناة السويس لتحرير سيناء، وتنفسنا الصعداء وقلنا أخيرا سنبدأ الحرب والثأر للشهداء واستعادة أرض سيناء الحبيبة.. ارتفعت الحالة المعنوية للضباط والجنود في انتظار ساعة الصفر، واستمر هذا الوضع عشرة أيام حتى جاءت تعليمات القيادة العامة للقوات المسلحة بإنهاء حالة الإستعداد والعودة إلى الحالة العادية، وفتحت الإجازات الاعتيادية وبدأنا إجازاتنا كل حسب مواعيده، وسارت الحياة على الجبهة بصورة طبيعية حتى منتصف شهر يوليو 1973.. وجاءت التعليمات بالاستعداد لمناورة بالذخيرة الحية لعبور قناة السويس، واتخاذ نفس ترتيبات المناورة السابقة في شهر مارس، مع الفارق أن حرارة الطقس في شهر يوليو كانت مرتفعة جدا نهارا وباردة ليلا، وسارت الأمور بشكل طبيعي حتى جاءت التعليمات بإنهاء حالة الطوارئ وبدء الإجازات.. وبعد أسبوعين جاءت تعليمات القيادة العامة بحصر أعداد المجندين من ضباط الاحتياط والجنود منذ عام 66 وتسريحهم وإنهاء خدماتهم، وتم تنفيذ هذه التعليمات وغادرتنا مجموعة من قدامي المجندين، وقلنا إذن مفيش حرب، وكل منا سينتظر دوره في الخروج، وكنا نستمع لخطابات الرئيس السادات رحمه الله أننا لن نستطيع دخول الحرب والروس يرفضون تزويدنا باحتياجاتنا من الأسلحة الحديثة، خاصة بعد أن طرد الخبراء الروس الذين كانوا في مصر للمساعدة في عمليات التدريب. العناني أول رئيس مصري لليونسكو السادس من أكتوبر يوم العبور العظيم وبعد انتهاء المناورات أصدرت القيادة العامة تعليماتها بسرعة إرسال أسماء الضباط الراغبين في أداء عمرة شهر رمضان المبارك هذا العام، وبدأنا بالفعل إعداد الكشوف بأسماء الضباط وسادت حالة من الهدوء في الجبهة، والجميع ضباطا وجنودا أكدوا أنه لا وقت للحرب، ولم نكن نعلم أن هذه خطة خداع كبرى أشرف عليها الرئيس السادات رحمه الله بنفسه لخداع إسرائيل. وساد الهدوء الجبهة على امتداد قناة السويس حتى كان صباح يوم السبت السادس من أكتوبر عام 1973، وكانت المفاجأة الكبرى والعبور العظيم، وإلى المقال القادم. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا