لم تتمكن جماعة الإخوان من انتزاع اعتراف رسمي من السلطات النمساوية بشرعيتها، ولم تكن ساحة رئيسية لنشاطها مثل فرنسا أو ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية. ورغم أن موقع النمسا في قلب أوروبا وعلى بوابة البلقان جعلها نقطة استراتيجية مبكرة للتنظيم منذ السبعينيات، حيث حاول بناء شبكات تتغلغل في فيينا وغيرها من المدن عبر جمعيات إسلامية وتعليمية حملت أسماء ثقافية ودينية، فإن محاولات التنظيم لم تحقق أهدافها الكبرى. من أبرز هذه الكيانات الرابطة الإسلامية في النمسا، التي تأسست كمركز دعوي ثم تحولت إلى مظلة لأنشطة اجتماعية وشبابية. وخلال التسعينيات، لعب التنظيم الدولي دورًا مهمًا في دعمها؛ وكان إبراهيم الزيات من ألمانيا بمثابة حلقة الوصل المالية والتنظيمية..
حيث جرى ضخ استثمارات في العقارات والجمعيات الوقفية لتعزيز الحضور. كذلك، ساعدت الروابط مع شبكات تركية مقربة من حزب العدالة والتنمية في ترسيخ نفوذ جماعة الإخوان داخل الجالية التركية الكبيرة بالنمسا.
في البداية، حاولت هذه الشبكات تقديم نفسها كشريك للدولة في قضايا الاندماج والحوار بين الثقافات. وعُقدت لقاءات مع بعض الأحزاب، خصوصًا من يسار الوسط، لكنها بقيت محدودة، ولم تحمِ الجماعة من موجة الرفض الشعبي والسياسي التي تزايدت لاحقًا.
ومع مرور الوقت، أدركت السلطات النمساوية أن الخطر لا يقتصر على أنشطة خارجية أو دعاية فكرية، بل يمكن أن يتحول إلى تهديد داخلي مباشر. وقد تجلى ذلك بوضوح في هجوم فيينا الإرهابي عام 2020، حين فتح شاب متأثر بداعش النار وسط العاصمة وقتل أربعة أشخاص. كانت الصدمة عميقة، ورد الدولة جاء حاسمًا.
بعد أيام فقط، أطلقت الأجهزة الأمنية "عملية الأقصر"، أكبر حملة في تاريخ البلاد ضد شبكات مرتبطة بالإخوان وحماس. شملت العملية أكثر من 60 مداهمة لمنازل وجمعيات وشركات، صودرت خلالها أصول مالية ووثائق، وفتح تحقيق مع عشرات الأشخاص. لم يكن اختيار الاسم اعتباطيًا، بل جاء ليعكس حضورًا قديمًا في الذاكرة الأمنية النمساوية، لكن هذه المرة داخل أراضيها.
الخطاب الرسمي النمساوي اتسم بوضوح غير مسبوق. ففي عهد المستشار السابق للنمسا "سيباستيان كورتس" أُنشئ مركز توثيق الإسلام السياسي لرصد خطاب الجماعة وأنشطتها. وهكذا أصبحت النمسا أول دولة أوروبية صغيرة نسبيًا لكنها دخلت في مواجهة علنية ومؤسسية مع التنظيم. وقد أدركت الحكومة أن التمويل مثّل عنصرًا أساسيًا في نشاط الإخوان داخل البلاد. الجمعيات اعتمدت على تبرعات محلية من الجاليات، لكنها استفادت أيضًا من دعم خارجي، خاصة من قطر وتركيا. هذه الموارد لم تُستخدم فقط لبناء مساجد، بل لتأطير جيل جديد من الشباب داخل الجامعات والمدارس، وهو ما أثار قلق الأجهزة الأمنية. التقارير الرسمية عززت هذا النهج. جهاز الاستخبارات المدني (VSSE) أكد في تقريره لعام 2020 أن الإخوان يمثلون تهديدًا ذا أولوية عالية، ليس بسبب أعمال عنف، بل لبنائهم هياكل موازية تُعزز العزلة الثقافية وتكرّس الولاءات الأيديولوجية. كما أوصت لجنة الرقابة البرلمانية على الأجهزة الأمنية (Comité R) عام 2022 بزيادة التنسيق بين الشرطة والاستخبارات لمتابعة هذه الشبكات بدقة. هكذا بدت النمسا وكأنها اختارت طريقًا مختلفًا عن باقي أوروبا: مواجهة صريحة، تسمي الأشياء بأسمائها وتضع خطوطًا حمراء واضحة. من هجوم فيينا 2020 إلى عملية الأقصر التي دشّنت المواجهة الأمنية، ترسخت صورة البوابة اليقِظة التي قررت إغلاق الطريق أمام تمدد الإسلام السياسي إلى قلب القارة. الإخوان في ألمانيا.. معادلة متناقضة حقنة تحت الجلد... الإخوان في المجتمع الهولندي لكن يبقى السؤال مطروحًا: هل تتحول النمسا إلى نموذج يُحتذى به في أوروبا لمواجهة الإخوان، أم ستظل استثناءً وحيدًا يضيء الطريق بينما تصر العواصم الأخرى على الوقوع في فخ التردد والتناقض؟ ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا