سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تداعيات ثورة 30 يونيو على الخليج.. تمرد ألهمت البحرينيين للتظاهر 14 أغسطس.. إخوان الخليج طالبوا حكوماتهم بإرسال مساعدات لسوريا بدلا من مصر.. أمير قطر يقلل دعمه للإخوان
أعدت "لوري بلوتكين بوجارت" زميلة أبحاث في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن، دراسة عن "تأثيرات الأحداث المصرية على الخليج" لرصد التحولات التي يمكن أن تؤثر على منطقة الخليج العربي وتأثرها بما يحدث في مصر، بعد ثورة 30 يونيو. وقالت لوري: "عززت الإطاحة بالحكومة التي يقودها الإخوان المسلمون في مصر من الدور الإقليمي للعديد من الحلفاء الأمريكيين المهمين في الخليج، بما في ذلك السعودية والإماراتوالكويت، إذ انتابت الملكيات الثلاث القلق من الأجندة السياسية لجماعة الإخوان في المنطقة وفي داخل دولها". وأضافت أن التعبئة الكبيرة للمعارضة الشعبية لقيادة محمد مرسي وما أعقبها من عزل مرسي من السلطة قد يكون لها إجمالًا تداعيات مختلفة أيضًا على الظروف الأمنية الداخلية لدول الخليج الغنية بالنفط، وتوضح المؤشرات الأولية وجود معارضة قوية ومجتمعات أكثر استقطابًا، الأمر الذي يتطلب بذل جهود جديدة لاحتواء هذا الخلاف. ينبغي على واشنطن أن تشجع حكام الخليج على تقوية مسارات الاستجابة السياسية الداخلية التي اعتادوا عليها مع تبني منهجية مستقبلية أكثر ابتكارًا للأمن. وذكرت لوري عن تصعيد الصراع البحريني أنه منذ بداية الثورات العربية التي اجتاحت المنطقة بشكل واسع في بداية عام 2011، اندلعت في الأصل احتجاجات من البحرينيين الشيعة ضد حكومتهم التي يسيطر عليها السنة مطالبين بمزيد من الحقوق السياسية، ومع ذلك استطاعت القيادة في البلاد محاصرة الجماعة الشيعية الرئيسية "الوفاق" وقامت بإجراء حوار وطني مع منع انتقال حرب الشوارع التي كانت تندلع كل ليلة خارج المناطق الشيعية. ومع ذلك، ففي أوائل هذا الشهر، ألهمت حركة "تمرد"، التي دفعت الملايين من المصريين للنزول إلى الشوارع، بعض البحرينيين للقيام بنفس الحملة، وفي الثالث من يوليو، يوم الإطاحة بمرسي، أصدرت حركة "تمرد" البحرينية بيانها الأول دعت فيه إلى قيام مظاهرات سلمية في 14 أغسطس، تاريخ انسحاب القوات الاستعمارية البريطانية من البلاد عام 1971، لمطالبة السلطات بنقل السلطة إلى الشعب، وهناك أيضًا شائعات عن وجود تخطيط للقيام باعتصام بالقرب من السفارة الأمريكية في ذلك اليوم، وفي 13 يوليو، رد وزير الداخلية البحريني بتحذير المواطنين من المشاركة في الاحتجاجات. وفاقم من تعقيد الدعم المتزايد الذي تلقته حملة "تمرد" من بين العديد من أحزاب المعارضة البحرينية، بما في ذلك "الوفاق" و"ائتلاف شباب 14 فبراير" والجماعات الشيعية الأكثر تطرفًا التي تشكل "التحالف من أجل الجمهورية"، الارتفاع في وتيرة العنف في الأيام الأخيرة الأمر الذي زاد الضغط على الحكومة.
وفي 21 يوليو، ألقيت قنابل حارقة على منزل عباس عيسى الماضي، النائب الشيعي الذي يعمل بالتعاون مع الحكومة السنية، للمرة الثانية خلال أسبوع، وجاء ذلك في أعقاب تفجير سيارة مفخخة في 17 يوليو خارج مسجد الشيخ السني عيسى بن سلمان الموجود في منطقة تعتبر موطنًا لأفراد العائلة المالكة إلى جانب وقوع هجوم بقنابل محلية الصنع في 6 يوليو الأمر الذي أدى إلى مقتل شرطي وإصابة عدة أشخاص آخرين، ومع اقتراب موعد الاحتجاج في 14 أغسطس، يمكن للمرء أن يتوقع ازدياد الوجود الأمني في الشوارع إلى جانب مداهمات استباقية للمنازل واعتقالات مما يزيد من المخاطر على جانبي الصراع. وعن إثارة الإسلاميين تقول لوري: "انتاب الإخوان وغيرهم من المنتمين للتيار الإسلامي شعورًا قويا بأنهم ظلموا فيما يتعلق بالإطاحة بالحكومة المنتخبة شعبيا التي يقودها الإسلاميون في مصر، وضاعف هذا الشعور سعي الجيش المصري للانتقال السياسي السريع دون اعتبار جماعة الإخوان جزءا من العملية السياسية، كما أن الحقيقة التي مفادها أن حكام الخليج من السعودية والإماراتوالكويت تحمسوا لذلك، حيث بعثوا رسائل تهنئة وقدموا مساعدات تبلغ قيمتها 12 مليار دولار، لم تزد الأمر إلا تعقيدًا". وأضافت لوري أن العديد من الإسلاميين في دول الخليج ردوا بسرعة على هذا التحدي، إذ أدانت "الحركة الدستورية الإسلامية" وهي جماعة سياسية مرتبطة بالإخوان تعهد الحكومة الكويتية بمنح مصر أربعة مليارات دولار في شكل مساعدات واصفة إياها بأنها متسرعة وغير قانونية.
وفي 15 يوليو، تظاهر بعض الكويتيين للتعبير عن إدانتهم للمساعدات، وبعد ذلك بيومين، قام محام محلي برفع قضية ضد مجلس الوزراء لإهداره المال العام، مؤكدًا أن هذا المال ينبغي أن يذهب إلى الثوار في سوريا.
وفي السعودية، أدان بعض الإسلاميين عملية الإطاحة بمرسي وقالوا إن الرياضوالإمارات تقفان وراء هذه الإطاحة، واعتقلت السلطات السعودية رمزين من الرموز الدينية المعروفة هناك لتنديدهما بالإطاحة بمرسي، وبشكل أوسع نطاقًا، تشجع العديد من الإسلاميين في الخليج من المظاهرات المستمرة الداعمة لمرسي في مصر ويبدو أنهم مستعدون للتعبير عن سخطهم على مسار الأحداث في بلدانهم. وأشارت لوري إلى أنه من المحتمل أن يزيد بعض مؤيدي الإخوان في الخليج نشاطهم السري، في الوقت الذي يتشجع فيه الحكام لاتخاذ إجراءات أقوى ضدهم، ومن المحتمل أن يتم التحرك نحو القيام بأنشطة أكثر إبهامًا في الإمارات على وجه الخصوص، حيث قامت السلطات بشيطنة ومحاكمة وإدانة العديد من أتباع الإخوان على مدى العامين الماضيين، وكان آخرها يوم 2 يوليو بسبب قيامهم بأعمال سياسية. وفي قطر، قامت جماعة الإخوان المحلية بحل نفسها في عام 1999 ويدير زعيمها السابق الآن وبشكل علني منظمة لتعليم النشطاء الإسلاميين الشبان، ومع ذلك قد يقلل الأمير الجديد الشاب، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، من دعم قطر لرموز الإخوان الدوليين من خلال ضخ الموارد في أماكن أخرى نظرًا لتطور الأحداث في القاهرة ورغبته التي عبر عنها بألا يدعم اتجاهًا عربيا واحدًا وتفضيله على الآخر، ومن الممكن أن تتسبب هذه المنهجية، مقترنة بوجود تأخير في تحويل الاهتمام إلى الشئون الداخلية للبلاد، في قيام مؤيدي «الإخوان» المحليين بنشاط سياسي سري. وقالت لوري: "ارتبطت رموز من جماعة الإخوان وغيرهم من الإسلاميين في السعودية والكويتوالبحرين وقطر والإمارات بتقديم الأموال والأسلحة والمقاتلين للقوات المناهضة للنظام في سوريا، ويواجه الإخوان المحليون أجواء داخلية تتزايد فيها التحديات، ربما يحوّلون المزيد من اهتمامهم لدعم مثل هذه القضايا في الخارج، وبصفة عامة غضت حكومات الخليج الطرف عن هذا النشاط ومن المرجح أن تستمر في القيام بذلك، لأن هذا يوجّه نشاط الجهاديين خارج البلاد كما يعمل على تيسير بعض أهداف السياسة الخارجية، وفضلًا عن أن السماح بتصدير المقاتلين يعد أمرًا خطيرًا، كما أظهرت التجارب الأفغانية والعراقية، فقد يكون للجهاديين الخليجيين العائدين إلى موطنهم من الحروب الخارجية تأثير خطير على الأجواء الأمنية الداخلية في بلدانهم. وأكدت لوري أنه في الوقت الذي حزن فيه العديد من الإسلاميين على الإطاحة بمرسي على نحو ظاهر، احتفى بهذه الإطاحة العديد من الليبراليين والعلمانيين في المنطقة، وزاد هذا الأمر من تعميق الانقسامات القائمة فعليا بين هذه الجماعات في معظم المجتمعات الخليجية. واستطردت لوري: "لا نستطيع أن نقرر ما إذا كان المثال المصري سيدفع إلى إعادة توازن القوى بين الجماعات الإسلامية في الخليج أم لا، هل ستلتحم هذه الجماعات مع بعضها البعض في تعاون أوثق، أم أن التيار السلفي الأكثر تشددًا سيكسب قوة على حساب جماعة الإخوان ذات النزعة الإصلاحية السياسية؟ إنهم يبدون منقسمين في الوقت الراهن مع وجود بعض الإسلاميين الذين يقفون بجانب أعضاء الجماعة فيما يتعلق بالأحداث في مصر، بينما غيرهم يبعد نفسه عن مثل هذا الارتباط، وسوف يتفاوت هذا الاتجاه تفاوتًا كبيرًا وفقًا لكل بلد، على سبيل المثال، غالبًا ما تعمل الجماعة والسلفيون إلى جانب الحكومة في البحرين، وفي دوائر معارضة ضيقة للحكومة في المملكة العربية السعودية. أما عن التداعيات للسياسة الأمريكية فتقول لوري: "من المحتمل أن تستمر تداعيات الأحداث في مصر خلال الأشهر القليلة القادمة، وسينتج من الاحتكاك الحالي بين الحكومات ومعارضيها من ناحية وبين قوى معارضة مختلفة من ناحية أخرى درجات متفاوتة من الاضطرابات الداخلية في شتى أنحاء شبه الجزيرة العربية، وربما تتشجع بعض القوى لتوسيع نطاق قضاياها، ومن بين أعضائها شيعة سعوديون في المقاطعة الشرقية للمملكة، ونشطاء عمانيون، وسكان الخليج العربي الذين لا ينتمون إلى دولة بعينها". ويرجح أن يلجأ زعماء الخليج، الذين يواجهون تحديات أمنية كبيرة في هذه البيئة الجديدة، إلى أدواتهم السياسية التقليدية التي تشمل تهدئة المعارضة وتوزيع الهبات على دوائر مهمة فضلًا عن الرد على الاضطرابات بمجموعة من الإجراءات الصارمة والقاسية والتنازلات المحدودة، قد يعمد حكام الخليج إلى استغلال الانقسامات المتزايدة في دولهم، عن طريق شيطنة أتباع جماعة "الإخوان" لإضعافهم (في الإمارات والسعودية) وإضعاف قوة الإسلاميين عبر تكوين أنواع جديدة ومختلفة من التحالفات (في قطر) والبناء على استراتيجيات "فرق تسد" (في الكويتوالبحرين) ومن الممكن لجميع هذه المنهجيات أن تقوي الأسر المالكة في الوقت الراهن.