لاأعتقد أن هناك قضية تشغل الإنسان منذ بدء الخلق وحتى قيام الساعة أكثر من الزمن والخلود، وللدرجة التي أظن أن أبي أدم حين اقترب من شجرة الخلد لم يكن فى نيته أبدا معصية أمر الله، لكن طمعا في البقاء والخلود بين يد الله، واستغل الشيطان هذه الغريزة البشرية فوسوس له بالأكل من هذه الشجرة لينال مراده، ويعلم المولي عز وجل نية مخلوقه أدم، لذلك تاب عليه وغفر له.. وأعتقد أن جوهر القضية هنا هو الجمع بين الرغبة الإنسانية الأساسية في البقاء والغاية السامية للوجود.. يعنى يا رب وأنت أعلم.. حلم أبي آدم بالخلود كان دافعه الأساسي بعيدًا عن نية ارتكاب المعصية..
يا رب أنت تعلم وعلمك الحق أن الخلود هو عشق أدم وذريته الأبدي، ولكن لماذا يا رب؟ من أجل عبادتك والبقاء بالقرب منك، وحتى لو ضللنا الخطى إليك سرعان ما نعود لك تائبين، طمعا في المغفرة.. يعنى يا رب حلم أبى آدم لم يكن ذنبًا، بل كان شوقًا.. يا آدمُ الأوَّلَ، يا سِرَّ الطِّينِ والمَحَنِ، أَسْمِعتُ في قَلْبِكَ ما لَمْ يَسْمَعِ البَشَرُ؟ لَمْ تَسْكُنِ النَّفسُ يَوْمًا نِيَّةَ الخَلَلِ، بَلْ كَانَ في الرُّوحِ شَوْقٌ دَائِمٌ سَفَرُ. يا رب أنت أعلم وغيرك لا يعلم سر العداء بين أبى وبين الشيطان، هذا الصراع غير المتكافئ إذا لم تتدخل بدعمك لأبى، نعم الشيطان عصى، وأبي عصى، لكن هناك فروقات جوهرية بين المعصيتين وجذورهما، بين نوع المعصية بركنيها المادي والمعنوي وبين الدافع الأصلي وجوهر المعصية التي أدت إلى مصيرين مختلفين والعقوبة لكل منهما.
يا رب.. الخلود.. هو حلم العابد للخالق.. مدد يالله أَنا العاشِقُ الأَزَلِيُّ لِلْبَقَاءِ سَنَا، وَالخُلْدُ لَيْسَ ذُنُوبًا بَلْ هُوَ الفَنَاءُ هُنَا. لَسْنَا نُريدُ خُلُودَ العِصْيَانِ أَوِ الزَّلَلِ، وَلَسْنَا نَبْغِي سِوَى وَجْهٍ لَهُ الأَمَلُ. يا رب.. اللعن المؤبد لإبليس والمغفرة لآبى.. نعم يا رب معصية إبليس كانت لأمر تكليفي وجودي بالسجود لأدم بلأمر المباشر منك له ولجميع الملائكة، ومعصية أبي كانت عدم طاعته لنهي تحذيري منك بعدم الأكل من الشجرة، وكان الدافع الحلم بالخلود.
يا رب أنت تعلم وغيرك لا يعلم إختلاف الدافع الأصلي، فهو عند الشيطان الكِبْر والاستعلاء والاعتراض على الأمر الإلهى والجهر بالتمرد ومعللا بأنه أفضل من آدم لأنه خُلق من نار، يعني الجهر بالمعصية بالإعتراض على حكمتك في تفضيل آدم.
أما أبي فكانت الشهوة والرغبة في الخلود هى الدافع الأصلي لأبي، والتقط الشيطان كلمة السر فوسوس له بأن الأكل من الشجرة سيجعله خالدًا أو ملكًا، يعنى الدافع كان شوقًا للدوام والخلود وليس معصية مع الإستعلاء والكبر. يا رب... طَلَّ الشَّيْطَانُ مِنْ بَابِ الأَمَانِيِّ الضَّنَا وَلَمْ يَقُلْ: "عَادِ رَبَّكَ"، بَلْ قَالَ: "هُنَا البَقَا" فَكَانَ طَعْمُ الأَبَدِيَّةِ أَشْهَى ما يُخَالُ لَعِبَ الخَبِيثُ عَلَى سِرٍّ، لَيْسَ فِيهِ احْتِيَالُ
وَمَا كَانَتْ غايَةُ الحُلْمِ خُرُوجًا مِنْ جَنَّةِ النُّورِ بَلِ البَقَاءُ بِهَا أَبَدًا فِي خِدمَةِ المَقْدُورِ فَلَيْسَ مَنْ يَعْشَقُ الأَبَدَ عاصِيًا بَلْ هُوَ العاشِقُ لِلْحُبِّ الباقِيَ مُوَاصِيًا. يا رب جوهر المعصية هو الخطأ في العقيدة، إعتراض إبليس كان على صفة الحكمة والعدل الإلهي والطعن في حكمة الأمر، أما خطأ أبي كان غير مقصود في التنفيذ بسبب نسيان أو غفلة أو غلبة للشهوة، دون إعتراض على الأمر الإلهي نفسه.
يعني طبيعة مخالفة إبليس إرادية وتحدٍّ، يعنى معصية مع سبق الإصرار والترصد لأنها نابعة من إرادة مستقرة وتصميم على عدم الطاعة. أما مخالفة أبي فهي نسيان أو زلة وأكد ذلك القرآن الكريم حين يصفها بالنسيان: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ (طه: 115]). يارب.. لَعِبَ الشَّيْطَانُ عَلَى الجَهْلِ فِي نُفُوسِنَا فَصَوَّرَ الخُلْدَ بَغْيًا كَانَ قَدْ لُبِسَا وَمَا الخُلْدُ إِلا مَوْجٌ مِنْ رِضًا أَبَدِي نَغْرَقُ فِيهِ فِي عُبُودِيَّةٍ بِمَدَدِ فَيَا نَفْسِي، لَوْ دَامَ القِيَامُ لِخَالِقِكِ لَبِعْتِ كُلَّ الخُلُودِ الفَانِي لِبَاقِكِ فَالخُلُودُ هُوَ تَحْقِيقُ الرُّوحِ لِغَايَتِهَا ويأتي رد الفعل بعد المعصية ليكشف الدافع الأصلى، عند إبليس الإصرار على الذنب ولم يطلب المغفرة، بل رفع راية العصيان بالإصرار، فلم يندم، بل لوح بغواية آدم وذريته إلى يوم الدين، ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الأعراف: 16]. وكان حكمك وحكمك العدل ياربي حيث لُعن وطُرد من رحمتك إلى الأبد، أما أبي فسارع بالاعتراف بالذنب والندم الفورى والتوبة ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: 23]. وكان الحكم الألهي المغفرة.
يا رب.. مبتغى الخلود الذى سعى له أبي أدم هو البقاء للأبد لعبادتك تحقيقا لقولك الكريم "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُو"، ولم يكن السعى للخلود للعصيان أو الخروج عن أمرك، حاشا لله.. لا.. يا سيادة وزير الثقافة! وبدأت بشائر الأمل والنصر! يا رب كيف لأبي أن يعصاك وقد كرمته وفضلته على باقي خلقك والملائكة وأمرتهم بالسجود له، وطردت الشيطان من رحمتك حين رفض السجود متباهيا بخلقك له من نار وخلقك لأبي من طين ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [ البقرة: 34].. ونكمل في المقال القادم [email protected] ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا