[email protected] أكثر ما يجمع بين أي ديكتاتور وآخر هو الفرص الضائعة. ورغم أن التاريخ القريب والبعيد يحكي لنا دائما كيف كانت نهاية الدكتاتور على غير ما يتوقع، إلا أن ديكتاتورا واحدا في التاريخ لم يتعظ. عادة يكون كل ما حول الدكتاتور من أجهزة تكون من ورق، ما أن تحتد المعركة بينه وبين شعبه حتى يتركونه. ولم يتحقق لديكتاتور ثار عليه شعبه خروج طبيعى من الحياة إلا في حالات نادرة لكن في النهاية التاريخ يدين الجميع أحياء وأموات. وفي الفترة الأخيرة شاهدنا نهاية أكثر من ديكتاتور على يد شعبه في المنطقة العربية. زين العابدين بن علي وحسني مبارك والقذافي وعلي عبد الله صالح. نهايات كلها اشتركت في الخروج القسري من الحكم حيا أو ميتا. وليس ذلك بالتاريخ البعيد حتى يُنسى. لا ينساه إلا ديكتاتور آخر مثل بشار الذي تأخر في الانصياع لطلبات الثورة لم يكن مدهشا سعي الدكتور مرسي الحثيث لسمت الديكتاتور باعتباره رجلا إخوانيا يؤمن بما تؤمن به الجماعة من أنه لا يوجد خارجها من يستحق الحياة كما يستحقها الأهل والعشيرة. الذي كان مدهشا حقا أن الدكتور مرسي ورؤساء الجماعة الكبار لم يفهموا أنه إذا كانت الطوائف الدينية السياسية حكمت يوما في التاريخ ففرصتها الآن أقل بحكم التطور التكنولوجي في الميديا الذي يجعل الشفافية اضطرارا. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى. أنه تعاون مع الدولة العميقة التي تركها مبارك خلفه متصورا أنها ستنسي تاريخ الجماعة الانقلابي وستأمن لها وأنها فقدت ذكاءها الذي يجعلها تدرك أنها مع مرسي لا تزيد عن أداة لقمع الثورة التي حملته إلى الحكم وسرعان ما سينقلب عليها. لم يدرك مرسي أن تاريخ الجماعة لا تنساه الدولة العميقة لمبارك بسهولة. وإذا كانت الثورة نسيته بحكم كونها من شباب بريء لم يمارس السياسة من قبل فهذا لا ينطبق على الدولة العميقة لمبارك. والأهم أنه، مرسي وجماعته، عادوا فور وصوله إلى الحكم لفكرتهم القديمة عن الشباب أنهم شوية عيال، رغم أنهم صانعوا الثورة. كانت أمام مرسي فرص كثيرة لكنه ضيعها كلها وتسبب فيما نحن فيه الآن ويقولون انقلابا ويدافعون عنه، وهو الرجل الذي لم يفهم ما حوله ولم يصدق مع من حوله ولم ير كيف خرج من حوله إلى الشوارع!! وهكذا ضيع مرسي أكثر من غيره كل الفرص التي كانت ممكنة له بالبقاء. لم يكن أسهل من أن يعلن انتخابات مبكرة تقديرا لشعب خرج إلى الشوارع بهذه الكثافة لكنه راهن على الشرطة والجيش التي يتهمها بالانقلاب الآن. كانت ستكون حلوة لو ضربت في الشعب! لم يفهم أي شيء حتى أنه ذهب إلى دار الحرس الجمهوري بنفسه وأعلن ذلك للشعب كأنه يباهيه به أو يغيظه بأن الجيش معه. إلى هذا الحد لم يفهم رغم التحذيرات السابقة الكثيرة من الجيش أنه سيكون مع الشعب.