ختام البرنامج الثاني من فعاليات مبادرة الحزم التدريبية لكوادر الإدارة الحكومية    المستشارة أمل عمار: تنسيق كامل مع الهيئة الوطنية للانتخابات لتوفير الدعم للسيدات    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    مدبولى: زيادة حجم أسطول مصر للطيران ب28 طائرة جديدة    لحظة تحطم طائرة عسكرية تركية على متنها 20 شخصا في جورجيا (فيديو)    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    ممداني وهاشمى وحمود وبيضون..فوز مرشحين مسلمين في انتخابات البلديات هل يغير السياسة الأمريكية المنحازة للصهاينة ؟    وزير الرياضة يتابع بعثة مصر المشاركة في التضامن الإسلامي    مسار يكتسح 15 أغسطس بخماسية في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    إخماد حريق في مخزن دراجات نارية على طريق المحلة- المنصورة في الغربية    كشف ملابسات مقطع فيديو لمشاجرة بسبب أولوية المرور بالقاهرة وضبط المتهمين    بعد استقرار حالته الصحية.. خروج محمد صبحي من العناية المركزة    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن جدول أيام الصناعة الكامل في دورته ال46    محافظ المنيا مشيدا بالناخبين: حريصون على المشاركة فى العرس الديمقراطى    انطلاق ورش مهرجان القاهرة للطفل العربي في يومه الأول (تفاصيل)    المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب.. إقبال متوسط بلجان اقتراع الغردقة للإدلاء بالأصوات    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة سموحة في سوبر اليد    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    فريق طبي بمستشفى العلمين ينجح في إنقاذ حياة شاب بعد اختراق سيخ حديدي لفكه    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    دويدار يهاجم زيزو بعد واقعة السوبر: «ما فعله إهانة للجميع»    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    «الهولوجرام يعيد الكنوز المنهوبة».. مبادرة مصرية لربط التكنولوجيا بالتراث    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    "طلاب ومعلمون وقادة" في مسيرة "تعليم الإسكندرية" لحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب 2025    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغز ال 629 مليار جنيه.. خبراء: الفائض الحكومي الأولي مؤشر محاسبي فقط وسببه زيادة الضرائب.. لا ينعكس على معيشة المواطنين.. والقروض تؤثر على مستقبل المصريين
نشر في فيتو يوم 30 - 08 - 2025

رغم ما أعلنته الحكومة مؤخرًا عن أنها حققت أعلى فائض أولى فى تاريخ المالية العامة المصرية، بلغ نحو 629 مليار جنيه خلال العام المالى 2024/ 2025، بنسبة 3.6% من الناتج المحلى الإجمالي، ورغم تأكيد وزير المالية أن هذا الإنجاز تحقق وسط صدمات خارجية قاسية مثل تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60%، يبقى السؤال الأهم مطروحًا: لماذا لا ينعكس هذا الفائض القياسى على حياة المواطنين اليومية؟!
البيانات الرسمية تتحدث عن نمو غير مسبوق فى الإيرادات الضريبية بنسبة 35%، وتحسن فى المؤشرات الاقتصادية والاستثمارية، وتخصيص مليارات إضافية لقطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، لكن فى المقابل، ما زال المواطن يواجه أعباء معيشية متزايدة، وتظل خدمة الدين العام تلتهم النصيب الأكبر من الموازنة، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول أولويات الإنفاق العام، ومدى استدامة هذا الفائض، وما إذا كان يعكس تحسنًا حقيقيًا فى الاقتصاد أم مجرد توازنات محاسبية.
محللون اقتصاديون يرون أن الصورة الكاملة تظل أكثر تعقيدًا، وأن الفائض وحده لا يعنى تحسن معيشة المواطنين.
وبحسب البيان الرسمي، فإن الإيرادات الضريبية ارتفعت بنسبة 35% لتصل إلى 2.2 تريليون جنيه، فيما بلغ نمو الإيرادات العامة 29% مقابل نمو المصروفات الأولية ب 16.3% فقط، وهذه المؤشرات تبدو دليلًا على انضباط مالي، لكن الواقع – كما يشير اقتصاديون – أن الفائض الأولى لا يأخذ فى الاعتبار أعباء خدمة الدين، والتى تلتهم سنويًا ما يفوق نصف الإنفاق العام.
وتسوق الحكومة الفائض كإنجاز، بينما تظل مشكلة الدين العام قائمة، مع استمرار ارتفاع الفوائد والأقساط، وهو ما يقلص قدرة الدولة على زيادة الإنفاق الاجتماعى أو الاستثمار فى البنية التحتية والإنتاج. ورغم إعلان تخصيص 4 مليارات جنيه لتعيين 160 ألف معلم، و6.25 مليار جنيه لبرامج التغذية المدرسية، وعلاج 80 ألف حالة حرجة على نفقة الدولة، إلا أن هذه المخصصات تظل محدودة جدًا إذا ما قورنت بحجم الفائض المُعلن.
ومن جانبه، يرى الخبير الاقتصادى محمد فؤاد أن الفائض الأولى هو مؤشر "محاسبي" بالأساس، يعكس قدرة الحكومة على تغطية إنفاقها الجارى باستثناء خدمة الدين، لكنه لا يعكس حقيقة الأوضاع المعيشية، إذ يتحقق غالبًا عبر إجراءات تقشفية تشمل رفع أسعار السلع والخدمات، تقليص الدعم، وتوسيع القاعدة الضريبية.
وأضاف فؤاد فى تصريح خاص ل«فيتو» أن الحكومة تروج للفائض باعتباره نجاحًا أمام المستثمرين والدائنين، لكنها لا توضح أن المواطن هو من يدفع الثمن عبر ارتفاع الأسعار وتآكل الدخول.
وأوضح فؤاد أن الفائض فى مصر تحقق خلال السنوات الأخيرة عبر زيادة الضرائب غير المباشرة كالضريبة على القيمة المضافة، وتخفيض دعم الطاقة تدريجيًا ورفع أسعار الوقود والكهرباء، بجانب ضغط موازنات الصحة والتعليم مقارنة بالاحتياجات الفعلية، وتقليص أو تأجيل بعض الاستثمارات الحكومية.
ويرى فؤاد أن استمرار الاقتراض رغم تحقيق فائض أولى يعكس مفارقة كبيرة؛ فبينما يرسل الفائض رسالة إيجابية للأسواق، فإن الدين العام لا يزال عند مستويات مرتفعة، حيث يقترب من 95% من الناتج المحلى الإجمالي، وهو ما يتجاوز حدود الأمان العالمية (60–70%).
وأوضح الخبير الاقتصادى أن الجزء الأكبر من الفائض يذهب لسداد فوائد الدين، بينما يبقى نصيب محدود لتوسيع الإنفاق الاجتماعى أو تحسين الخدمات، ومع ارتفاع التضخم وتآكل القوة الشرائية، لا يلمس المواطن الأثر المباشر لهذه الأرقام.
ومن جانبه، قال هانى أبو الفتوح: إن الفائض الأولى هو الفرق بين الإيرادات العامة للدولة ومصروفاتها، مع استبعاد مدفوعات فوائد الدين، أى أنه يعبر عن قدرة الحكومة على تغطية نفقاتها التشغيلية من الإيرادات دون الحاجة لاقتراض إضافى لتغطية العجز، ويُنظر إليه كمؤشر مهم لدى المؤسسات الدولية وصندوق النقد، لأنه يعكس قدرة الدولة على خدمة ديونها.
وأضاف أبو الفتوح فى تصريح خاص ل«فيتو» أن الفائض تحقق بدعم من زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 35% لتصل إلى 2.2 تريليون جنيه، وهو ما جاء نتيجة تسهيلات ضريبية عززت الامتثال الطوعى دون فرض أعباء جديدة مباشرة، كما ساهم نمو الصادرات بنسبة 30%، وارتفاع الاستثمارات الخاصة بنسبة 80% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، فى تعزيز هذه النتائج.
وأوضح أنه رغم الأرقام الإيجابية، فإن الشارع المصرى يطرح سؤالًا منطقيًا، وهو إذا كانت الموازنة تحقق فائضًا، فلماذا لا يخف العبء على المواطنين؟!، والإجابة أن الفائض يأتى فى سياق التزامات دولية، فالحكومة مطالبة أمام صندوق النقد والمؤسسات المالية بتحقيق مؤشرات مالية مستقرة، ما يجعل الأولوية خفض الدين وخدمة التزامات الدولة، لا زيادة الإنفاق الاجتماعي.
دوامة الديون.. لف وارجع تانى!
أزمة الدين المصرى ليست مجرد أزمة أرقام، بل هى أزمة اختيارات سياسية تفضل دائنى الدولة على مواطنيها، مع استمرار الحكومة فى الاعتماد على القروض الجديدة لسداد القديمة، وبيع أصول الدولة الاستراتيجية، وتقليص الإنفاق الاجتماعي، تتعمق الأزمة الإنسانية إلى جانب الأزمة الاقتصادية.
ووفقا لأحدث البيانات، ارتفع الدين الخارجى لمصر إلى 1.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام ليسجل 156.7 مليار دولار مقابل 155.1 مليار دولار بنهاية 2024، وتحتاج الحكومة المصرية لدفع نحو 20.3 مليار دولار من الديون الخارجية المستحقة على مصر فى النصف الثانى من 2025، حيث تمثل هذه الأرقام ضغطا هائلا على الموازنة العامة للدولة، لأنها تلتهم مدفوعات الفوائد والأقساط الجزء الأكبر من الإيرادات، مما يحول دون توجيهها نحو التنمية البشرية والاقتصادية.
إن الخلاص من هذه الدوامة يتطلب مراجعة جذرية لسياسات الاقتراض والإنفاق، وتحولا حقيقيا نحو العدالة الضريبية، وزيادة الشفافية والمحاسبة، وإعطاء أولوية حقيقية للتنمية البشرية بدلا من خدمة الديون، وبدون هذه الإصلاحات الجذرية، ستستمر الحلقة المفرغة من الديون والتقشف فى إحكام قبضتها على الاقتصاد والمجتمع المصرى لسنوات قادمة، حيث يمثل العام المالى 2024/ 2025 فترة حاسمة للاقتصاد المصري، حيث تتشابك فيه جهود الدولة لتأمين تمويلات جديدة لدعم الموازنة العامة وتمويل المشاريع التنموية، مع تحدى سداد أقساط وفوائد ديون ضخمة مستحقة بالفعل، مما أثار العديد من التساؤلات، حول ما هى القروض التى حصلت عليها الحكومة خلال هذا العام المالي، وإلى أين تذهب هذه الأموال؟
فى البداية سوف نستعرض حجم الدين الخارجى وطريقة توزيعه، حيث تشكل الديون طويلة ومتوسطة الأجل نحو 82% من إجمالى الدين الخارجي، أى حوالى 127.5 مليار دولار، أما بالنسبة للديون قصيرة الأجل تمثل 27.7 مليار دولار من إجمالى الدين، وبذلك فإن الدين المقوم بالدولار يمثل أكثر من ثلثى الديون الخارجية للبلاد.
وبالنسبة لمصادر التمويل الخارجى التى حصلت عليها مصر خلال العام المالى الماضي، فإن الحكومة تعتمد على مجموعة متنوعة من المصادر لتمويل ديونها، حيث تم الاتفاق مع صندوق النقد على قرض بقيمة 8 مليارات دولار، تم صرف 3.2 مليار دولار من الشرائح الأربعة للصندوق، وهذا بالإضافة إلى قرض صندوق الصلابة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار، أما بالنسبة للبنك الدولي، تم الاتفاق على تمويلات بقيمة 6 مليارات دولار حتى عام 2026، تنقسم إلى 3 مليارات دولار لدعم الموازنة و3 مليارات دولار للقطاع الخاص.
أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، تم الموافقة على تمويلات لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو، وهى عبارة عن 5 مليارات يورو كقروض ميسرة، و1.8 مليار يورو للاستثمارات، و600 مليون يورو كمنح، كما قدمت المملكة المتحدة تمويلا بقيمة 400 مليون دولار لدعم الاقتصاد المصري، أما ألمانيا قدمت تمويلات بنحو 103.5 مليون يورو، وهى عبارة عن برامج تنموية تشمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتعليم الفني، وبالنسبة لصندوق التعاون الاقتصادى والتنمية الكورى أتاح تمويلا بنحو 100 مليون دولار لدعم مشاريع الطاقة والاستثمار، وبنك التنمية الأفريقى قدم 131 مليون دولار لتشجيع استثمارات القطاع الخاص والتحول الأخضر.
وبالنسبة لمدفوعات الديون خلال العام المالى 2024/ 2025، حيث سددت مصر 21.35 مليار دولار كخدمة دين (أقساط وفوائد) خلال النصف الأول من العام المالى 2024/ 2025، وفقا للبنك المركزى المصري، حيث سددت فى الربع الأول، 7.95 مليار دولار (5.609 مليار دولار أقساط + 2.344 مليار دولار فوائد، أما الربع الثانى تم سداد 13.4 مليار دولار من فوائد وأقساط الديون الخارجية.
وللرد على سؤال أين تذهب أموال القروض؟ فإن القروض الجديدة تتوزع استخداماتها على عدة محاور رئيسية، يحصل ملف سداد الديون القديمة على نصيب الأسد، حيث يستخدم جزء كبير من التمويل الجديد لسداد أقساط وفوائد قروض قائمة حان أجل استحقاقها، هذا الإجراء ضرورى للحفاظ على السجل الائتمانى لمصر وتجنب التعثر.
كما يتم استخدام جزء آخر لدعم الموازنة العامة، عبر تمويل بنود الإنفاق الرئيسية فى الموازنة، وعلى رأسها أجور الموظفين، والدعم خاصة السلع التموينية والخبز، والإنفاق على قطاعى الصحة والتعليم، وهذا بالإضافة إلى تمويل المشاريع القومية والبنية التحتية، ناهيك على توفير السلع الاستراتيجية حيث يلعب التمويل الخارجى دورا فى تأمين العملة الصعبة اللازمة لاستيراد سلع أساسية لا غنى عنها، مثل القمح، والوقود، والأدوية، ومستلزمات الإنتاج الصناعى والزراعي.
أعباء الديون تتضاعف
وقال الدكتور عادل عامر الخبير الاقتصادي، إن مصر عانت من الديون الخارجية خلال فترات طويلة من تاريخها الحديث، مشيرا إلى أنه فى كل تواريخ مصر كانت مديونة، ولكن فى السنوات الأخيرة أثرت بشكل ملحوظ فى حياة المواطن العادي، حيث ساهمت زيادة الديون وأعباء خدمتها فى ارتفاع نصيب الفرد من الدين الخارجى بالدولار، وهذا لأنه كان نصيب الفرد فى عام 2013 بنو 536.4 دولار، ووصل 2023 إلى 1446.3 دولار من حجم الديون.
وأضاف عامر، فى تصريحات خاصة ل"فيتو"، أن هذا الأمر، أدى إلى أن الاستدانة تسببت فى تعويم الجنيه المصاحبة إلى زيادة غير مسبوقة فى الأسعار، وتوقف معها المواطنون عند شراء بعض السلع الأساسية مع إلغاء بنود استهلاكية بشكل كبير والمفاضلة بين الطعام والملبس، وراجت السلع رديئة الصنع، مما جعل المواطن يبحث عن السلع الأقل سعرا، بغض النظر عن تأثيرها فى صحته أو على المدى الطويل، كما زاد الشراء بالتقسيط واللجوء إلى القروض وسحب المدخرات.
وعن تصريحات الحكومة حول التحسن الاقتصادى فى مصر، أكد أن الدين الخارجى لمصر مرتفع بشكل كبير، وحرصت الحكومة خلال العام الماضى وبداية العام الجاري، على الفوز بتدفقات دولارية من الاتحاد الأوروبى موزعة على شكل قروض واستثمارات ومنح تقدر ب 8.06 مليار دولار تقريبا على مدى أربعة أعوام، وقبلها اتفقت الحكومة مع دولة الإمارات على استثمارات مباشرة فى منطقة رأس الحكمة على البحر المتوسط تقدر ب 35 مليار دولار.
وأوضح، أن هذه القروض والمنح ساهمت فى توفير العملة الصعبة الشحيحة والضاغطة على الاقتصاد المصرى مما قلل من الضغط الشعبى على الحكومة المصرية، ولكن لم تحل التدفقات الدولارية أزمات المواطنين وعثراتهم فى الحياة اليومية، بل أظهرت أزمة الاقتراض واستخدام السيولة الجديدة لسداد ديون سابقة والحصول على قروض جديدة ما يعرف بترقيع الديون، لأن الديون الخارجية تصل إلى المواطن فى صورة تضخم يرفع أسعار السلع والخدمات ويحدث تآكل فى مدخراته.
وأشار، إلى أن هذه التدفقات تأتى بشروط من الجهات المانحة، وهذا لأنه لا يمنح أحدا أى أموال بدون أى شروط أو التزامات أو اتخاذ إجراءات محددة لحماية هذه القروض من وجهة نظرهم وقدرة الدولة على السداد، والتى يأتى فى مقدمتها صندوق النقد الدولي.
وأشار، إلى أن مصر خلال العشر سنوات الأخيرة، بداية من 2014 وحتى 2024، سددت ديونا خارجية بقيمة 103 مليارات دولار، وهى عبارة عن 28 مليار دولار فوائد، و74 مليار أقساط، مؤكدا أن فوائد الدين تأكل أى تنمية، وأى تحسن للاقتصاد، بل تساهم فى رفع نسب التضخم، مما يجعل الديون عبارة عن حل مؤقت وليس حلا دائما.
حلول دائمة
وعن الحلول الدائمة للأزمات الاقتصادية، أوضح، أن الحل الدائم يجب أن يكون عبارة عن استثمارات مباشرة والتركيز على الصناعة، والتجارة، وزيادة معدلات التصدير، مما يوفر فرص عمل للشباب، ويؤدى إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد ويبث فى الاقتصاد المصرى اقتصادا مباشرا وليس اقتصادا ريعيا.
وتابع: الاقتصاد الريعى جعلنا نتأثر بشكل كبير بأزمة كورونا، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات الجيوسياسية فى الشرق الأوسط، مما انعكس عليها توقف حركة الملاحة فى قناة السويس بشكل شبه كامل، بالإضافة إلى توقف سلاسل الإمداد مما انعكس على المواطن والاقتصاد بشكل سلبي، مطالبا بضرورة أن يكون هناك اقتصاد إنتاجى وقوى يؤدى إلى وجود حلول حتى يخدم ويحمى مصالح الأجيال القادمة.
وعن تأثير القروض على الاقتصاد المصري، أكد الدكتور عادل عامر، أن الحكومة تفضل الاتجاه لعمليات الاقتراض المتتالية، مع فرض المؤسسات الدولية شروطا صعبة لإعطاء مصر القروض، مما جعل الحكومة تلجأ لخفض الإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية استجابة لهذه الجهات المانحة.
وأشار، إلى أنه تم تخفيض نسبة الدعم والمنح والمزايا خلال العشر سنوات الأخيرة إلى 37.4% من حجم هذا الدعم، ومن المتوقع أن تصل نسبة تخفيض الدعم الكلى فى كل الخدمات والمزايا والمنح الاجتماعية إلى 50% بنهاية 2025، وهذه نسبة كبيرة لشعب فقير.
واستكمل: أنه فى مقابل ذلك من الضرورى أن تقوم الحكومة بتقليل الإنفاق على الصحة والتعليم، وهذا بالمخالفة للنص الدستورى للمادة 18 و19 من دستور 2014 التى تلزم الدولة بإنفاق حد أدنى 3% من إجمالى الناتج القومى الإجمالى على الصحة و4% على التعليم، وتتصاعد هذه النسبة تدريجيا لتتوافق مع المعدلات العالمية، ورغم مرور عشر سنوات على إقرار الدستور لا تزال نسب الإنفاق على التعليم والصحة أقل بكثير من الاستحقاق الدستوري.
وعن حلول الأزمات الاقتصادية بسبب الديون، أكد الدكتور عادل عامر، أن أى دولة تبحث عن حلول يجب أن تبدأ بالتركيز على تقليل الدين الداخلى بصورة كبيرة جدا، وتعتمد على الإنتاج المحلى وبث الاستثمارات الصناعية والإنتاجية فى الاقتصاد المصري، بجانب الاعتماد على الاقتصاد الإنتاجى والاقتصاد الخدمي، وتغيير أنماط استهلاك المصريين عموما، ليس المصريين هم المواطنون فقط ولكن الحكومة والدولة والقيادة السياسية، وكل مؤسسات الدولة، عبر تغيير نمط الاستهلاك والصرف، مع تقليل حجم الإنفاق على الصرف على الخدمات الاستهلاكية التى تقدمها، حتى يتم تقليل حجم الخسائر أو العجز فى الموازنة العامة للدولة، مضيفا أنه إذا وصلت الدولة إلى تقليل حجم العجز فى الموازنة العامة للدولة حتى لو 10% تكون نجحت فى الاقتصاد فى توفير بيئة الاقتصاد الإنتاجي.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.