أكدت دراسة علمية للباحث المصرى الدكتور عبدالرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى، أن مكتبة "دير سانت كاترين" تعد الثانية على مستوى العالم بعد مكتبة الفاتيكان، لاحتوائها على مخطوطات نادرة تؤكد مبدأ تسامح الأديان. وقال ريحان، فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن المكتبة تضم أقدم مخطوط للتوراة فى العالم، وهو مخطوط التوراة اليونانية المعروفة باسم "كودكس سيناتيكوس"، الذى كتبه أسبيوس أسقف قيصرية عام 331 م تنفيذا لأمر الإمبراطور قسطنطين حتى وصل إلى الإمبراطور جستنيان فأهداه للدير عام 560 م. وأضاف أن المخطوط بدير سانت كاترين اكتشفه العالم الروسى قسطنطين تشيندروف عند زيارته للدير أعوام 1844، 1853، 1859.. وبعد الزيارة الأولى أخذ أوراقا عديدة من المخطوط إلى جامعة ليبزج بألمانيا والجزء الأكبر من الوثيقة حصل عليه تشيندروف فى رحلته الأخيرة وهى التى قدمها إلى الإسكندر الثانى قيصر روسيا وحفظت بمدينة سان بطرسبورج بأمر القيصر الروسى، وأعيد نسخها وأرسلت نسخة لدير سانت كاترين، وفى عام 1933 باعتها الحكومة الروسية للمتحف البريطانى بمبلغ 100 ألف جنيه إسترلينى. وطالب الباحث المصرى بعودة هذا المخطوط من ألمانيا وبريطانيا إلى موطنه بدير سانت كاترين بمصر.. منوها بأن المكتبة تحوى أيضا أهم مخطوط إسلامى فى العالم وهو مخطوط العهدة النبوية المحفوظة صورة منها بمكتبة دير سانت كاترين بعد أن أخذ السلطان سليم الأول النسخة الأصلية عند فتحه لمصر 1517م وحملها إلى الأستانة وترك لرهبان الدير صورة معتمدة من هذا العهد مع ترجمتها للتركية وهى العهدة التى أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم للنصارى طبقا لتعاليم الإسلام السمحة. وأوضح ريحان أن فى هذه العهدة أمانا كاملا للمسيحيين على أموالهم ومقدساتهم وأملاكهم وحريتهم الشخصية وحرية العقيدة، وبها أمر من النبى صلى الله عليه وسلم للمسلمين كافة بعدم التعدى على المقدسات المسيحية وحمايتها والمعاونة فى ترميمها والمعاملة الحسنة الطيبة للمسيحيين ودفع الأذى عنهم وحمايتهم، واعتبر هذا سنة عن الرسول الكريم ومن يخالف ذلك تستوجب عليه اللعنة وقد طالب أيضا بعودة العهدة الأصلية من تركيا. وأكد الباحث المصرى الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى أن مكتبة دير سانت كاترين تحوى 6 آلاف مخطوط بالإضافة لألف كتاب حديث منها مخطوطات يونانية ولاتينية وعربية وقبطية وأرمينية وهى مخطوطات دينية، تاريخية، جغرافية، فلسفية. وبعض هذه المخطوطات كتبت فى سيناء وبعضها من فلسطين وسوريا واليونان وإيطاليا، كما تحوى المكتبة عددا من الفرمانات من الخلفاء المسلمين لتأمين أهل الكتاب. وحول المخطوطات العربية بالمكتبة، قال ريحان إن عددها 600 مخطوط تتناول دراسات تمتاز بقيمتها فى النواحى العلمية والتاريخية والفلسفية والفكرية والثقافية، وأهم ما يلفت النظر فى معظم المخطوطات العربية ذات الطابع المسيحى هو وجود التأثيرات العربية الإسلامية فيها، وذلك بعد أن أصبحت سيناء وديرها وآثارها تابعة للسيادة الإسلامية حيث تبدأ المخطوطة المسيحية بالبسملة وتختتم بالحمد لله وتؤرخ بالتقويم الهجرى. وأشار إلى أن المكتبة تحوى مجموعة من الوثائق العربية الصادرة من ديوان الإنشاء بمصر فى عهد الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين إلى الدير ورهبانه تلقى الضوء على طبيعة العلاقات بين رهبان الدير والمسلمين تكشف عن سياسة التسامح التى سارت عليها السلطات العربية الإسلامية حيال أهل الذمة (المسيحيين واليهود) والتى أوضحت بجلاء أن رهبان طور سيناء كانوا يعيشون فى ديرهم هادئين مطمئنين، تميز المسلمون بسعة صدورهم وتسامحهم الصادق فى أمور الدين والحريات الشخصية. كما لفت ريحان إلى أن من هذه الوثائق فى العصر الفاطمى 386-410ه، 996-1019م، وثيقة أمان من الخليفة الحاكم بأمر الله، وقد تولى وزارته 4 من المسيحيين وكان طبيبه الخاص مسيحيا وكذلك عهد أمان من الخليفة الحافظ لدين الله بمعاملة القسيسين والرهبان معاملة طيبة وشمولهم بالرعاية وعهد أمان للخليفة الفائز طوله 488 سم يتضمن رعاية شئون الرهبان وتأمين سلامتهم وأموالهم وعهد أمان من الخليفة العاضد طوله 10م يتضمن كل المزايا السابقة إضافة لتسهيل مطالب الرهبان وإصلاح أمورهم. وأكد الباحث المصرى الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى أنه فى العصر الأيوبى 567-648 ه، 1171-1250م، انتهج حكام الأيوبيين سياسة التسامح فكانوا يعنون بالدفاع عن حقوق الرهبان ويتضمن منشور الملك العادل أبوبكر أيوب حماية الرهبان مع إقرار المميزات السابقة. وقال إنه فى العصر العثمانى 922-1213ه 1517-1798م ازدهر دير سانت كاترين وحصل على أملاك عديدة فى كريت ورومانيا، وبنى السلطان سليم الأول عدة حصون لتأمين طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين عبر سيناء إلى القدس وأصدر سلاطين العثمانيين وعلى وجه الخصوص سليم الأول وسليمان القانونى العديد من الامتيازات التى أعانت الدير على أن يصبح قوة اقتصادية كبيرة. وأضاف الباحث أنه فى عهد محمد على 1805-1848م أصبح للدير نسبة من إيراد الجمارك التى تحصل بالقاهرة وسادت روح التسامح فى عهد أسرة محمد على والتى أخذت تثمر فيما بعد وفتحت الأديرة أبوابها للزوار الأجانب وتمت دراسة بعض من مخطوطات الدير. وأوضح ريحان أن من الوثائق المهمة فى هذا العصر فرمان السلطان مصطفى الأول بن محمد 1618م ، الذى أعطاه للدير فى عهد المطران غفريل الرابع ويتضمن الاعتراف بكل المميزات السابقة وكذلك حرية السفر للرهبان لأى مكان خارج مصر، وإعفاء بضائع الدير من الرسوم الجمركية وعدم التدخل فى أى ممتلكات أو مواريث خاصة بهم وحق الامتلاك بطريق الوقف فى أديرتهم وكنائسهم ومزارعهم وبيوتهم وحقولهم وبساتينهم وسائر ممتلكاتهم داخل وخارج مصر.