المنتج كريم أبو ذكري لا يعرفني، وأنا أعرفه من خلال أعماله، لكنني لم ألتقيه شخصيا.. ومع ذلك فأنا مدين له بالشكر والامتنان.. لماذا؟ أقولك.. لطالما عاشت الدراما العربية تحت سطوة ما يمكن تسميته ب النجم الأوحد. كان كل موسم درامي، خصوصا في رمضان، يدار كحلبة صراع مغلقة، يتنافس فيها كبار النجوم على خطف الأضواء، فيما يقف المبدعون الشباب على الهامش، يراقبون بأعين مشتعلة لكن بلا فرص.. هذا النموذج صنع نجاحات تجارية ضخمة، لكنه ترك وراءه فراغا إبداعيا، ورتابة تسللت إلى روح المشاهدين الذين ملوا من تكرار نفس الوجوه ونفس الحكايات.
لكن في لحظة فارقة، قرر المنتج كريم أبو ذكري كسر هذه المعادلة، والرهان أو ربما المقامرة لا على اسم كبير، بل على فريق كامل من العقول الشابة، كان رهانه على مسلسل ما تراه ليس كما يبدو، أشبه بإعلان ثورة صغيرة داخل صناعة تحب النظام وتخاف التغيير. ثورة تقول: النجاح لم يعد حكرا على الأسماء الثقيلة، بل على الموهبة الحقيقية أينما كانت. اختار أبو ذكري أن يهندس عمله على هيئة حكايات قصيرة بدل المسلسل التقليدي. 35 حلقة، موزعة على سبع حكايات، كل منها لا تتجاوز خمس حلقات، هذه البنية الإنتاجية بدت للوهلة الأولى مغامرة، لكنها في الحقيقة كانت أشبه بتوزيع الأوراق على أكثر من طاولة. ففي حال تعثرت حكاية، تنهض الأخرى، وإذا نجح بعضها، يكتسب العمل كله زخما جماهيريا. ثم جاء التوقيت ليضاعف الذكاء في المقامرة، فبدلا من زج المسلسل في معركة رمضان المزدحمة، اختار الأوف سيزون، حيث العيون أقل تشتيتا والجمهور أكثر استعدادا لاكتشاف المختلف، وهكذا تحول غياب رمضان من مخاطرة إلى ميزة تنافسية، وفتح نافذة لمسلسل يفرض نفسه على النقاش العام بلا ضوضاء الحملات الموسمية. الورقة الرابحة الأولى كانت الكتاب، شباب نسمة سمير في بتوقيت 2028 وهند عبدالله في حكاية هند ومحمد حجاب في حكاية فلاش باك وأنت وحدك قدموا نصوصا محكمة، مليئة بالغموض والتشويق، نالت إشادات نقدية بوصفها أول عمل تلفزيوني ناجح لكاتب صاعد، الفكرة المركزية – أن الظاهر ليس دائما الحقيقة – تعكس بدقة عقلية جيل يريد أن يفتت الصور النمطية، وأن يكتب بلغة عصره لا بلغة محفوظة في دفاتر الماضي. المسلسل كان بمثابة ورشة جماعية لمخرجين شباب مثل خالد سعيد ومحمود زهران وغيرهما. كل واحد منهم وضع بصمته الخاصة على الحكايات، مما خلق تنوعا بصريا وسرديا قل أن نراه في عمل واحد. لم يعد الإخراج مجرد تنفيذ، بل أصبح تجريبا متنوع الإيقاعات. هنا يسطع الرهان الأكبر أو المقامرة: البطولة الجماعية. وجوه مثل أحمد خالد صالح وهنادي مهنا ويوسف عثمان وتارا عماد وليلى أحمد زاهر قادت الحكايات بقدرات تمثيلية قبل أن تقودها بأسمائها، لم تكن هناك بطلة أوحد أو بطل أوحد، بل كان الأداء هو المعيار، هذا التحول أثبت أن الجمهور أكثر ذكاء مما يظن المنتجون التقليديون: هو يبحث عن صدق الأداء لا لمعان الاسم. المسلسل تصدر الترند في مصر ووصل إلى المركز الثالث عالميا على منصة X. أصبح مادة للنقاش والتحليل، وتحول إلى عمل حي يعيش في تفاعلات الناس، لا مجرد عرض ينسى بعد انتهاء الموسم. إنها لحظة إعادة تعريف للنجاح حيث لم يعد نجاح العمل مرهونا بتمثال على منصة تكريم، بل بقدرته على خلق تواصل حي مع الجمهور، وإشعال نقاش يتجاوز حدود الشاشة. لأكن منصفا نعم هناك فجوات في بعض السيناريوهات، وأحيانا إيقاع متباطئ أو أداء غير مكتمل من بعض الممثلين، لكن هذه الملاحظات لا تحسب ضد التجربة بقدر ما تثبت أنها تجربة حقيقية، لا نسخة مصقولة آليا، أي عمل يكسر القواعد لا بد أن يتعثر أحيانا، لكن هذه التعثرات هي علامات طريق لا عيوب قاتلة. الأثر الأكبر لهذه التجربة ليس في نجاح المسلسل نفسه، بل في الرسالة التي يتركها للصناعة وهي يمكن أن ننتج دراما مختلفة خارج رمضان، يمكن أن نقود العمل ببطولة جماعية، ويمكن أن نعتمد على الشباب بلا خوف. الأهم أن هذا النموذج قد يفتح الباب أمام الدراما المتخصصة، حيث تخرج الأعمال من القوالب الجاهزة لتخاطب شرائح متنوعة وتتناول قضايا أعمق. 220 يوم.. حين يكتب الزمن روايته الأخيرة الباحثون عن البيض.. من زمن الرجالة لزمن وجع الضهر مسلسل ما تراه ليس كما يبدو أعده وثيقة تقول إن صناعة الدراما العربية ليست مجبرة على البقاء سجينة النجم الأوحد، إذ أثبت كريم أبو ذكري أن المال وحده لا يصنع نجاحا، وأن الرهان الحقيقي هو على العقول المبدعة، على الأقلام الجديدة، على الأداء الصادق، على الشجاعة في كسر النمط. لقد كان الرهان على جيل الشباب.. وكان رهانا رابحا بكل المقاييس. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا