الهيئة العربية للتصنيع نواة لتحقيق الحلم "السلاح مفتاح التحكم في العالم"، عبارة تعكس استناد أمريكا وحلفائها الغربيين على قوتهم المادية الغاشمة في التدخل في الشأن المصرى منذ 3 يوليو الماضى، والسؤال لما لا نستغل فرصة هذا التدخل ودعم الدول العربية وخاصة السعودية والإماراتوالكويت والأردن للقاهرة في بناء قلعة صناعية ليكون إنتاج سلاحنا بأيدينا ويكون مصيرنا بيدنا، خاصة أن الهيئة العربية للتصنيع يمكن أن تكون نواة لهذه القلعة المنشودة ؟ بداية أكد الفريق عبد العزيز سيف الدين، رئيس الهيئة العربية للتصنيع أن الهيئة أنشئت عام 1975 لتحقيق الحلم العربي في إقامة صناعة حربية قادرة لتلبية احتياجات البلدان العربية من السلاح والمعدات العسكرية، وهذا كان الهدف الرئيسي لإنشائها وبدأت بأربعة مصانع فقط بين ثلاث دول عربية ومصر، ولكن سرعان ما تلاشى هذا الحلم وتبدد بتوقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل فانسحبت الدول المشاركة وهي (السعودية – الإمارات – وقطر) وتحملت مصر على عاتقها مسئولية استمرار نشاطها بذات اللوائح وبصفتها الدولية. أضاف الفريق عبد العزيز أن استقلالية اتخاذ القرار ادت إلى زيادة مصانعها من(4) مصانع إلى (12) مصنعًا حاليًا، مؤكدًا أن الهيئة تعتمد على مواردها دون الحاجة إلى دعم من الدولة حتى إنه لم يخصص لها أي مبلغ مالي من موازنة الدولة طوال تاريخها. وقال إن الهيئة العربية تقوم بتلبية احتياجات القوات المسلحة من التصنيع وهناك مشروعات كثيرة وناجحة منها الصاروخ صقر 45 وهو من عائلة المدفعية الصاروخية عيار 122 مم ويستخدم بفاعلية كبيرة للقذف المساحي على مسافات 45 كم ويتميز بدقة الانتشار ويتم إطلاقة من قواذف متنوعة، بالإضافة إلى نجاح برنامج التصنيع المشترك لعدد(120) طائرة تدريب متقدم طرازk8e بمستوى كفاءة عالية بمصنع الطائرات بالتعاون مع شركة كاتيك الصينية لسد الاحتياجات، وقام مصنع الطائرات بصناعة وتجميع مكونات عدد من الطائرات مثل طائرة التدريب الألفاجيت والطائرة النفاثة القاهرة 200 و300 والتوكانو وصناعة أجزاء من الطائرة ميراج 2000. كما يمتلك مصنع الطائرات - بحسب تأكيدات الفريق سيف- المعدات والآلات وأجهزة الاختبار والعمالة المدربة على كل المستويات التي تؤهلة للوفاء بمتطلبات العمل في صناعة الطيران، وهناك العربة فهد وهي عربة مدرعة 4×4 متعددة الاستخدامات ذات قدرة عالية على عبور كل أنواع الأراضي الصعبة والكثبان الرملية الناعمة ويتم إنتاج عدة طرازات منها لتلائم الكثير من المتطلبات العسكرية المختلفة، وتصلح لأغراض القتال والإسعاف ونقل الجنود. وتقوم الهيئة - وفقًا لكلام الفريق سيف - بإجراء عمرات إصلاح وإختيار المحركات المكبسية لعدة طرازات خاصة بطائرات خاصة الهليكوبتر والجروب، بالإضافة إلى اختبار المحركات التوربينية للطائرات والدبابات مثل محرك استازو الفرنسي للطائرات الجازيل والمحرك جنوم الإنجليزي للطائرات الهليكوبتر طراز كوماندو وسي كنج وغيرها. كما جدد الفريق سيف دعوة الدول العربية إلى سرعة الانضمام مرة أخرى للهيئة، قائلا إنها مفتوحة لأي مشاركة عربية، فاللوائح والقوانين التي اتفقنا عليها منذ إنشائها مازالت كما هي لم تتغير، ولابد أن يتفهم العرب أن العالم لا يستوعب الآن إلا الكيانات الصناعية الكبرى وبإمكان العرب أن يحققوا هذا الكيان بالانضمام مرة أخرى ودعمنا بالمال وشراء السلاح الذي تقوم الهيئة بإنتاجه. اللواء حسام سويلم الخبير العسكري، قال: لابد الآن من عودة روح القومية العربية حتى نتحدى الاستعمار السياسي والفكري خاصة بعد دعوة كونداليزا رايس المعروفة بالفوضي الخلاقة في الشرق الأوسط، وهى فوضى لتقوية إسرائيل باضعاف العالم العربى حولها، ولذلك لابد أن يعي العرب الآن أن التحديات الرامية للقضاء على هويتهم تحديات كبيرة، ولن تبقى الهوية إلا بإحياء القومية العربية التي طالما نادي بها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وكانه يقرأ المستقبل ويحس بالخطر الذي نواجهه الآن بعد موته بأربعين عامًا. وتابع سويلم: القومية العربية لن تعود إلا بالتكامل الاقتصادي والعسكري بين الدول العربية، وصناعة السلاح لابد أن تكون نابعة من دولنا العربية وآن الأوان أن نقتنص فرصة وقوف السعودية والإماراتوالكويت بجانب مصر ضد أمريكا بإعادة التصنيع المحلي. واستطرد قائلا: أنا أعلم جيدًا أن الظروف الآن صعبة ولكنها سرعان ما تزول بتوحيد السياسات العربية وبعدها تتم صناعة السلاح على المستوى العربى وهناك نواة لعمل ذلك وهي الهيئة العربية للتصنيع التي مازالت تحتفظ باسمها، فالعرب بإمكانهم تزويدنا بالمال ونحن نستعين بالتكنولوجيا من دول الشرق مثل روسيا والصين لسد احتياجات مصر والدول العربية من السلاح بصناعة نفخر بها امام العالم. اللواء عبد المنعم سعيد، الخبير الإستراتيجي والعسكري قال إن عودة الوحدة الوطنية تقوي المنطقة وتمنع أي اختراق استعماري معربًا عن سعادته بتلويح أمريكا بمنع المعونة العسكرية عن مصر، مضيفًا: إن هذا أعاد إلى ذهني رفض أمريكا تمويل السد وقيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بهجمة على الغرب كله وقوله أن الشعب المصري هو الذي سيبني السد دون مساعدة. وأضاف سعيد: كنت اتمنى أن يقوم الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربى بالمبادرة ورفض المعونة فورا لأن مصر هي التي تصنع مصيرها وليس الغرب، كما أعاد لنا ملك السعودية ورئيس الامارات وامير الكويت الامل في اعادة الوحدة العربية، وذلك بدعمهم لمصر ضد التدخل الأمريكى والأوربي في مشهد أعاد للأذهان تحديهم للعالم كله في حرب 73 باستخدامهم سلاح النفط. وقال سعيد: آن الأوان حتى نستعيد عزتنا وكرامتنا العربية بصناعة سلاحنا بأنفسنا، فالتكامل يعني اتحاد الخبرات والإمكانيات المادية والتكنولوجية وذلك متوفر ولنا سابقة في صناعة السلاح بالهيئة العربية للتصنيع عقب حرب أكتوبر والآن هناك مواقف عربية واضحة ولن يستطيع الغرب الضغط علينا مرة أخرى فالحرية أغلى من أموال العالم. وأضاف سعيد أن صناعة السلاح العربية لن تتوقف فقط على إمداد الجيوش بالسلاح ولكن يمكن أن تكون امتدادًا لبيع السلاح إلى دول أخرى مجاورة، بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات التكنولوجية من روسيا والصين بالاستعانة بالخبرة المتطورة والتي تغني عن إمداد السلاح من أمريكا بالكامل، فضلًا عن أنها تنقل الخبرات بين الجيوش العربية ضد أي مستعمر أو غادر. أما اللواء أحمد عبد الحليم قنديل، الخبير الإستراتيجي والعسكري، فقال: ليس غريبًا على مصر تصنيع السلاح فنحن لدينا مصانع سلاح منذ عهد جمال عبد الناصر وكانت لدينا طائرات نقوم بتصنيعها في مصنع الطائرات مثل الطائرة الجمهورية والقاهرة 200و300 وغيرها من قواذف الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي. وأضاف قنديل أن تنويع مصادر السلاح ليس جديدا علينا فأول من لوَّح به الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 54 عندما رفضت أمريكا وبريطانيا إعطاءنا السلاح فقام باستيراده من تشيكوسلوفاكيا وروسيا، بل قام بتطويره داخل المصانع الحربية المصرية لتناسب العمليات المصرية وقام بإعادة هذا القرار الرئيس الراحل السادات عندما رفضت روسيا مده بالسلاح قبيل حرب أكتوبر. وتابع قنديل: إننا لن نعتمد على أحد فأي دولة ترحب بإمدادنا بالسلاح متي رغبنا، بالإضافة إلى أننا يمكننا الاستفادة من العرض الروسي بإمداد مصر بالطائرات الميج الحديثة جيل 29و31 ونحن لدينا الميج 21 والتي تعمل بكفاءة عاليه جدًا بعدما قمنا برفع كفاءتها وتطويرها بأحدث التكنولوجيا ونحن نستفيد من التكنولوجيا المتطورة داخل مصانعنا الحربية فهناك تجميع كامل للطائرة ميراج 2000 ولدينا الكفاءات والخبرات المدربة على هذا التصنيع. وأكد قنديل أن الكلية الفنية العسكرية والمعهد الفني للقوات المسلحة يخرجان كل عام ضباط يعملون في تطوير الأسلحة القديمة الموجودة لدى مصر وهذه الأجهزة والمعدات تعمل بكفاءة عالية، وأوضح قنديل أن هناك عقبة تقف أمام التصنيع فبعض الدول التي لها حق الملكية الخاصة في صناعة السلاح لا تسمح أحيانًا بأن دولة أخرى تأخذ منها حق الملكية حتى لو دفعت أمامه أموالًا طائلة لكن لو توحدت الدول العربية واجتمعت كلها للاستعداد لهذه الصناعة الواعدة سوف يكون هناك تذليل لهذه العقبات. اللواء على حفظي، الخبير الإستراتيجي والعسكري أكد أن صناعة السلاح صناعة تحتاج قرارا قويا وإرادة سياسية من الحكام العرب لأن هذا يعني الوقوف ضد كيانات كبرى من الدول التي تصدر للعرب السلاح بدافع تبادل المصالح فليس أخذ السلاح فقط يعني سلاحًا مقابل المال، ولكن السلاح مقابل المصلحة ودائمًا تتعارض المصلحة مع إسرائيل، فلابد أن تكون كفاءة السلاح الموجود في الدول العربية المحيطة بإسرائيل أقل بمراحل منها فلابد أن تكون متفوقة تكنولوجيا وعسكريا على مصر. وأشار حفظى إلى أن الغرب لم يكن يتوقع أن تقوم الدول العربية وعلي رأسها السعودية بطرح المساعدات وضرب مصالحها مع أمريكا بعرض الحائط ولكن عندما وجدت أمريكا رد فعل المصريين غير المتوقع تأكد لها أن القرار أصبح قرار الجماهير التي تناصر قواتها المسلحة وتمشي وراءه ورجعت أمريكا بالفعل في كلامها. وأضاف حفظي: لابد أن نأخذ خطوات جدية في إعادة فكرة تصنيع السلاح بالتعاون مع الدول العربية وخصوصًا السعودية التي تستورد من أمريكا بمليارات الجنيهات أسلحة سنويا، مشيرًا إلى وجود صناعة عربية مشتركة للسلاح سيترتب عليها تدريبات عسكرية مشتركة وذلك في مصلحة مصر والعالم العربى.